تقارير و تحقيقات

صنعاء: من يسيطر على صورة الحرب؟

في تناقض لافت، تجد حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليًا نفسها في موقف يثير الجدل، حيث تصدر قرارات بمنع توثيق آثار الغارات الجوية الإسرائيلية، في الوقت الذي تقوم فيه أذرعها الإعلامية بنشر صور مختارة داعية الجميع أخذ ما يتم نشره من قبلها فقط، هذا التناقض دفع ناشطين إلى وصف الإجراء بأنه “تكميم للأفواه وتقييد حرية الصحافة” ما يؤدي إلى التغطية على جرائم حرب يجب كشفها للرأي العام، فمن خلال الرسائل التي تصل المواطنين في محتواها تقول “من يُصور سيُلبس تهمة الشراكة مع العدوان وسيتلقى العقاب” في ظل تصاعد الدعوات الدولية لضمان حرية الصحافة في مناطق النزاع.

التلاعب بالحقيقة

ففي العاشر من سبتمبر الجاري، نفذت القوات الإسرائيلية هجوماً جويًا واسعًا على اليمن، وسط تضارب في الروايات حول الأهداف، إذ زعمت هيئة البث الإسرائيلية أن عشر طائرات حربية ألقت 30 قنبلة على 15 هدفاً، بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهجوم استهدف “منشآت وقواعد تضم عدداُ كبيراً من الإرهابيين” حسب قوله.
في المقابل، قدمت جماعة الحوثي رواية مختلفة تماماُ، فصرح عضو المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد بأن “العربدة الصهيونية تستهدف أعيانًا مدنية ومناطق سكنية في صنعاء”. هذه الرواية تدعمها بيانات صادرة عن جهات أخرى، مثل شركة النفط اليمنية التي أعلنت أن القصف استهدف محطتها الخاصة بالقطاع الطبي في شارع الستين بصنعاء، إضافة إلى فرع البنك المركزي في مدينة الحزم بمحافظة الجوف، بحسب وسائل إعلام تابعة للجماعة.

وفي سياق التضارب، نفى الناطق العسكري باسم أنصار الله مزاعم إسرائيل باستهداف منصات إطلاق صواريخ، بينما زعمت القناة 14 الإسرائيلية أن الغارات استهدفت للمرة الأولى منصتي إطلاق صواريخ، إضافة إلى مقر المتحدث باسم الحوثيين يحيى سريع.

الجانب المظلم

بعيداُ عن ساحة المعركة، تواجه حرية الصحافة في مناطق سيطرة الحوثيين تحدياُ فتقول المديرة الإقليمية للجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سارة القضاة: “للجمهور حقاً أساسياً في الحصول على معلومات دقيقة ومستقلة، ويجب أن يتمكن الصحفيون من نقلها بحرية”.
اللجنة، التي وصفت هذه الإجراءات بأنها “ضربة قاسية لحرية الصحافة”، دعت عبر بيان على منصة “إكس” إلى رفع الحظر والسماح بتداول الصور والفيديوهات التي توثق آثار الغارات.

هذه الدعوات تأتي في وقت يتهم فيه الحوثيون من يقوم بالتصوير بأنه مشترك في جرائم العدوان، مما يثير تساؤلات حول محاولة إخفاء حجم الأضرار التي لحقت بالأهداف المدنية، وربما التستر على انتهاكات محتملة، وقد نعت حكومة صنعاء مؤخراً 31 صحفيا سقطوا في الهجوم الأخير على صحيفة 26 سبتمبر في صنعاء.

ففي ظل استمرار النزاع، يبدو أن حرب المعلومات لا تقل أهمية عن الحرب على الأرض فمنع تصوير الأماكن المدنية المستهدفة لا يخدم فقط الأهداف الأمنية، بل يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول محاولات السيطرة على الرواية وحجب الحقيقة عن الرأي العام المحلي والدولي. وبينما يتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بمواصلة الضربات، يبقى دور الصحافة في توثيق الحقائق وكشفها حاسماً لضمان عدم ضياع الحقيقة في خضم الدعاية المتبادلة.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews