دكتوراة تحت القصف..العلم أقوى من العدوان

أمجد أبو عرفة – مراسلين
حصل معتصم عرفات الميناوي من قطاع غزة على درجة الدكتوراة بعد مناقشة أطروحته في علوم الإعلام والإتصال من معهد الصحافة وعلوم الأخبار بجامعة منوبة التونسية، عن بُعد، وسط الدمار والتجويع والنزوح الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع, في مشهدٍ غير مألوف يعكس صمود الإنسان الفلسطيني أمام أقسى الظروف.
جاءت المناقشة بعد عامٍ ونصف من الإنتظار، أعاقته ظروف الحرب وتداعياتها المأساوية، إذ كان الميناوي أصيب مع أفراد أسرته إثر قصف منزله، ما أدى إلى إستشهاد طفلته نور، وأخويه وبنات أخيه وأخته، فيما نجا هو بجروحٍ متوسطة.
ورغم ألم الفقد وحجمه، لم يتوقف عن متابعة بحثه العلمي، محافظا على التواصل مع مشرفه الأستاذ الدكتور المنصف اللوّاتي، الذي دعم مسيرته حتى اللحظة الأخيرة.
وبسبب إستحالة مغادرته غزة وتدمير الجامعات والمؤسسات التعليمية، وافقت وزارة التعليم العالي التونسية إستثناءً على عقد المناقشة عبر الإتصال المرئي، ليجريها الطالب في أحد أجنحة مستشفى الوفاء الطبي وسط غزة يوم 29 أكتوبر 2025، بحضور لجنة المناقشة المكوّنة من الأساتذة: زهرة غربي رئيسة اللجنة، والصادق الحمامي، ومراد بهلول، وسميحة خليفة.
ورغم الإنقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وضعف الإتصال، وأصوات الإسعافات، التي تنقل المصابين، أثناء المناقشة سارت الجلسة بنجاح، قدم خلالها الميناوي عرضا علميًا دقيقا لأطروحته الموسومة :”باعتماد طلبة المدارس الثانوية على وسائل الاعلام ووسائط الإتصال أدوات تعليمية “وقد أثنت اللجنة على صموده الأكاديمي ومثابرته، ومنحته درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.
لكن المشهد الأعمق لم يكن أكاديميا، بل إنسانيا خالصا, حين تقدّمت والدة الباحث بكلمات أبكت الحاضرين بدموعها وهي تخاطب إبنها قائلة:
"كنت يا ولدي تكتب بحثك على ضوء الشموع وتراجع فصولك على وقع القصف، ووجع الفراق يقهر قلبك ويبكي عينيك لكنك اليوم تثبت أن العلم أقوى من العدوان."
تحولت تلك اللحظة إلى رمزٍ إنساني مؤثر ذرفتها دمعات من عيون الأوساط الأكاديمية لتصل رسالة من غزة إلى العالم بأن الإرادة لا تهزم، وأن طريق العلم يمكن أن يُفتح حتى من بين الركام.
معهد الصحافة وعلوم الأخبار – تونس






