تقارير و تحقيقاتسياسةعربي و دولي

ترامب 2025 بين فشل السياسة الخارجية وتحوّله إلى “ظاهرة صوتية”

تحليل صادر عن صحيفة وول ستريت جورنال

شبكة مراسلين
تقرير: عماد بالشيخ

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تحليلًا سياسيًا يُسلّط الضوء على الأداء الخارجي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض عام 2025.
ووفقًا لما ورد في المقال، فقد دخل ترامب ولايته الثانية وسط وعود كبرى بإعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، غير أن الواقع كشف عجزًا واضحًا عن تحويل تلك الوعود إلى إنجازات ملموسة.
التقرير يؤكد أن ترامب، بدلًا من أن يكون صانع سياسة مؤثر، تحوّل إلى “ظاهرة صوتية” تُطلق التصريحات النارية دون أثر فعلي على الأرض.

يستعرض المقال مظاهر هذا الإخفاق في أبرز الملفات الدولية: روسيا، الصين، وإيران.

1 – روسيا: إخفاق في إدارة أزمة أوكرانيا

السياق العام:
الحرب الروسية-الأوكرانية، التي اندلعت في عام 2022، شكّلت تحديًا استراتيجيًا حادًا للإدارة الأمريكية. حيث دعمت إدارة بايدن أوكرانيا بقوة، مما ساعدها على الصمود في وجه الغزو الروسي.

الخطاب التبسيطي:
وعد ترامب، خلال حملته، بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة عبر “علاقته الشخصية” بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

النتائج العملية:
• فشلت محاولاته في الضغط على أوكرانيا لقبول تسوية تتضمن تنازلات إقليمية.
• استمرت روسيا في التصعيد العسكري، مدعومة بتحالف متين مع الصين وإيران.
• أدت تصريحاته المتضاربة بشأن دعم الناتو إلى زعزعة ثقة الحلفاء الأوروبيين.

التحليل:
في ظل غياب أدوات فعالة وتنسيق دولي جاد، لم يكن لخطاب ترامب أي أثر يُذكر على مجريات الحرب، بل عمّق الانقسامات داخل الغرب.

2 – الصين: تصعيد اقتصادي بلا استراتيجية واضحة

المواجهة التجارية:
أعاد ترامب فرض رسوم جمركية مشددة على الواردات الصينية، ما دفع بكين إلى اتخاذ إجراءات مضادة أضرت بالاقتصاد الأمريكي.

الفراغ الجيوسياسي:
في المقابل، واصلت الصين تعزيز حضورها الاستراتيجي في آسيا، وتوسيع مبادرة الحزام والطريق، وسط انكفاء أمريكي واضح.

القصور في الملف التكنولوجي:
رغم التصعيد الخطابي تجاه شركات التكنولوجيا الصينية، لم تتم بلورة رؤية متكاملة لتعزيز التفوق الأمريكي في هذا المجال.

3 – إيران: تصعيد دون نتائج استراتيجية

فشل سياسة “الضغط الأقصى”:
لم تُسفر العقوبات المشددة عن تراجع فعلي في البرنامج النووي الإيراني، بل ساهمت في تعزيز نفوذ التيار المتشدد داخل النظام.

انعكاسات إقليمية:
ازداد التوتر في الشرق الأوسط، وسط تراجع ثقة الحلفاء الخليجيين—خصوصًا السعودية والإمارات—في التزام واشنطن بأمن المنطقة.

القراءة الاستراتيجية:
اتسمت سياسة ترامب تجاه إيران بالتذبذب وغياب الرؤية، ما أضعف الدور الأمريكي في المعادلة الإقليمية.

لماذا تحوّل ترامب إلى “ظاهرة صوتية”؟

  1. الخطاب المبالغ فيه:
    لجأ إلى شعارات شعبوية مثل “هزائم الخصوم خلال أيام”، دون أن يترجمها إلى وقائع.
  2. الإعلام بدل المؤسسات:
    اعتمد بشكل مفرط على تويتر ومنصات الإعلام، عوضًا عن القنوات الدبلوماسية الرسمية.
  3. تهميش الخبرات:
    همّش الأجهزة والمؤسسات المختصة، معتمدًا على دائرة ضيقة من الموالين.
  4. العشوائية في القرار:
    افتقرت سياساته الخارجية إلى الاتساق والتخطيط بعيد المدى.
  5. غياب الوعي بالتحولات العالمية:
    تجاهل صعود القوى المنافسة وتغيّر موازين القوة عالميًا.

النتائج والتداعيات

تراجع المصداقية الأمريكية:
تسبب التناقض بين الخطاب والممارسة في إضعاف صورة الولايات المتحدة كقوة موثوقة.

اهتزاز التحالفات:
ارتبك الحلفاء من تبدّل السياسات الأمريكية، ما أدى إلى تآكل الشراكات التقليدية.

صعود المنافسين:
استغلت كل من روسيا، الصين، وإيران هذا الارتباك لتوسيع نفوذها وتعزيز مواقعها الاستراتيجية.

خاتمة: دروس من الإخفاق

يخلص تحليل وول ستريت جورنال إلى أن أداء ترامب في السياسة الخارجية يمثل درسًا حول حدود الشعارات حين تُفصل عن المؤسسات والرؤية الاستراتيجية.

أثبتت الملفات الكبرى، وعلى رأسها أوكرانيا، أن العلاقات الشخصية لا يمكن أن تحل مكان التحليل المعمق والسياسات المدروسة. إذا أرادت الولايات المتحدة استعادة دورها القيادي، فعليها أن تعيد الاعتبار إلى العمل المؤسسي والدبلوماسية الحقيقية، بعيدًا عن وهم “الرئيس القادر على حل كل شيء بصوت مرتفع”.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews