أخبارسياسةعربي و دولي

السويداء تتنفس هدنة.. من وراء الاتفاق الدولي، وهل عادت فعلاً إلى حضن الدولة؟

شبكة مراسلين
بقلم: د. خضر السوطري – كاتب وباحث سياسي

بعد أسابيع من التصعيد الخطير في محافظة السويداء، بين النظام السوري من جهة، والفصائل المحلية المدعومة من المرجعية الروحية لجماعة الهجري من جهة أخرى، جاءت المفاجأة السياسية: اتفاق دولي لوقف إطلاق النار، أعلنته رسميًا كل من الرئاسة السورية ورئاسة الوزراء الإسرائيلية، بوساطة أميركية مباشرة.
لكن من الذي نسّق وساهم فعليًا في صناعة هذا الاتفاق؟ وما حقيقة عودة السويداء إلى سيطرة الدولة السورية؟

أولاً: من نسّق وساهم في هذا الاتفاق؟

تشير المعطيات الميدانية والتسريبات السياسية إلى أن الاتفاق جاء نتيجة تحرك دبلوماسي مكثف متعدد الأطراف:
1. الولايات المتحدة الأميركية:
• لعبت الدور المركزي، من خلال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير الأميركي في أنقرة توم باراك.
• عملت واشنطن على فتح قنوات بين دمشق وتل أبيب، وضبط إيقاع الاشتباك قبل أن يتحول إلى مواجهة طائفية أو حرب إقليمية.

2. تركيا:
• رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم كالن كان حاضراً في الخلفية، خاصة في التنسيق مع الأميركيين والدروز اللبنانيين، وأطراف من النظام.
• كانت أنقرة همزة وصل بين القوى الدولية والفصائل المحلية.

3. إسرائيل:
• رغم حساسياتها الأمنية، وافقت على السماح بدخول قوات سورية إلى بعض المناطق في السويداء لمدة 48 ساعة، شريطة عدم تهديد الدروز أو تقويض الأمن الحدودي.

4. الأردن ودول الجوار:
• قدمت دعمًا لوجستيًا ومعلوماتيًا، خصوصاً في التنسيق مع بعض زعامات العشائر العربية في البادية.

5. القيادة السورية الجديدة (أحمد الشرع):
• تعاملت مع الملف بروح سياسية جديدة، بعيداً عن منطق الحسم العسكري الكامل، ما أعطى الاتفاق قابلية للتطبيق.

ثانيًا: أبرز تفاصيل الاتفاق الدولي بشأن السويداء:

1. وقف فوري وشامل لإطلاق النار في المحافظة.
2. دخول قوات الأمن العام السوري لضبط الوضع وتنفيذ الاتفاق.
3. دمج الفصائل المحلية (درزية وبدوية) ضمن أجهزة الدولة تدريجياً، مقابل تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
4. تأمين خروج آمن لمن لا يرغب بالانضمام للعملية السياسية أو الأمنية.
5. مساءلة قانونية لكل من تورط في جرائم أو انتهاكات خلال المواجهات.
6. إعادة فتح الطرق والاتصالات والخدمات، برعاية الدولة والمجالس المحلية.
7. التزام دولي بإبقاء التهدئة قائمة، مع إعلان إسرائيل أنها تحتفظ بحق حماية حدودها، لكنها تقبل بوجود مؤقت للدولة السورية في المناطق الحدودية للسويداء.

ثالثًا: هل يعني هذا عودة السويداء الكاملة إلى الدولة السورية؟

إداريًا وأمنيًا:
نعم، يبدو أن أجهزة الدولة قد بدأت الدخول التدريجي، وبسط نفوذها، لا سيما في المدن الكبرى وطرق الاتصال الحيوية.

لكن على الأرض:
عودة الدولة لا تزال مشروطة بـ:
• فعالية الأمن العام في ضبط الفصائل المسلحة.
• التزام الفصائل بعملية الدمج وتسليم السلاح.
• قدرة الحكومة على استعادة الثقة وتوفير الخدمات العامة بشكل فوري.
• استمرار الضمانات الدولية، خصوصاً من واشنطن وأنقرة، لضمان عدم حدوث انتكاسة.

رابعًا: هل انتهت المشكلة؟

الإجابة: ليس بعد.
• دخول العشائر العربية في معارك جانبية قد يؤدي إلى جولات عنف جديدة ما لم يُضبط الموقف.
• بعض الفصائل ترفض الاتفاق وتلوّح بالتصعيد.
• تجربة الدمج الأمني في سوريا لم تكن ناجحة سابقًا، وهو ما يتطلب رقابة دولية وعقد اجتماعي جديد.
• المزاج الشعبي في السويداء لا يزال متوجسًا من نوايا الدولة السورية.
إنّ الاتفاق في السويداء هو أول اختبار جدي للرئاسة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، وللدور الأميركي–التركي في إعادة هندسة التوازن داخل سوريا.
الدولة ستعود اسمًا… لكنها بحاجة إلى شرعية مجتمعية، وخدمات فورية، وإصلاح أمني حقيقي لكي تكون العودة فعلية لا وهمية.
نتمنى أن تكون السويداء بوابة لإعادة بناء “الهوية السورية الموحدة”… على كامل الأرض السورية.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews