منشور على فيسبوك يقود شاباً سورياً إلى حبل المشنقة.. أين تقف العدالة في العراق؟

علي زم – مراسلين
أثار حكم صادر عن محكمة جنايات النجف في العراق بإعدام شاب سوري يبلغ من العمر 22 عاماً جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات حول عدالة الإجراءات القضائية ودوافع الحكم.
وتداول ناشطون سوريون وثيقة قيل إنها صادرة عن المحكمة العراقية، تشير إلى أن الشاب السوري محمد سليمان أحمد حسن، من محافظة حمص، حُكم عليه بالإعدام بعد اعتقاله بتهمة نشر مقطع فيديو على صفحته في “فيسبوك” يظهر فيه “تمجيداً للرئيس السوري أحمد الشرع” – وهو ما نفاه القضاء العراقي بشكل قاطع.
وأثارت الوثيقة موجة من الغضب والتساؤلات حول دوافع القضاء العراقي، خاصة أن القضية طُرحت في بعض المنصات بوصفها “حكماً سياسياً” أو “مفرطاً في العقوبة”.
وفي بيان رسمي، قال مجلس القضاء الأعلى في العراق، إن المعلومات المتداولة “غير صحيحة”، موضحاً أن الحكم لا علاقة له بتمجيد الرئيس السوري أو أي نشاط سياسي، بل يتعلق بـ”تمجيد الإرهابي أبو بكر البغدادي والتحريض على قتل أفراد من القوات الأمنية والحشد الشعبي”.
وأشار المجلس، في بيان نقله موقع وكالة الأنباء العراقية (واع)، إلى أن “المتهم أقرّ بنشر مقاطع فيديو تمجّد البغدادي، وتشيد بقتل أفراد الجيش العراقي والحشد الشعبي في منطقة الطارمية، كما دعا عبر صفحته على مواقع التواصل إلى الانضمام لتنظيم داعش الإرهابي”.
وأضاف البيان أن “المتهم نشر كذلك مقاطع فيديو يقوم فيها بحرق صورة الإمام علي بن أبي طالب، بهدف إثارة الفتنة والفوضى داخل المجتمع”، مؤكداً أن الحكم غير نهائي، إذ سيُعرض تلقائياً على محكمة التمييز الاتحادية لمراجعته والتدقيق فيه قبل المصادقة النهائية.
تساؤلات وانتقادات
ورغم التوضيح القضائي، ما زالت القضية تثير جدلاً واسعاً داخل العراق وخارجه. فقد اعتبر ناشطون أن الحكم بالإعدام على شاب مدني “يبلغ من العمر 22 عاماً” يثير أسئلة حول مدى تناسب العقوبة مع الجريمة، وتساءلوا: “هل تمجيد شخص، حتى لو كان إرهابياً، يستوجب إنهاء حياة إنسان؟ وهل استنفد القانون العراقي كل وسائل الردع قبل الوصول إلى عقوبة الإعدام؟”
كما طالب آخرون بمراجعة تفاصيل القضية والظروف التي رافقت التحقيق والمحاكمة، مشيرين إلى ضرورة احترام الحق في محاكمة عادلة، ووجود أدلة قاطعة تثبت التهم، خصوصاً في القضايا ذات الطابع السياسي أو الأمني الحسّاس.
ولم تصدر السلطات السورية حتى الآن بياناً رسمياً حول القضية، إلا أن مصادر إعلامية تحدثت عن أن دمشق تتابع الملف عبر القنوات الدبلوماسية، في محاولة للتحقق من ملابسات الحكم ومصير الشاب المعتقل.
وينص القانون العراقي على تشديد العقوبات بحق من يثبت دعمه أو ترويجه للجماعات الإرهابية، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام في حال ثبت أن المتهم حرّض أو ساعد في تنفيذ أعمال إرهابية. غير أن منظمات حقوقية عراقية ودولية طالبت مراراً بمراجعة استخدام عقوبة الإعدام، خاصة في القضايا التي تعتمد على اعترافات أو أدلة رقمية يصعب التحقق من مصداقيتها الكاملة.
وتحولت القضية، التي بدأت كاتهام فردي، إلى نقاش أوسع حول العدالة الجنائية في العراق، وحدود التعامل مع قضايا التعبير الرقمي في سياق مكافحة الإرهاب.
ويرى مراقبون أن القضية تحمل أيضاً أبعاداً سياسية وأيديولوجية، في ظل التوترات الإقليمية، وأن صدور حكم بالإعدام ضد مواطن سوري في العراق قد تكون له تداعيات دبلوماسية وإنسانية إذا لم تُراجع تفاصيله بعناية من قبل القضاء العراقي الأعلى.



