تقارير و تحقيقاتعربي و دولي

تجنيد الأطفال في مناطق “قسد”.. مأساة الطفولة وسط الصراعات المسلحة

تقرير: وليد شهاب

في ظل استمرار الصراعات المسلحة في سوريا، تظهر تقارير متزايدة عن تجنيد الأطفال من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وذراعها الشبابي “الشبيبة الثورية”. هذه الممارسات، التي تُعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، تحرم الأطفال من طفولتهم وتعرضهم لخطر الموت أو الإعاقة الدائمة.

في هذا التقرير، سنستعرض تفاصيل هذه الظاهرة، مع التركيز على حالات محددة، والتداعيات النفسية والاجتماعية على الأطفال، بالإضافة إلى الجهود الدولية والمحلية لمكافحة هذه الممارسة.

خلفية الظاهرة

تشير تقارير منظمات حقوقية، مثل “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” و”هيومن رايتس ووتش”، إلى أن تجنيد الأطفال في مناطق سيطرة “قسد” أصبح ظاهرة مقلقة. يتم اختطاف الأطفال من منازلهم أو مدارسهم، أو يتم تجنيدهم تحت تهديد السلاح أو عبر خداعهم بوعود كاذبة. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تم توثيق مئات الحالات التي تم فيها تجنيد الأطفال من قبل “قسد” و”الشبيبة الثورية”، رغم التزامات هذه الجماعات بإنهاء هذه الممارسة.

حالة الطفلة فريدة خليل محمد

في 15 آذار/مارس 2025، تم اختطاف الطفلة فريدة خليل محمد (من مواليد 2009) من قبل عناصر “الشبيبة الثورية” في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب. تم نقلها إلى أحد مراكز التجنيد التابعة للجماعة، حيث تم منعها من التواصل مع عائلتها. وفقًا لتقارير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، هناك مخاوف من أن يتم إجبارها على المشاركة في أعمال عسكرية مباشرة أو غير مباشرة.

حالات أخرى لتجنيد الأطفال

وفقًا للناشط الحقوقي الكردي محمود علو، فإن “الشبيبة الثورية” خطفت أكثر من 150 قاصرًا (من الجنسين) خلال العام الجاري. هؤلاء الأطفال يتعرضون للضرب والعنف الشديد إذا طالبوا بالعودة إلى ذويهم، كما يتم منع عائلاتهم من الاتصال بهم أو معرفة مصيرهم.

آليات تجنيد الأطفال

الاختطاف

يتم اختطاف الأطفال من منازلهم أو مدارسهم أو أثناء فرارهم من مناطق الصراع. في بعض الحالات، يتم تهديد الأطفال وعائلاتهم بالقتل إذا رفضوا الانضمام إلى الجماعات المسلحة.

الإغراء والخداع

تقدم الجماعات المسلحة للأطفال وعودًا كاذبة بالتعليم أو فرص العمل، بينما الهدف الحقيقي هو تجنيدهم. في بعض الحالات، يتم إقناع الأطفال بالتسجيل في دورات تعليمية أو مهنية، ليتم بعد ذلك نقلهم إلى معسكرات التدريب العسكري.

 التلقين الأيديولوجي

يتم غسل أدمغة الأطفال وتعليمهم استخدام الأسلحة والمشاركة في العمليات العسكرية. يتم أيضًا تعريضهم لتلقين أيديولوجي مكثف لضمان ولائهم للجماعة.

التداعيات النفسية والاجتماعية

يتعرض الأطفال المجندون لصدمات نفسية شديدة نتيجة المشاركة في القتال أو مشاهدة أعمال عنف مروعة. هذه الصدمات يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة.

الأطفال المجندون يفقدون فرصتهم في التعليم والتنمية الاجتماعية، مما يعرضهم لخطر العزلة الاجتماعية والفقر في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يعاني هؤلاء الأطفال من وصمة اجتماعية، حيث يتم النظر إليهم على أنهم “قتلة” أو “مجرمين”.

الجهود الدولية والمحلية لمكافحة الظاهرة

اتفاقية حقوق الطفل، التي تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989، تحظر تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة. البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في الصراعات المسلحة، الذي تم اعتماده في عام 2000، يمنع تجنيد الأطفال دون سن الـ 18.

خطة عمل “قسد” مع الأمم المتحدة

في عام 2019، وقعت “قسد” خطة عمل مع الأمم المتحدة تلتزم فيها بإنهاء تجنيد الأطفال. شملت الخطة إصدار أوامر عسكرية تحظر تجنيد الأطفال، وتدريب القادة، وإنشاء مكاتب حماية الأطفال. ومع ذلك، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التقدم في تنفيذ هذه الخطة كان متأرجحًا، حيث تم توثيق مئات الحالات الجديدة لتجنيد الأطفال.

 جهود المنظمات غير الحكومية

تعمل منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” و”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” على توثيق حالات تجنيد الأطفال والضغط على الجماعات المسلحة لإنهاء هذه الممارسة. كما تقوم هذه المنظمات بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المجندين وعائلاتهم.

التحديات المستقبلية

• استمرار الصراعات المسلحة

طالما استمرت الصراعات المسلحة في سوريا، ستستمر ظاهرة تجنيد الأطفال. تحقيق السلام المستدام هو المفتاح للقضاء على هذه الظاهرة.

 • الفقر والافتقار إلى التعليم

الفقر والافتقار إلى التعليم يجعلان الأطفال عرضة للتجنيد. يجب على الحكومات والمنظمات الدولية العمل على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأطفال.

 • الوصمة الاجتماعية

الأطفال المجندون يعانون من وصمة اجتماعية، مما يجعل إعادة دمجهم في المجتمع أكثر صعوبة. يجب العمل على تغيير النظرة الاجتماعية تجاه هؤلاء الأطفال وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم.

خاتمة

ظاهرة تجنيد الأطفال في مناطق سيطرة “قسد” بسوريا هي واحدة من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان.

تحقيق السلام المستدام وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأطفال هي المفاتيح للقضاء على هذه الظاهرة. يجب على المجتمع الدولي أن يوحد جهوده لحماية الأطفال وضمان مستقبل آمن ومشرق لهم.

ومما تقدم، فإن مكافحة تجنيد الأطفال تتطلب تعاونًا دوليًا ومحليًا، بالإضافة إلى إرادة سياسية قوية لإنهاء الصراعات المسلحة وتحقيق العدالة للأطفال الذين حرموا من طفولتهم.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews