إقالة عباس كامل.. هل ضحى السيسي بـ «ظِله» ؟

شبكة مراسلين
بقلم : أبوبكر خلاف
أثار قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإقالة اللواء عباس كامل والمعروف ب”ظل الرئيس” من منصبه برئاسة جهاز المخابرات العامة وتعيينه بمنصب جديد كمستشار أمني ومبعوث خاص للرئيس العديد من التساؤلات، في مقدمة التساؤلات كان “وصف القرار” ذاته، هل هو ” إزاحة ” أم “ترقية” وكذلك تعددت القراءات لنتائج هذا القرار وتداعياته المحتملة على الصعيدين الداخلي والخارجي بمصر.
بالنظر إلى توقيت الإقالة، أكدت مصادر مطلعة لشبكة “مراسلين” أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين زيارة ولي العهد السعودي إلى مصر ولقائه بالرئيس السيسي، وبين قرار إقالة عباس كامل. فهل ارتكب كامل شيئًا أغضب النظام السعودي؟ أو هل تورط في قضايا فساد جديدة في أروقة ممالك الخليج؟ أسئلة قد تكشفها الأيام المقبلة.
أرى أن هذا القرار يمثل إطاحة وليس ترقية، حتى وإن اعتبرنا أن المنصب الجديد يحمل بعض الأهمية من حيث دوره في تخفيف التوترات بين الأجهزة الأمنية في مصر، خاصة في تعاملها مع الملفات الحساسة داخليًا وخارجيًا.
وتزداد فرضية الإطاحة وضوحًا عندما ننظر إلى المكالمات المسربة التي تحدث فيها كامل عن ثروات الخليج قائلًا: “معاهم فلوس زي الرز”، وأن ما تحصل عليه مصر من تلك الأموال مهما بلغ فهو ضئيل. كما أن تورطه المحتمل في قضية الرشوة في الولايات المتحدة، وما قد يترتب عليها من إدانة، قد يؤثر بشكل كبير على دوره ويحد من قدرته على السفر والتنقل. بالإضافة إلى ذلك، تبرز رغبة السيسي في إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وتعزيز كفاءتها لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
قراءة إسرائيلية للقرار
تناولت الصحف الاسرائيلية خبر اقالة كامل بشكل مجرد فيما ندرت التحليلات – حتى كتابة هذه السطور- من أبرز التحليلات ما كتبه يوآف إسحاق مدير تحرير موقع “نيوز 1” العبري تحت عنوان “زلزال في المخابرات المصرية: السيسي يعزل رئيس المخابرات عباس كامل”. في تحليله، أشار إسحاق إلى أن استبدال كامل باللواء محمود رشاد قد يؤدي إلى تغيرات جوهرية في سياسة مصر تجاه المفاوضات مع حركة حماس. رشاد يُعرف بقوته وتأثيره داخل الأجهزة الأمنية، ومن المتوقع أن يتبنى نهجاً جديداً في التعامل مع الملفات الفلسطينية، وقد يفرض ضغوطاً أكبر على حماس.
وأضاف:”التغيير الذي أجراه السيسي يهدف إلى تعزيز قدرات مصر الاستخباراتية، وهذا يأتي في ظل تزايد التحديات الإقليمية والدولية، خاصة مع تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة. وفقاً لإسحاق، قد يعكس هذا التغيير تحولاً أوسع في السياسة المصرية تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وأشار اسحاق إلى تأثير قرار الاقالة على الدور المصري في الحرب الدائرة حاليا في غزة :” لا تزال العواقب غير واضحة بشأن استمرارية المفاوضات حول إطلاق سراح الأسرى والمختطفين. إلا أن التوترات الإقليمية المستمرة قد تدفع مصر لتبني موقف أكثر حدة تجاه الأطراف المعنية، خصوصاً مع تصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة.
أسباب الإقالة:
- القضية الأمريكية وتأثيراتها الدولية:
• يشير البعض إلى تورط عباس كامل المحتمل في قضية الرشوة التي تطال السيناتور الأمريكي بوب مينينديز قد يكون دافعًا رئيسيًا. الاتهامات تتعلق بتقديم خدمات للحكومة المصرية مقابل رشاوى، بما في ذلك تقديم معلومات حساسة عن مبيعات الأسلحة والمساعدات الأمريكية لمصر. هذه القضية أثرت على سمعة مصر دوليًا، وقد تكون الإقالة خطوة تهدف إلى تهدئة الضغوط الدولية أو تفادي تفاقم التداعيات السلبية.
