كيف تدرك الفرصة في رمضان لتغيير حياتك بشكل إيجابي؟

عَنِ ابنِ عباسٍ – رضي اللهُ عنهما – قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصَّحَّةُ والفَّراغُ» رواه البخاري.
يحتاج أغلبنا في كثير من الأوقات لانتفاضة ينتفض بها تجاه نفسه لتصحيح المسار، وتعديل الأخطاء، في ظل حالة النوم والثبات العميق الذي يحيا فيه أغلبنا دون هدف أو غاية، حيث تاهت البوصلة، وأصبحنا نعيش بدون قيمة حقيقية، ما أنتج مجتمعا يعيش مثل فقراء اليهود الذين لم يحصلوا دنيا ولا دين.
إلا أن شهر رمضان يعد الفرصة الحقيقية لتصحيح الأوضاع، والمسار، وتعديل الأخطاء، في استغلال الوقت وبناء الهدف والغاية، فينبغي للمسلم ألا يفرط في أفضل مواسم الطاعات، وأن يكون من السابقين إليها ومن المتنافسين فيها، قال الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} الآية (المطففين: 26) .
ولكن كيف نعمل على تصحيح المسار من خلال استقبال شهر رمضان؟:
أولا: الإلحاح على الله في الدعاء بأن يبلغنا شهر رمضان ونحن في صحة وعافية، حتى ننشط في عبادة الله تعالى، من صيام وقيام وذكر، فقد روي عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) (رواه أحمد والطبراني).
وإذا أهل هلال رمضان فادع الله وقل: (الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله) .
ثانيا: الحمد والشكر على بلوغ رمضان، فمن أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة، والعبادة فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة، تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها، فالحمد لله حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
ثالثا: تصحيح وتجديد النية في استقبال الشهر والتفاؤل بالتغيير، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: (جاءكم شهر رمضان، شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم…) .
رابعا: العزم والتخطيط المسبق للاستفادة من رمضان، الكثيرون من الناس وللأسف الشديد حتى الملتزمين بهذا الدين يخططون تخطيطاً دقيقاً لأمور الدنيا، ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة، وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة، ونسيان أو تناسى أن للمسلم فرصاً كثيرة مع الله ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر، ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة، التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات، فيضع المسلم له برنامجاً عمليًّا لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى، وهذه الرسالة التي بين يديك تساعدك على اغتنام رمضان في طاعة الله تعالى إن شاء الله تعالى.
خامسا: عقد العزم الصادق على اغتنامه وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير، قال الله عز وجل: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} [ محمد: 21}.
سادسا: كثرة القراءة والإطلاع والعزم على التفقه في الدين والاجتهاد في العمل، فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم، ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد، ومن ذلك صوم رمضان فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه، ليكون صومه صحيحاً مقبولاً عند الله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [ الأنبياء:7]
سابعا: علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟ قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [ النور: 31].
ثامنا: التهيئة النفسية والروحية من خلال القراءة والاطلاع على الكتب والرسائل، وسماع المحاضرات والدروس التي تبين فضائل الصوم وأحكامه حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يهيئ نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر، فيقول في آخر يوم من شعبان: جاءكم شهر رمضان… إلخ الحديث أخرجه أحمد والنسائي (لطائف المعارف).
تاسعا: نستقبل رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة مع الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة.
عاشرا: بر الوالدين والأقارب، وصلة الأرحام والتصالح مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبداً صالحاً ونافعاً قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الناس أنفعهم للناس).