أخبارتقارير و تحقيقات

مصر تدعم “توني بلير” للإشراف على غزة بصفته المفوض السامي المعاصر

ترجمة وتحرير: عصام حريرة – مراسلين

الكراهية المشتركة للإسلام السياسي والعلاقات الدافئة على مدى سنوات تعني أن “السيسي” يدعم تولي رئيس الوزراء البريطاني السابق دورًا قياديًا في غزة.

بينما كان دونالد ترامب في طريقه إلى الشرق الأوسط مع بدء وقف إطلاق النار في غزة، صرّح للصحفيين بأن الدور المحتمل لتوني بلير في مستقبل القطاع الفلسطيني لا يزال محل نقاش.

وقال الرئيس الأمريكي: “أنا معجب بتوني، لطالما أحببته، لكنني أريد أن أتأكد من أنه خيار مقبول للجميع”.

ويعتبر سجل “بلير” في الشرق الأوسط مثيرًا للجدل، على أقل تقدير؛ فقد قوبل اقتراح واشنطن بأن يساعد في إدارة غزة بعد الحرب بالريبة، بل حتى باشمئزاز في معظم أنحاء العالم العربي.

لكن الأمر لم يكن كذلك في مصر؛ فقد انضم “بلير” إلى “ترامب” وقادة عالميين آخرين في قمة شرم الشيخ الأسبوع الماضي، التي كانت تهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وحماس.

وهناك، استقبله الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بحماس، في دليل على العلاقات الودية طويلة الأمد وإظهار علني للدعم لرئيس الوزراء البريطاني السابق.

فمنذ مغادرته منصبه، قدّم “بلير”، البالغ من العمر 72 عامًا، ومؤسسته الاستشارية، “معهد توني بلير” (TBI)، استشاراتٍ لعددٍ من الحكومات.

من جهته، نفى (TBI) تقاريرَ عن تقديمه استشاراتٍ للسيسي عام 2014 بعد أن أطاح الجنرال بالرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيًا، إلا أن مصدرًا في الرئاسة المصرية صرّح لموقع “ميدل إيست آي” بأن “بلير” قدّم بالفعل استشاراتٍ لمصر، وكذلك لحلفائها، الإمارات والسعودية.

وقال المصدر: “في عام 2014، عندما كان بلير يقدم استشاراته للإمارات – التي تمول أيضًا معهده الخاص – أرسلته أبوظبي إلى القاهرة للعمل مستشارًا للسيسي بعد فترة وجيزة من توليه السلطة”. وتابع: “موّلت الإمارات عمل بلير وفريقه في مصر، وقد قدّم بلير بالفعل استشاراتٍ عديدة للسيسي، تضمنت استشاراتٍ سياسية واقتصادية، إضافةً إلى استراتيجياتٍ لتحسين صورة الحكومة بعد إطاحة السيسي بمحمد مرسي”.

لكن متحدثًا باسم “TBI” نفى لموقع “ميدل إيست آي” تلقيه أموالًا من الإمارات “أو أي جهة أخرى” ليكون مستشارًا للسيسي، “مع أنه التقى به كثيرًا على مر السنين”، وأضاف: ” TBI لا يعمل في مصر، لكنه سيكون سعيدًا بذلك”.

عداوة الإسلام السياسي:

تدور علاقة “بلير” بالحكومة المصرية حول أولويات مشتركة: مواجهة الإسلام السياسي، والحصول على تمويل خليجي، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

من جانبه، قال المصدر: “قدّم بلير استشاراتٍ بشكل رئيسي حول كيفية التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، وقوى المعارضة، وتأثير الإعلام، من أجل استقرار حكومة السيسي. كما قدّم بلير استشاراتٍ اقتصادية”، مُشيرًا إلى أن “السيسي لجأ إلى جهاتٍ مُقرضةٍ دوليةٍ مثل صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، ونسّق معهم لتسهيل القروض”.

