أخبارتقارير و تحقيقات

بين جدران الخيمة وحنين البيوت… الخيمة شاهد على انتظار طال

تقرير : شريف فارس/ سوريا _مراسلين

بين حنين البيوت المهدّمة وواقع النزوح القاسي، يواصل بعض أهالي الشمال السوري أعواماً من الصبر على أمل عودة مؤجّلة. فبعد تحرير البلاد، عاش سكان المخيمات فرحة ظنّوا أنها ستقودهم إلى قراهم ومنازلهم، لكنهم اصطدموا بالدمار الشامل الذي طال البنى التحتية والبيوت، ما أجبرهم على البقاء في خيام النزوح رغم مرور السنوات.

تحوّلت الخيمة منذ ذلك الحين إلى وطنٍ مؤقت، لكنها لم تستطع أن تمحو من ذاكرتهم ملامح القرى التي تركوها. ورغم قسوة الواقع، يبقى الأمل بالرجوع حياً في قلوبهم، مؤجلاً إلى إشعار آخر. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 1.5 مليون شخص يعيشون في أكثر من 1,200 مخيم في الشمال السوري، بينما تجاوزت نسبة تدمير بعض القرى نصف منازلها، لتبقى نسبة العائدين لا تتجاوز 10%.

بلدة البحارية: دمار شبه كامل

قال الأستاذ مفيد أبو الليل، رئيس مجلس بلدة البحارية في الغوطة الشرقية بدمشق، إن نسبة الدمار في البلدة بلغت 92% وفق التوثيقات الرسمية، نتيجة المعارك العنيفة ضد قوات النظام البائد والميليشيات المساندة له. وأضاف أن البلدة فقدت مسجدين أحدهما أثري، ومدرستين، إضافة إلى 400 منزل مدمّر كلياً و375 منزلاً بحاجة إلى ترميم، فضلاً عن خزان المياه الرئيسي وشبكات الكهرباء والصرف الصحي.

وأكد أن البلدة بحاجة إلى مشاريع خدمية عاجلة تشمل إعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وصيانة الطرق الرئيسة، بما يمكّن الأهالي من العودة التدريجية.

خان طومان: خراب شامل

وأوضح الشيخ زكريا جمعة عرب، أحد وجهاء قرية خان طومان بريف حلب الجنوبي، أن القرية مدمرة بالكامل ولا يمكن العودة إليها بسبب تضرر البنى التحتية والمرافق الصحية والتعليمية. وأكد أن المطلوب هو تحرك فوري لإعادة تأهيل المدارس والمستوصفات، وبناء المشافي، وتقديم الخدمات الأساسية. وأضاف أن القرية تعرضت لأشرس المعارك، واستُهدفت بقصف عشوائي ممنهج من النظام وحلفائه حتى باتت أنقاضاً.

معاناة النازحين

يقول محمود، نازح من ريف حلب الجنوبي (تل الضمان):

“ما زلنا في خيامنا ولم نعد لمنازلنا بسبب الدمار الكبير. البلدة بلا ماء ولا كهرباء ولا أي مرفق خدمي. حين عدنا بعد التحرير وجدنا البيوت مهدّمة بالكامل وغير صالحة للسكن. لا طبابة ولا صيدلية، فإذا مرض شخص لا يجد مكاناً للعلاج.”

تكلفة الإعمار

من جانبه، أوضح الأستاذ أنس أبو بكر، الحاصل على إجازة في الاقتصاد، أن تكلفة إعادة إعمار القرى والبنى التحتية في الشمال السوري تُقدّر بالمليارات، بحسب حجم الدمار. وأشار إلى أن الأولويات تتمثل في إصلاح شبكات المياه والكهرباء، والمدارس، والمراكز الصحية، وتأمين مساكن صالحة. وأضاف أن التمويل لا يمكن أن يعتمد كلياً على الموارد المحلية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، بل يحتاج إلى دعم دولي وحملات تبرعية، مقدّراً أن عملية الإعمار قد تستغرق أكثر من خمس سنوات.

أحياء حلب: معاناة التعليم والخدمات

كما بيّن الأستاذ عبد الكريم عرب، مختار حي سعد الأنصاري والعامرية في مدينة حلب، أن الحي يعاني من دمار واسع، خصوصاً مع بدء العام الدراسي الجديد. ورغم تجهيز إحدى المدارس، إلا أن الأهالي يواجهون صعوبات كبيرة بسبب تهدم المنازل، انقطاع الكهرباء، تعطل شبكات الصرف الصحي، وعدم فاعلية المستوصف.

وأضاف أن بعض الأهالي بادروا لإصلاح منازلهم وإضاءة الشوارع، إضافة إلى جهود مجتمعية تضمنت نشر حاويات قمامة وحملات توعية بالنظافة، لتحسين الظروف المعيشية.

استمرار الحياة في المخيمات

وفي السياق ذاته، أوضح حسين عبد اللطيف الفرج، مدير مخيم البركة في حزرة بريف إدلب، أن معظم السكان لم يتمكنوا من العودة بسبب دمار منازلهم وانعدام الخدمات الأساسية. وأضاف أن بعض العائلات تكوّنت من أكثر من أسرة بعد النزوح، فيما يفتقر الريف إلى المدارس والمراكز الطبية وشبكات الصرف الصحي والمياه. وأشار إلى أن المخيم يعاني نقصاً في الخدمات، باستثناء توفر الماء والخبز والمدرسة، ما يجعل الأهالي متمسكين بالبقاء رغم سوء السكن.

يترقب النازحون في الشمال السوري بصيص أمل يُعيدهم إلى بيوت لم تغادر ذاكرتهم يوماً، لتبقى الخيمة رمزاً لمرحلة قاسية من الانتظار، ريثما تُفتح أبواب الرجوع والكرامة.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews