دنيا ودينسلايدر

عمر بستانك في الجنة الأرض ولو بزراعة شجرة أو نظافة فناء بيتك

شبكة مراسلين _ فاطمة الليثي

إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، وقد وهب الله الإنسان أرضا وسماءا لا يزال العلماء حائرون في روعة من أبدع جمالهما، فزين السماء بمصابيح ونجوم وأقمار وشموس، وزين الأرض بطبيعة خلابة ومياه جارية، لا تمل العين من النظر إلى روعتها، ومع ذلك يهمل الكثير من الناس في عمارة هذه الأرض والحفاظ على بديع صنعها، فلا تمتد يده إليها إلا بالتخريب، باقتلاع شجرة، أو إفساد بيئة، من إلقاء القمامة في مياه الانهار والبحار، أو في الطرقات، والتكاسل عن عمارة الأرض.

وقد أمر الله تعالى وسن النبي صلى الله عليه وسلم سنة إحياء الأرض الميتة، وجعل الله إعمار الأرض عبادة، وفقًا لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61].

ووجَّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى إحياء الأرض الميتة وهي الصحراء أو كل أرض خربة لا صاحب لها، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» رواه أبو داود.

ونبه النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية غرس الشجر والنبت في الأرض لإعمارها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ، أَوْ طَيْرٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ» رواه الترمذي، وقال أيضًا: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ» رواه أحمد.

وفي الحديث دليل على أن الإنسان إذا حرص أن يدخل الجنة وأن يعمر بستانه فيها، عليه أولا أن يحي الأرض التي استعمره فيها، ولو بغرس شجرة صغيرة، او نظافة فناء بيته والحي الذي يسكن فيه.

وقد جعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب جزاء من أحيا أرضا مواتا أن تكون له، [من أحيا أرضًا ميتةً فهي له، وليس بعد ثلاث سنين حقٌّ] اهـ، والإحياء أن يجعلها صالحة للزراعة ويبدأ في تهيئة الأرض وتنظيفها أو توصيل الماء لريِّها، وليس بأن يحدد الأرض ويبني حولها سورًا مثلًا أو غير ذلك وهو ما يُسمَّى بــ “التحجير”.

وما يدل ذلك إلا على حرص الإسلام على التنمية عميقة الأثر في حياة الناس والمجتمعات، ولا يوجههم إلى تحقيق الربح السريع الذي يستنزف موارد الأمم وثرواتها وإفقار أهلها وتركيز الثروة في يد قلَّةٍ من المستأثرين بها، بل كان التوجيه القرآني في هذا السياق واضحًا: ﴿مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر: 7].

فإحياء الموات يأتي تطبيقا للمنهج الذي وضعه ربنا تعالى في التعامل مع الثروات التي حباها الله لنا، ومحقِّقًا لغاية الله سبحانه من استخلاف الإنسان في الأرض.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews