غارات جوية مستمره للجيش السودان في الفاشر

ممدوح ساتي -مراسلين
السودان – في الساعات التي تلت فجر يوم أمس الثلاثاء، دوّت سلسلة من الإنفجارات في أطراف مدينة الفاشر، أعقبها تصاعد أعمدة الدخان من محاور شمال المدينة وغربها.
الغارات الجوية التي اكدها بيان عسكري للجيش السوداني، وُصفت بأنها الأعنف منذ شهور، مستهدفة مواقع رئيسية يُعتقد أنها تحولت إلى مخازن ومراكز تموين وإسناد لقوات الدعم السريع.
ظلّت الطائرات تحلق على إرتفاع منخفض فوق أطراف الفاشر، في مشهد غير مألوف منذ بدء الحصار.
شهود عيان ممن غادرو المدينة تحدثوا عن أصوات انفجارات متقطعة قرب أحياء الزهور والمويلح، وعن تصاعد لهب كثيف من منطقة السوق القديم. في المقابل، التزمت مليشيا الدعم السريع صمتاً ميدانياً، وبدت تحركات محدودة بعد الغارات.

إشارات عملياتية: ما وراء الغارات
التحليل الأولي لمسار الضربات الجوية يشير إلى أن الهدف لم يكن مجرد إسناد ميداني محدود، بل خطوة أولى في ما يبدو أنه تمهيد ميداني لعملية عسكرية أوسع لاستعادة المدينة. اختيار الأهداف تم بعناية في نقاط تمثل خطوط إمداد حيوية، وهو ما يعكس تحولاً في قواعد الاشتباك التي اتسمت خلال الأشهر الماضية بالجمود الدفاعي.
وهناك شواهد ان بعض الضربات كانت عملية تغطية تكتيكية ، تهدف إلى فتح ممرات آمنة ولوقف ملاحقة بعض ارتال مليشيا الدعم لحشود المواطنين الفارين من الفاشر ، خاصة أن معظم الضربات نُفذت على تخوم المدينة لا في قلبها، في محاولة واضحة لتقليل الأضرار على المدنيين.
بين الاستنزاف والتحرير
ثمة قراءة ثالثة أكثر هدوءاً بين ضجيج الحرب، ترى أن ما يجري جزء من حرب استنزاف طويلة النفس، تُدار بالنار والوقت معاً. فالقصف المتقطع المستمر لا يهدف بالضرورة إلى التقدم، بل إلى إنهاك القوة المعادية ومنعها من التمركز بحرية داخل الأحياء الشمالية والغربية للفاشر، حيث تزداد حركة المقاتلين والآليات.
في المقابل، تشير طبيعة الضربات إلى أن الجيش أعاد تفعيل ما تبقى من قدراته الجوية في الإقليم، بعد أسابيع من الانكماش، وهو ما يفسر التزامن بين الغارات وتزايد النشاط الاستطلاعي عبر الطائرات المسيّرة في سماء شمال دارفور.

المدنيون بين نارين
تتقاطع خطوط القتال اليوم فوق مدينة أنهكها الجوع والخوف. عشرات الآلاف من المدنيين يحاولون الخروج باتجاه الشمال والشرق عبر طرق غير ممهدة، بينما تتعثر قوافل الإغاثة في الوصول.
سواء كانت هذه الغارات تمهيداً لعملية التحرير، أو غطاءً إنسانياً لتسهيل الخروج، أو استنزافاً محسوباً في لعبة طويلة، فإن المؤكد أن سماء الفاشر تغيّرت.
فالمدينة التي كانت عنواناً للحصار قد تكون غداً عنواناً للإنفراج، أو ربما للمأساة الكبرى إن لم تتوقف النار في الوقت المناسب.