وأضاف المصدر أن دور “بلير” رسميٌّ وليس سرّيًا، ولكنه لم يُعلن عنه، وتابع: “في البداية، كان بلير مستشارًا مستقلًا يتقاضى أجره من الإمارات، والآن يُقدّم استشاراتٍ للحكومة المصرية من خلال مؤسسته، ويتقاضى أتعابه من مصر”. لكن “TBI” نفى تلقيه أي “أتعاب” من مصر أو مقابل تقديمه المشورة لحكومتها.

ووفقًا للمصدر، من المستبعد جدًا أن تُعارض القاهرة تولي “بلير” قيادة المجلس الإداري المُقترح لقطاع غزة؛ حيث قال المصدر: “على العكس تمامًا، ستدعم حكومة السيسي بلير بكل إخلاص؛ بلير معارض شرس للإسلام السياسي، بما في ذلك حماس، ولطالما دعا إلى إقصاء الإسلاميين عن الحياة السياسية”.

في السياق ذاته، قال محلل سياسي مقيم في القاهرة لموقع “ميدل إيست آي”، شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: “بالنسبة للسيسي، بلير ليس مجرد حليف، بل مرآة؛ كلاهما يرى الإسلام السياسي سبب عدم الاستقرار”، مضيفًا: “يمنح تحالفهما شرعية غربية للحكم الاستبدادي تحت لواء مكافحة التطرف”.

من مبعوث إلى وسيط مؤثر:

عندما كان رئيسًا للوزراء، أشرف “بلير” على الغزو البريطاني للعراق إلى جانب الولايات المتحدة، ما أدى إلى إراقة دماء وفوضى وعواقب كارثية للحرب. وبعد مغادرته داونينج ستريت، قاد جهود الوساطة في فلسطين و”إسرائيل” كمبعوث للجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط دون جدوى.

ورغم ذلك، فإن توسع حضوره العالمي من خلال “TBI”، إلى جانب موقفه الأيديولوجي من الحركات الإسلامية، يُفسر لماذا تعتبره القاهرة وحلفاؤها خيارًا عمليًا لإدارة المرحلة الانتقالية في غزة.

بدوره، صرح مستشار رئاسي مصري لموقع “ميدل إيست آي” بأن “عودة بلير إلى ملف غزة ليست مصادفة، فهو يتصرف كالمفوض السامي البريطاني المعاصر”، مُشبّهًا إياه بهربرت صموئيل، الصهيوني المثير للجدل الذي حكم فلسطين تحت الانتداب من عام 1920 إلى عام 1925.

وقال المستشار الرئاسي: “من المتوقع أن يلعب بلير دورًا رئيسيًا في إدارة غزة”، مشيرًا إلى أن الاجتماع الأخير بين “بلير” ونائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، “يحمل أهمية سياسية عميقة، تتجاوز بكثير المشاركة الدبلوماسية العادية”. وعقب الاجتماع، أعرب “الشيخ” عن استعداده للعمل مع “ترامب” و”بلير” وشركاء آخرين لم يذكر أسماءهم.

وأشار المستشار الرئاسي المصري إلى أنه من المتوقع أن يكون مقر الإدارة الجديدة لغزة، والتي تسمى السلطة الانتقالية الدولية في غزة “GITA”، في مدينة العريش المصرية في شبه جزيرة سيناء، وقال: “هذا من شأنه ضمان التنسيق اللوجستي والأمني ​​بين غزة ومصر، نظرًا لموقعها الحدودي، ما يمهد الطريق لمرحلة إعادة الإعمار”.

وأضاف المستشار أيضًا أن القاهرة تُعدّ خطة خمسية لإنعاش غزة، والتي تعكس رغبة مصر في قيادة إعادة الإعمار وتعزيز نفوذها في المستقبل السياسي للقطاع.

المصدر: موقع ميدل إيست آي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews