500 مليون دولار”… وثائق للبنتاغون تكشف كيف أرهقت الحرب الإيرانية الإسرائيلية ميزانية الدفاع الأميركية

علي زم – طهران – خاص مراسلين
أظهرت وثائق جديدة للبنتاغون أن الجيش الأمريكي أطلق صواريخ اعتراضية متطورة بقيمة 500 مليون دولار للدفاع عن إسرائيل خلال الحرب التي خاضتها مع إيران وأطراف إقليمية أخرى.
وتوضح الوثائق المالية التي كُشف عنها مؤخراً ونشرتها اندبندنت فارسية، جوانب جديدة من حجم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، إضافة إلى نوعية الأسلحة التي استخدمتها القوات الأمريكية خلال قصف المنشآت النووية الإيرانية في يونيو الماضي.
وتضمنت إحدى هذه الوثائق طلباً بميزانية قدرها 498 مليوناً و265 ألف دولار لتعويض صواريخ «تاد» الاعتراضية (منظومة دفاع متطورة تابعة للجيش الأمريكي) التي استُخدمت لحماية إسرائيل. وأوضحت الوثيقة أن «هذا الموضوع يحظى بمتابعة خاصة من الكونغرس ويُعتبر حاجة عاجلة في الموازنة». وأي تعديل على هذه الميزانية يتطلب موافقة المشرّعين الأمريكيين.
«تاد» (THAAD) هي منظومة دفاع جوي من إنتاج شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية، صُممت لاعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة وبعيدة المدى في المرحلة النهائية من مسارها. وتعد من أكثر أصول الدفاع الجوي – الأرضي تطوراً لدى الولايات المتحدة، إذ تستطيع اعتراض أهداف على مسافة تتراوح بين 150 و200 كيلومتر، سواء داخل الغلاف الجوي أو خارجه، عبر تدمير الصاروخ القادم بالاصطدام المباشر بدلاً من التفجير القريب.
بدأ تطوير المنظومة في أوائل التسعينيات، ودخلت الخدمة عام 2008. وكانت الإمارات أول دولة تستخدمها عملياً عام 2022 حين أسقطت صاروخاً باليستياً أطلقه الحوثيون من اليمن.
يتألف الفوج القياسي لـ«تاد» من نحو 100 جندي، ووحدة للتحكم في النيران والاتصالات، وست منصات إطلاق محمولة على شاحنات، ورادار متطور. ويملك الجيش الأمريكي سبعة أفواج من هذه المنظومة، يتمركز عدد منها خارج الأراضي الأمريكية. وقد استُخدم فوجان منها للدفاع عن إسرائيل في مواجهة هجمات إيران والحوثيين.
وخضعت «تاد» لاختبارها العملي الأصعب خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً في يونيو 2025، عندما أطلقت إيران مئات الصواريخ الباليستية على إسرائيل. ووفق التقارير، أطلقت الولايات المتحدة ما بين 100 و150 صاروخاً اعتراضياً من طراز «تاد» لحماية إسرائيل.
ووفق بيانات وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية، تبلغ تكلفة كل صاروخ اعتراض من هذا الطراز نحو 12.7 مليون دولار. هذا الاستخدام المكثف في حرب يونيو أثار مخاوف بشأن كفاية المخزونات التسليحية الأمريكية في إطار الدفاع الأوسع عن إسرائيل.
تمتلك إسرائيل بدورها منظومة مشابهة تسمى «حيتس 3» (Arrow 3). وخلال المواجهات القصيرة والعنيفة في يونيو، جرى استخدام هذه المنظومة إلى جانب تجهيزات الدفاع الجوي الأمريكية والإسرائيلية الأخرى بكثافة.
كما أُلقيت قنابل «جي بي يو-57» (GBU-57) بوزن 13 طناً على منشآت إيران النووية، في حين أطلقت أحد الغواصات الأمريكية أكثر من عشرين صاروخ كروز «توماهوك» أرض-أرض. وشاركت في العملية أيضاً مقاتلات من الجيلين الرابع والخامس، لكن لم يكن واضحاً حينها نوع الأسلحة التي استخدمتها.
وفي وثيقة ميزانية جديدة، طُلب تخصيص 2.3 مليون دولار لتعويض قنابل موجهة صغيرة الحجم من طراز «جي بي يو-39» (GBU-39) تزن 113 كيلوغراماً ومن إنتاج «بوينغ»، ما يثير احتمال استخدامها لاستهداف منظومات الدفاع الجوي الإيرانية.
كما جرى طلب 3.3 مليون دولار لتعويض صواريخ «فالكون AGR-20» الموجهة بالليزر والتي تنتجها شركة «بي إيه إي سيستمز» البريطانية. لكن لا يزال من غير الواضح أين استُخدمت بالضبط هذه الذخائر في عملية «مطرقة منتصف الليل».
وأحال البنتاغون أسئلة الصحفيين بشأن تفاصيل استخدام قنابل «جي بي يو-39» وصواريخ «فالكون» إلى مؤتمرات صحفية سابقة، من دون أن يقدم أي تفاصيل إضافية في تلك الجلسات.
ويُظهر نشر هذه الوثائق أن حرب يونيو القصيرة لم تكن مكلفة لإيران وإسرائيل فقط، بل أثقلت كاهل الولايات المتحدة أيضاً بأعباء مالية وعسكرية كبيرة. كما تكشف عن استعداد واشنطن لتحمّل نفقات ضخمة لضمان أمن إسرائيل، حتى وإن شكل ذلك ضغطاً متزايداً على مخزوناتها العسكرية وميزانيتها الدفاعية.