• قضايا الفساد التي أثارتها بعض الصحف الأجنبية حول تورط شخصيات أمنية في مصر في قضايا رشوة دولية قد تكون سببًا غير مباشر لإقالة كامل، ورغم أن الحكومة المصرية لم تؤكد هذه التقارير بشكل رسمي. لكن هذه القضايا قد تكون أثرت على ثقة القيادة المصرية في قدرة عباس كامل على مواصلة قيادة جهاز المخابرات في هذه المرحلة الحرجة - إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية المصرية:
• قرار الإقالة قد يشير إلى توجه الرئيس السيسي لإعادة تنظيم الأجهزة الأمنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية بشكل أفضل. كان كامل شخصية مركزية في إدارة العديد من الملفات الحساسة مثل العلاقات مع إسرائيل وقطاع غزة، والإقالة قد تُشير إلى رغبة في تغيير الاستراتيجية في هذه الملفات.
النتائج المترتبة على الإقالة :
1 – تأثير على علاقات مصر على القوى الدولية:
إقالة عباس كامل قد تؤدي أيضًا إلى تأثيرات على العلاقات المصرية مع القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، الذين يعتمدون على مصر كلاعب رئيسي في القضايا الإقليمية.
2 – الملف الإسرائيلي:
لعب كامل دورًا كبيرًا في إدارة العلاقات المصرية الإسرائيلية، لا سيما في المفاوضات المرتبطة بوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية واتمام صفقات الأسرى الإسرائيلين، إقالته قد تؤثر على هذا الملف وتؤدي إلى تغييرات في آليات التعامل معه، ما قد يُعيد تشكيل المشهد الإقليمي.
3 – التأثير الداخلي في مصر:
على الصعيد الداخلي، الإقالة قد تكون محاولة من الرئيس السيسي لتهدئة الأوضاع الأمنية ومنع أي صراعات داخلية بين أجهزة الدولة. من المحتمل أن تكون هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية لإعادة بناء الثقة بالنظام الأمني المصري وتعزيز كفاءته في التعامل مع التحديات الجديدة.
ماذا ينتظر عباس في منصبه الجديد؟
في منصبه الجديد يلعب عباس كامل دورًا محوريًا كمبعوث خاص للرئيس السيسي، وهو ما يمنحه مسؤولية معالجة العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تكون مصر طرفًا فيها. هذا التعيين يعكس استمرار ثقته من قبل الرئيس، لكنه في الوقت نفسه قد يكون محاولة لتفادي تصاعد تأثير الخلافات بين الأجهزة الأمنية إلى صراع مكشوف.
الحد من صراع الأجهزة الأمنية:
يُشير تعيين عباس كامل كمنسق للأجهزة الأمنية إلى محاولة السيسي للحد من التوترات بين جهازي المخابرات العامة والأمن الوطني، اللذين ظهرت بينهما تباينات واضحة في الرؤى والسياسات. أبرز هذه الملفات تشمل الحوار الوطني ولجنة العفو الرئاسي والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. تعيين كامل منسقًا يهدف إلى منع تصاعد هذه التباينات إلى مستوى الصراع، كما حدث في ستينيات القرن الماضي
توجهات النظام الأمنية والسياسية:
التباين بين المخابرات العامة والأمن الوطني يعكس رؤيتين مختلفتين لإدارة الأوضاع السياسية. المخابرات ترى أن السماح ببعض الحريات قد يُطيل من عمر النظام، في حين يرى الأمن الوطني أن التضييق هو الأفضل لتفادي الانفجار الشعبي. عباس كامل بصفته المنسق الجديد قد يسعى لخلق توازن بين هاتين الرؤيتين بما يخدم استقرار النظام
المنسق والمبعوث الخاص للرئيس:
في منصبه الجديد يلعب عباس كامل دورًا محوريًا كمبعوث خاص للرئيس السيسي، وهو ما يمنحه مسؤولية معالجة العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تكون مصر طرفًا فيها. هذا التعيين يعكس استمرار ثقته من قبل الرئيس، لكنه في الوقت نفسه قد يكون محاولة لتفادي تصاعد تأثير الخلافات بين الأجهزة الأمنية إلى صراع مكشوف.