تقارير و تحقيقات

جواد ظريف يكشف المستور: موسكو لا تريد لإيران أن تتصالح مع العالم

علي زم – مراسلين

قال وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف إنّه رغم إيمانه بأهمية العلاقات الاستراتيجية مع روسيا، فإنّ موسكو ترى أنّ على إيران ألاّ تكون لها علاقات هادئة تماماً مع العالم، وفي الوقت نفسه يجب ألاّ تصل توتّراتها مع الخارج إلى مستوى المواجهة المباشرة.

وفي كلمة ألقاها يوم الخميس 24 أكتوبر، أوضح ظريف أنّ هذين المبدأين يشكّلان «الخطّين الأحمرين» لروسيا في تعاملها مع طهران. كما نفى ادعاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي قال مؤخراً إنّ «آلية الزناد» (Snapback Mechanism) كانت منذ البداية «فخاً قانونياً» أُدرج في الاتفاق النووي نتيجة التفاهم بين ظريف ووزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري.

وردّ ظريف على هذا الادعاء قائلاً إنّ «آلية الزناد لم تكن تخصّ الأيام الأخيرة من المفاوضات، ولم تكن مرتبطة بالمحادثات بيني وبين جون كيري فحسب». وأشار إلى أنّ لافروف والفرنسيين قدّموا في ذلك الوقت مقترحاً بشأن وضع قرارات مجلس الأمن السابقة ضدّ إيران، وكان ذلك المقترح «غير مقبول إطلاقاً»، مضيفاً أنّ فريق وزارة الخارجية الإيرانية «بذل جهداً كبيراً لإسقاطه».

وجاءت تصريحات ظريف هذه ردّاً على ما قاله لافروف في القمة الروسية العربية، زعم فيها أنّ آلية الزناد «كانت إلى حدّ كبير من صناعة محمد جواد ظريف نفسه»، مضيفاً: «لقد فوجئنا بذلك. لكن بما أنّ شركاءنا الإيرانيين وافقوا على هذه الصيغة — التي كانت بصراحة فخاً قانونياً — فلم يكن لدينا سبب للاعتراض».

وقد أثارت تصريحات لافروف موجة واسعة من ردود الفعل في وسائل الإعلام الإيرانية، ووصفها بعض المراقبين بأنّها «تدخّل من الكرملين في المنافسات السياسية الداخلية عبر تشويه الحقائق».

ومع تفعيل آلية الزناد وإعادة فرض العقوبات الدولية بعد فشل المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن والترویکا الأوروبية، ألقى التيار المحافظ في إيران باللوم على الإصلاحيين الداعمين للاتفاق النووي، بينما رأى الإصلاحيون أنّ العقبات الداخلية التي فرضتها «النواة الصلبة للنظام» التي يهيمن عليها المحافظون، هي التي مهدت الطريق لتقويض الاتفاق.

وفي هذا السياق، جاءت تصريحات لافروف في وقت يؤكد فيه ظريف أنّ «الروس كانوا منذ البداية معارضين للاتفاق النووي، لأنّ إقامة علاقات طبيعية بين إيران والعالم يعتبر خطاً أحمراً لدى موسكو». وأضاف: «بمجرد أن بدأنا المفاوضات الشاملة، بدأوا هم أيضاً لعبتهم الخاصة».

وضرب ظريف مثالاً على ذلك قائلاً إنّ «جون كيري قدّم في منتصف المفاوضات اقتراحاً يقضي بتعليق قرارات العقوبات كل ستة أشهر، لكن عندما أبدينا رفضنا الشديد له، قال لي: هذا الاقتراح قدّمه صديقك لافروف. كان يعلم أننا أصدقاء منذ عام 1994».

وفي تفسيره لموقف موسكو تجاه طهران، أشار ظريف أيضاً إلى أنّ «الروس هم من سرّبوا نبأ زيارة قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، إلى موسكو، وهم أيضاً من كشفوا عن إرسال الطائرات المسيّرة الإيرانية إلى روسيا خلال حرب أوكرانيا».

وخلال أكثر من ثلاث سنوات منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، أنكرت طهران في البداية أيّ بيع للأسلحة أو الطائرات المسيّرة لموسكو، لكنها عادت لاحقاً لتقول إنّ هذه الطائرات كانت قد أُرسلت إلى روسيا قبل اندلاع الحرب الأوكرانية.

وفي السنوات الأخيرة، ومع تزايد توتر علاقات إيران مع الغرب بسبب “سياساتها الإقليمية وغموضها في الملف النووي»، توجهت السلطات الإيرانية وصنّاع القرار بقوة نحو نهج «التوجّه نحو الشرق»، وسعوا إلى تطبيقه عملياً من خلال تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين.

ويؤكد خبراء إيرانيون أنّ الصين وروسيا، في إطار علاقاتهما الاستراتيجية مع إيران، تضعان مصالحهما الوطنية فوق أي اعتبار آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews