تفاصيل انقلاب النيجر واللعب مع الكبار.. من مع ومن ضد؟

استبعدت فرنسا أن يكون الانقلاب العسكري في النيجر أمرا “نهائيا”، معربة عن أملها في استجابة الانقلابيين إلى النداءات الدولية للعودة إلى الحكم الديمقراطي، حيث أبلغت واشنطن رئيس النيجر المحتجز محمد بازوم مساندتها للديمقراطية، ودعم الإجراءات الدولية لخفض التصعيد.
وبينما أعلن زعماء الانقلابيين في النيجر أمس حصولهم على دعم عسكري واسع النطاق، قالت فرنسا -القوة الاستعمارية السابقة للنيجر- إنها لا تعتبر “أمرا نهائيا”.
وبحسب “الجزيرة” شددت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في وقت سابق اليوم الجمعة على أن الانقلاب في النيجر ليس “نهائيا بعد”، آملة أن يستجيب الانقلابيون الذين احتجزوا رئيس البلاد إلى الدعوات الدولية للعودة إلى الحكم الديمقراطي.
وقالت كولونا “إذا سمعتموني أتحدث عن محاولة انقلابية فذلك لأننا لا نعتبر الأمور نهائية، ولا يزال هناك مخرج إذا استمع المسؤولون عن تلك المحاولة إلى المجتمع الدولي”.
وأعلنت كولونا أن رئيس النيجر محمد بازوم “بصحة جيدة”، رغم أن مدبري الانقلاب يحتجزونه في مقره. وقالت إن بازوم تحدث إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة، وقال إنه في صحة جيدة”، مضيفة أنه “يمكن الوصول إليه”.
وفي السياق نفسه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته لغينيا الجديدة إن بلاده تدين بأشد العبارات الانقلاب العسكري الذي “استهدف قائدا شجاعا انتخب ديمقراطيا ويقوم بالإصلاحات والاستثمارات اللازمة لبلاده”.
وأضاف ماكرون أن الانقلاب “غير شرعي وخطير جدا على النيجريين، وعلى كل المنطقة”، ودعا إلى الإفراج عن الرئيس بازوم والعودة الى النظام الدستوري.مشيرا إلى أن فرنسا ستدعم المنظمات الإقليمية إذا قررت فرض عقوبات على قادة الانقلاب.
دعم أميركي
وقال متحدث باسم بعثة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إن واشنطن تدعم قيام مجلس الأمن بإجراءات لخفض التصعيد في النيجر، وذكر بيان أميركي أن سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تحدثت إلى رئيس النيجر محمد بازوم أمس الخميس.
وقال المتحدث إنها أوضحت أن “الولايات المتحدة راسخة في مساندتها للديمقراطية في النيجر، وتدعم اتخاذ إجراءات في مجلس الأمن الدولي لخفض التصعيد، ومنع إلحاق الأذى بالمدنيين وضمان النظام الدستوري”.
دان غزالي عثماني رئيس جزر القمر والرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي، الانقلاب في النيجر، وقال في خطابه أمامام القمة الروسية ـ الأفريقية، في سان بطرسيرغ إن الاتحاد الإفريقي يضم صوته إلى المجتمع الدولي ويدين الانقلاب في النيجر. كما شدد على أن إفريقيا “تناضل ضد التغييرات غير الشرعية التي تحدث في القارة والتي لا تصب في مصلحة دولها”،و طالب غزالي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية.
رجال إطفاء يخمدون النيران التي أشعلها متظاهرون قرب مقر حزب النيجر للديمقراطية والاشتراكية في نيامي (الأوروبية)
حظر التظاهر
وفي نيامي عاصمة النيجر، قال زعماء الانقلابيين أمس إنهم حصلوا على دعم عسكري واسع النطاق ودعوا إلى الهدوء، وألقى قائد الجيش اللواء عبده صديقو عيسى بثقله وراء الانقلابيين. وقال في بيان له أمس “إن القيادة العسكرية قررت الموافقة على إعلان قوات الدفاع والأمن تفاديا لمواجهة دامية”.
في غضون ذلك حظرت وزارة الداخلية في النيجر جميع المظاهرات بشكل فوري، وقالت الوزارة مساء أمس “إن المظاهرات العامة محظورة، لأي سبب من الأسباب، وستظل كذلك حتى إشعار آخر”، مضيفة أن الإجراء يهدف إلى حماية المواطنين في الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 26 مليون نسمة”.
بازوم محتجزا
من جهته قال إنتينيكار الحسن المستشار الخاص لرئيس النيجر المعزول للجزيرة” الرئيس بازوم لا يزال محتجزا داخل القصر الرئاسي” مؤكدا أنه بصحة جيدة”. كما أشار الى انه يسمح للرئيس بالتواصل مع العالم الخارجي.
واحتجز ضباط من الحرس الرئاسي بازوم، المنتخب عام 2021، في قصره أول أمس الأربعاء. وفي مساء ذلك اليوم أعلن 10 ضباط عسكريين في التلفزيون أن ما يسمى بـ”المجلس الوطني لحماية الوطن” قد تولى السلطة.
ودعمت القوات المسلحة رسميا دعوة قادة الانقلاب لإنهاء فترة بازوم في المنصب، كما أيدت أحزاب المعارضة الانقلاب، بحسب بيان نشرته وسائل إعلام نيجرية.
ولم يتضح بعد من يقف وراء الانقلاب وعدد الأحزاب المؤيدة له، وظهرت دعوات إلى تنظيم مظاهرات اليوم الجمعة بعد أن هاجم مؤيدو الانقلاب مقر الحزب الرئاسي في نيامي ونهبوه أمس.
موقف فاغنر
إلى ذلك نشرت “رابطة الضباط من أجل الأمن الدولي” التي تعتبرها الولايات المتحدة واجهة لمجموعة فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى، تسجيلاً صوتياً نسبته لزعيمها يفغيني بريغوجين مساء أمس قال فيه “ما حدث في النيجر ليس سوى كفاح شعب النيجر ضد المستعمرين الذين يحاولون فرض نمط حياتهم عليهم”.
وأضاف “بهدف إبقاء الشعوب الإفريقية تحت سيطرتهم، يملأ المستعمرون السابقون هذه البلدان بالإرهابيين وبعصابات مسلحة مختلفة، ويتسببون هم أنفسهم بأزمة أمنية ضخمة”.
وجاء في التسجيل “المستعمرون السابقون أرسلوا بعثات عسكرية تضم “عشرات الآلاف من الجنود غير القادرين على الدفاع عن سكان دول ذات سيادة”.
وقال بريغوجين “الشعب يعاني. ومن هنا يأتي الحب لشركة فاغنر الخاصة، ولكفاءة فاغنر، لأن ألف مقاتل من فاغنر قادرون على فرض النظام والقضاء على الإرهابيين”.
ويأتي التسجيل المنسوب لبريغوجين، في حين تُعقد قمة روسية إفريقية بمشاركة عشرات الوفود من الدول الإفريقية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرس برغ.
وتعرضت محاولة زعزعة الاستقرار في النيجر لإدانة شديدة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس).
المعروف أن النيجر دولة حبيسة ليس لها منفذ بحري وهي واحدة من أفقر دول العالم، ومنذ حصولها على الاستقلال عن فرنسا في عام 1960 شهدت 4 انقلابات، بالإضافة إلى العديد من المحاولات الأخرى، بما في ذلك محاولتان سابقتان ضد بازوم.