الجيش السوداني يقصف طائرة شحن إماراتية في مطار نيالا

ممدوح ساتي -مراسلين
في تطور عسكري مفاجئ أمس، أعلن الجيش السوداني أنه استهدف طائرة شحن إماراتية في مطار نيالا غربي البلاد، كانت تحمل – وفقًا لمصادر عسكرية – أسلحة ومقاتلين أجانب قدموا لدعم قوات الدعم السريع في دارفور.
وأكدت المصادر أن القصف أدى إلى تدمير الطائرة بالكامل ومقتل جميع من كانوا على متنها، بينهم عناصر وُصفوا بأنهم “مرتزقة أجانب يعملون عبر شركات أمنية خاصة”.
مشاهدات من موقع الحادث أظهرت بقايا صناديق ذخيرة وقطع سترات واقية تحمل شعارات شركات أمنية مسجلة في الإمارات.
الجيش قال في بيانه إن العملية “جاءت بعد رصد استخباري دقيق لتحركات جوية غير مرخصة كانت تنقل عتادًا ومقاتلين إلى مناطق سيطرة الدعم السريع في دارفور”.
خيوط تتكشف خلف الحريق
مصادر ميدانية في نيالا أفادت أن الطائرة احترقت فور إصابتها بصواريخ موجه أطلقت من طائرة تابعة لسلاح الجو السوداني، وأن الانفجار كان ضخمًا بما يكفي لنسف أجزاء من المدرج.
وتحدث شهود عن أصوات انفجارات ثانوية ناجمة عن الذخائر والأسلحه التي كانت داخل الطائرة.
بعض التقارير الأولية أشارت إلى أن بين القتلى مقاتلين من كولومبيا وجورجيا تم التعاقد معهم عبر شركات أمنية خاصة تعمل من داخل الإمارات، أبرزها “Falcon Security Group” و “Global Defense Line” ، وهي شركات سبق أن ورد اسمها في ملفات حرب اليمن وليبيا.
شركات أمنية… وطرق تجنيد معقدة
مصادر استخبارية أفريقية قالت إن هذه الشركات تقوم بتجنيد مقاتلين سابقين من جيوش أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، بعقود مموهة تحت بند “تأمين منشآت أو قوافل إنسانية”، ثم يتم نقلهم إلى مناطق النزاع عبر دول وسيطة مثل كينيا أو رواندا.
في العلن، تبدو العمليات تجارية، لكن في العمق هي شبكة توريد حرب متكاملة تموّلها جهات إقليمية.
ويقول خبير أمني في نيروبي إن “الحرب في السودان تحولت إلى سوق مفتوح للمقاتلين المأجورين”، مضيفًا أن “ما حدث في نيالا هو دليل ميداني ملموس على وجود شبكة نقل وتمويل خارجي تعمل عبر المجال الجوي السوداني”.
لماذا نيالا؟
تعتبر مدينة نيالا من أهم نقاط الإمداد اللوجستي لقوات الدعم السريع في إقليم دارفور.
يقول ضابط في سلاح الجو السوداني إن “الرحلات الليلية القادمة من خارج البلاد كانت تصل إلى مطار نيالا على فترات متقطعة، وغالبًا ما تهبط دون إذن رسمي”، مضيفًا أن “الجيش تتبع تلك التحركات لأيام قبل تنفيذ الضربة”.
مصادر أخرى أكدت أن الضربة لم تكن عشوائية، بل نُفذت بعد عملية رصد إلكتروني وبصري، حددت توقيت هبوط الطائرة ومسارها.
وبذلك يكون القصف رسالة مزدوجة: ردٌّ على التدخل الخارجي، وإنذارٌ لكل جهة تموّل أو تسلح ميليشيات خارجه على القانون.
الدول المصدرة للمرتزقة
تحقيقات إقليمية كشفت أن معظم المقاتلين الذين جُنّدوا في الأشهر الأخيرة قدموا من كولومبيا، نيبال، جورجيا، وأوكرانيا .
يتم تجميعهم أولاً في معسكرات تدريب في شرق إفريقيا، خاصة في كينيا وإثيوبيا، قبل نقلهم إلى السودان عبر طائرات مدنية أو شحن صغيرة.
بعض الرحلات تسير تحت غطاء “شحن مساعدات إنسانية”، بينما تمر أخرى عبر شركات نقل تجاري مسجلة في دبي ونيروبي.
ردود الفعل والتحقيقات الدولية
حتى مساء أمس، لم يصدر تعليق رسمي من الإمارات حول الحادثة أو هوية الطائرة.
غير أن مصادر في وزارة الدفاع الكولومبية أكدت فتح تحقيق بشأن “مقتل مواطنين كولومبيين في حادث طيران غامض داخل السودان”، في إشارة إلى طائرة نيالا.
الجيش السوداني بدوره قال إنه “سيواصل مراقبة الأجواء لمنع أي عمليات نقل أو إمداد غير قانونية”، مؤكداً أن “أي طائرة غير مرخصة سيتم التعامل معها كهدف عسكري مباشر”.


