صحيفة إيرانية: حماس استخدمت لغة دبلوماسية ذكية وحوّلت خطة ترامب إلى فرصة للمناورة السياسية

علي زم – مراسلين
فيما يتحدث ترامب عن «نصر تاريخي» له في ملف غزة، تتواصل ردود الفعل على خطته لوقف إطلاق النار. صحيفة كيهان الإيرانية اعتبرت هذا التطور دليلاً على «الذكاء السياسي لحركة حماس»، مؤكدة أن الحركة لم تقع في «الفخ الأمريكي – الإسرائيلي» الذي كان يهدف إلى إضعاف المقاومة.
أعلنت حركة حماس فجر السبت موافقتها المشروطة على ما سمّي بـ«خطة ترامب للسلام»، وهي خطة قالت مصادر أمريكية إنها تتضمن عشرين بنداً تشمل وقف الحرب وتبادل الأسرى وانسحاباً تدريجياً للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، إضافة إلى إدارة القطاع من قبل هيئة دولية. وقد أثار نشر هذه الأنباء موجة واسعة من ردود الفعل في مختلف أنحاء العالم.
وسارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الظهور على شاشات التلفزيون معلناً أنه حقق «أكبر اتفاق سلام في الشرق الأوسط»، بل وصرّح بأنه يستحق جائزة نوبل للسلام. ودعا إسرائيل إلى التوقف الفوري عن قصف غزة، ووجّه الشكر إلى جميع الدول التي شاركت في جهود الوساطة.
غير أن تحليلات المراقبين وردود الأفعال أظهرت أن القضية أكثر تعقيداً مما حاول ترامب تصويره. صحيفة كيهان المقربة من مكتب المرشد الأعلى، كتبت في تعليقها على هذه التطورات أن بيان حركة حماس ليس مؤشراً على «الاستسلام»، كما قد يظن البعض، بل يمثل «رداً محسوباً» حافظ على الخطوط الحمراء للمقاومة.
وأوضحت الصحيفة المحافظة أن حماس، رغم ترحيبها بأي مبادرة تهدف إلى وقف المجازر في غزة، لم تتحدث إطلاقاً عن نزع سلاحها، وأكدت في المقابل على حق الفلسطينيين في إدارة شؤون قطاع غزة. وترى كيهان أن الحركة استخدمت لغة دبلوماسية ذكية سمحت لها بقبول مشروط لوقف إطلاق النار، مما مكنها من تحويل الخطة – التي كانت ترمي إلى نزع قوة المقاومة وفرض الوصاية الأمريكية على القطاع – إلى فرصة جديدة للمناورة السياسية.
وذكّرت الصحيفة بتجارب سابقة من مفاوضات لبنان وقطر وإيران، محذّرة من أن الولايات المتحدة وإسرائيل دأبتا على استخدام المفاوضات كـ«فخ». وأضافت أن حماس تدرك جيداً أن الطرف المعادي قد ينقض التزاماته بعد أي اتفاق، لذلك صاغت ردها بطريقة تضمن عدم فقدان عناصر قوتها، بما في ذلك ورقة الأسرى.
وفي تحليلها، أشارت كيهان إلى أن حماس، من خلال قبولها مبدأ تبادل الأسرى وتشكيل هيئة فلسطينية مستقلة لإدارة غزة، وافقت جزئياً على بعض المطالب الدولية لكنها في الوقت نفسه منعت تنفيذ الهدف الأساسي للخطة الأمريكية، وهو القضاء الكامل على المقاومة. واعتبرت الصحيفة أن موقف حماس يستند إلى أربعة مبادئ رئيسية: وقف فوري للحرب وتأجيل مناقشة التفاصيل إلى مراحل لاحقة من المفاوضات والحفاظ على سلاح المقاومة والتأكيد على الدور الفلسطيني في مستقبل غزة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر عبرية أن بعض المسؤولين الإسرائيليين عبّروا عن غضبهم من خطة ترامب واتهموه بالخيانة، إلا أنها لم تستبعد وجود تنسيق سري بين واشنطن وتل أبيب لتمرير أهدافهما السياسية عبر مسار التفاوض. ومع ذلك، خلصت كيهان إلى أن بيان حماس الأخير يُظهر أن المقاومة الفلسطينية لم تقع في فخ الوعود الأمريكية، بل استطاعت بفضل دبلوماسية مرنة أن تغيّر موازين الموقف لصالحها، وأن تكسب مزيداً من الشرعية في الرأي العام العالمي مع التمسك بثوابتها الوطنية.
واختتمت الصحيفة تحليلها بالقول إنه من غير المرجح أن تلتزم الولايات المتحدة وإسرائيل بتعهداتهما، غير أن رد حماس الأخير – حتى لو أسفر فقط عن هدنة مؤقتة – قد يشكل فرصة لالتقاط الأنفاس في غزة، وزيادة الضغط الدولي على إسرائيل، وهي فرصة تعتبرها كيهان ثمرة «اللعبة الذكية» التي انتهجتها المقاومة في مواجهة «الفخ الدبلوماسي الأمريكي».