تقارير و تحقيقات

تعيين الدكتور أحمد نعينع شيخًا لعموم المقارئ المصرية يثير جدلًا حول شرط “الأزهرية”

سعيد محمد – مراسلين

القاهرة- أثار قرار وزارة الأوقاف بتعيين القارئ الدكتور أحمد نعينع شيخًا لعموم المقارئ المصرية حالة من الجدل داخل الأوساط الدينية والقرائية، بعد أن تساءل عدد من المتابعين حول مدى أحقيته في المنصب، خاصة أنه ليس من خريجي الأزهر الشريف، وهو ما اعتاد عليه هذا المنصب طوال تاريخه.


وقد أصدر وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري – بحسب ما أعلنته الوزارة – قرارًا بإعادة تشكيل المجلس الأعلى لشؤون المقارئ، وتعيين الدكتور أحمد نعينع شيخًا لعموم المقارئ المصرية.


وجاء القرار، وفق بيان الوزارة، في إطار “خطة لتطوير العمل القرآني وتنظيم شؤون المقارئ بما يواكب متطلبات العصر، ويعزز من جودة الأداء في حفظ وتجويد القرآن الكريم”.


من هو أحمد نعينع؟
يُعد الدكتور أحمد نعينع أحد أبرز قراء مصر والعالم الإسلامي، وقد اشتهر بصوته المميز وأسلوبه الهادئ في التلاوة. وُلد بمحافظة كفر الشيخ، وتخرج في كلية الطب بجامعة الإسكندرية، ثم جمع بين مهنة الطب وحفظ القرآن الكريم والقراءة في الإذاعة المصرية منذ عقود.


ورغم كونه طبيبًا بالأساس، إلا أن نعينع حصل على العديد من الإجازات القرآنية، وتُعد تلاواته من أشهر التسجيلات في المحافل الرسمية، حيث كان من القراء المعتمدين في المناسبات الكبرى.

أبرز ما أثار الجدل حول القرار هو أن الدكتور نعينع ليس أزهريًا، أي لم يتلقَّ تعليمه في مؤسسات الأزهر الشريف، وهو ما اعتبره بعض العلماء والقراء إخلالًا بتقليدٍ راسخ يقضي بأن يتولى المنصب شخصية أزهرية متخصصة في علوم القراءات والتجويد.


ويرى أصحاب هذا الرأي أن إدارة المقارئ تحتاج إلى خلفية علمية متعمقة في علوم القراءات السبع والعشر، والفقه واللغة العربية، وهي تخصصات أكاديمية يدرسها خريجو الأزهر لسنوات طويلة.
في المقابل، دافع مؤيدو القرار عن تعيين نعينع، مؤكدين أن الكفاءة القرآنية والخبرة الميدانية أهم من الانتماء المؤسسي.


وأشار عدد من القراء إلى أن نعينع يتمتع بقبول واسع في الأوساط القرآنية داخل مصر وخارجها، وله تاريخ طويل في خدمة كتاب الله يزيد على خمسين عامًا.


وقال أحد المقربين من وزارة الأوقاف إن “المعيار الأساسي لاختيار شيخ عموم المقارئ هو الإتقان وحسن الإدارة، وليس فقط الخلفية التعليمية”، مضيفًا أن القرار “جاء تتويجًا لمسيرة قارئ خدم القرآن بإخلاص”.


من ناحية أخرى، عبّر عدد من علماء الأزهر والقراء عن تحفظهم، معتبرين أن المنصب منصب علمي لا إداري، ويجب أن يتولاه من يحمل درجة علمية في القراءات من الأزهر أو من درس علوم القرآن على أيدي مشايخ المؤسسة الدينية.
وقال أحد المشايخ – فضل عدم ذكر اسمه – إن “شيخ عموم المقارئ ليس مجرد قارئ، بل هو مرجع علمي في أحكام التلاوة والإجازة، ويجب أن يكون على دراية أكاديمية ومنهجية بعلوم القرآن”.


وأضاف: “لا أحد ينكر مكانة الدكتور نعينع كقارئ قدير، لكن المنصب له طبيعة مختلفة تستوجب تأهيلًا علميًا أزهريًا”.

وزارة الأوقاف بدورها أكدت في تصريحات صحفية أن القرار “قانوني وسليم”، وأن نعينع “أحد كبار القراء المعتمدين، وله إجازات معترف بها من مشايخ كبار”، مشيرة إلى أن الوزارة تسعى إلى “تجديد الدماء في مؤسساتها القرآنية مع الحفاظ على الأصول”.


ويرى مراقبون أن الجدل الدائر يعكس صراعًا رمزيًا بين تقاليد المؤسسة الأزهرية القديمة، ومساعي الأوقاف إلى التجديد والانفتاح في العمل الديني.


فبينما يتمسك التيار الأزهري بضرورة الحفاظ على هوية المنصب وشرعيته العلمية، تدفع الوزارة نحو رؤية أكثر انفتاحًا، تتيح المجال لأصحاب الخبرة العملية والمكانة الشعبية في مجال التلاوة.


يبقى تعيين الدكتور أحمد نعينع شيخًا لعموم المقارئ المصرية حدثًا مهمًا في مسار تطوير العمل القرآني الرسمي، لكنه في الوقت نفسه يطرح أسئلة جوهرية حول معايير تولي المناصب الدينية بين الكفاءة والخلفية التعليمية.


ومع تباين المواقف، يبقى الحكم الحقيقي مرهونًا بما سيقدمه نعينع خلال الفترة المقبلة من جهود عملية لتطوير أداء المقارئ، وتوحيد الصف القرائي، وإعادة بريق المدرسة المصرية في التلاوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews