من هم حقًا أحفاد اسرائيل؟

ممدوح ساتي – مراسلين
صدمة الخزر وأصول أم موسى الكوشية
منذ تأسيس إسرائيل على أرض فلسطين، ظلّت الحجة المركزية أنها “العودة إلى الوطن التاريخي لبني إسرائيل” (أحفاد النبي يعقوب).
لكن مراجعة التاريخ والأنساب تكشف معطيات صادمة:
هل سكان إسرائيل اليوم فعلًا من نسل يعقوب؟
أم أن جذورهم تعود إلى شعوب غجرية أوراسية بعيدة تمامًا عن فلسطين؟
الخزر: من الغجرية والوثنية إلى اليهودية
الخزر كانوا قبائل غجرية رحل انتشرت بين بحر قزوين والبحر الأسود في القرون الوسطى.
لم يكونوا ساميين ولا كنعانيين، بل شعوب وثنية تؤمن بالأساطير والسحر والطقوس الشعبية.
وفي القرن الثامن الميلادي، اتخذ ملوكهم قرارًا سياسيًا باعتناق اليهودية لتأمين موقعهم الجغرافي بين الخلافة الإسلامية شرقًا والإمبراطورية البيزنطية غربًا.
كان ذلك تحولًا استراتيجيًا ذي أهداف سياسية أكثر منه دينية.
ومع سقوط مملكتهم في القرن الحادي عشر، تفرّقوا في أوروبا الشرقية، حيث اندمجوا في مجتمعات محلية وصاروا نواة اليهود الأشكناز.
هؤلاء يشكلون اليوم نحو 70–80% من يهود العالم، وبالتالي الغالبية في إسرائيل الحديثة.
الأشكناز والسفارديم والمزراحيم
- الأشكناز: أحفاد الخزر الغجريين الذين هاجروا إلى أوروبا الشرقية، وهم الأغلبية الساحقة في إسرائيل.
- السفارديم: يهود الأندلس وشمال أفريقيا بعد طردهم في القرن الخامس عشر، أقلية محدودة.
- المزراحيم: يهود الشرق الأوسط (اليمن، العراق، المغرب،شرق افريقيا)، يمثلون بقايا تاريخية لكنهم أقلية ضعيفة الوزن في دولة اسرائيل الحالية.
دراسات جينية حديثة (هارفارد، 2010–2020) أكدت أن الأشكناز يحملون بصمة وراثية أوروبية-قوقازية، لا صلة قوية لها بالشرق الأوسط القديم.
أين بنو إسرائيل الحقيقيون؟
بنو إسرائيل كما ورد في التوراة هم أبناء يعقوب الاثنا عشر الذين عاشوا في فلسطين ومصر.
لكن عبر القرون، ذابوا في الشعوب الكنعانية والعربية، ولم يبقوا شعبًا منفصلًا.
الأهم أن يوكابد، أم النبي موسى، كانت ذات أصول كوشية نوبية، ما يعني أن الدم الإسرائيلي الأصيل امتزج منذ البداية بالعرق الكوشي، ممتدًا نحو شعوب شرق أفريقيا واليمن والسودان ومصر.
وهنا يصبح منطقيًا أن شعوب هذه المناطق تحمل صلة أقوى ببني إسرائيل القدماء من الأشكناز الغجريين الأوروبيين.

مفارقة نتنياهو
تتجلى المفارقة في شخصية بنيامين نتنياهو نفسه، زعيم إسرائيل الأطول بقاءً في الحكم، إذ تشير بعض الروايات التاريخية إلى أن جذوره تعود إلى شمال السودان، حيث كانت أسرته تقيم في مدينة مروي قبل قيام دولة إسرائيل.
وهو ما يعكس التناقض العميق بين الخطاب الرسمي حول “العودة إلى أرض الأجداد” وبين الواقع المتشعب للأصول.
الخاتمة:
إعادة التفكير في الشرعية
إذا كان أغلبية الإسرائيليين المعاصرين أحفاد الخزر الغجريين، بينما يمتد الدم الإسرائيلي الأصيل في العرب والكوشيين واليمانيين، فإن أساس الشرعية المزعومة للدولة العبرية يصبح محل شك تاريخي وأخلاقي.
القضية إذن ليست فقط صراعًا سياسيًا على الأرض، بل إعادة تعريف جذرية:
من هم ورثة يعقوب الحقيقيون؟ وأين يوجد بنو إسرائيل الأصليون اليوم؟
مقترحات مراجع للقراءة:
- Arthur Koestler, The Thirteenth Tribe (1976).
- Shlomo Sand, The Invention of the Jewish People (2008).
- أبحاث إسرائيل فنكلستاين وزئيف هرتزوغ – جامعة تل أبيب.
- دراسات جينية من جامعة هارفارد (2010–2020).
- كتابات في الأنثروبولوجيا النوبية حول الجذور الكوشية.