
ريتا الأبيض – مراسلين
بيروت – لم يكن نهار الجنوب اللبناني عادياً.
بين الطرق الوعرة والبيوت المهدّمة جزئياً بفعل سنوات التوتر، توقّف موكب الوزير البريطاني للشرق الأوسط هاميش فالكونر عند إحدى نقاط الجيش اللبناني في أطراف بلدة مرجعيون، حيث لوّح الجنود للأطفال الذين تجمّعوا لرؤية الوفد الأجنبي.
الزيارة بدت أكثر من بروتوكول رسمي، كانت رسالة دعم معنويّ قبل أن تكون سياسية.

فالكونر الذي وصل إلى بيروت قبل يومين، أمضى ساعات طويلة في الجنوب، التقى خلالها ضباطاً لبنانيين ومسؤولين ميدانيين يشرفون على مراقبة الحدود.
في قاعدة جديدة افتُتحت بدعم بريطاني، استمع إلى تقارير عن واقع الميدان، ونقص الموارد، وحاجات الجنود الذين يعملون أحياناً بإمكانات شبه معدومة.
وقال أحد الضباط لمراسلين: “وجود شركاء يدعموننا على الأرض أهم من أي وعد سياسي… المهم أن يشعر الجنود أنهم ليسوا وحدهم.”

الوزير البريطاني تجوّل أيضاً في مركز للصليب الأحمر اللبناني في الجنوب، حيث التقى متطوعين وشباباً من القرى المتضرّرة، واطلع على قصص العائلات التي نزحت أكثر من مرة في عام واحد.
في حديث قصير مع الصحافيين، قال فالكونر إن بلاده “تؤمن بقدرة اللبنانيين على الصمود، وبأن دعم الجيش هو دعم لوطن بأكمله، لا لطرف دون آخر.”
وأضاف بابتسامة واضحة: “حين ترى هؤلاء الجنود يعملون رغم كل الظروف، تدرك لماذا يستحق لبنان أن يُمنح فرصة جديدة للأمل.”

على المستوى الإنساني، تضمّنت الزيارة إعلاناً عن برنامج دعم جديد للقرى الجنوبية يركّز على المساعدات الطبية والتعليمية.
وفي المقابل، اعتبر مسؤول محلي أنّ “الاهتمام الدولي بلبنان لا يكفي إذا لم يترافق مع ضغط فعلي لتثبيت الاستقرار ووقف الخروقات.”
رغم كل القيود، ساد شعور عام بأنّ الجنوب اليوم بدا أكثر حضوراً في خريطة الاهتمام الخارجي.
فالزيارات قد تمرّ، لكنّ الأثر يبقى في تفاصيل صغيرة: في مدرسة تُرمَّم، أو مركز إسعاف يعود للعمل، أو نظرة امتنان من جندي يقف على الحاجز منذ الفجر.
هكذا، خرج الناس من اللقاء بشيء يشبه التفاؤل الحذر، ذاك الشعور اللبناني القديم الذي لا يموت مهما تبدّلت الوجوه.



