تقارير و تحقيقات

حوار خاص : الأزمة الإنسانية في السودان لا تلقى استجابة فاعلة من المجتمع الدولي


مصعب محمد- مراسلين

مصر- أكدت الباحثة والخبيرة في الشؤون الإفريقية أماني الطويل أنه ” لايمكن القول أن المجتمع الدولي استجاب بفاعلية أو إيجابية للأزمة الإنسانية في السودان “. وأضافت أنه” يمكن القول إن المجتمع الدولي تقاعس عن الوفاء بوعوده، سواء داخل السودان أو في دول الجوار التي تستضيف اللاجئين “.

وتحدثت أماني الطويل في حوار خاص ل ” شبكة مراسلين” عن الدور المصري تجاه الأزمة السودانية ومستجدات الآلية الرباعية المعنية بالسودان والتطورات حول سد النهضة والدور المصري في القارة الإفريقية.

وهذا نص الحوار:
سؤال : كيف ترين موقع مصر من الأزمة السودانية اليوم؟
هل ما زالت القاهرة تحافظ على دورها التقليدي كوسيط، أم أنها تسعى لتوسيع نفوذها في ظل تعثّر المبادرات الإقليمية والدولية وتعدد الرؤى بين أطراف الآلية الرباعية؟

إجابة : القاهرة ما زالت تحافظ على دورها في التعامل مع الأزمة السودانية، سواء وُصف هذا الدور بأنه تقليدي أو متجدد. في الحقيقة، استحدثت مصر آليات جديدة استنادًا إلى الدروس المستخلصة من مرحلة ما بعد الاتفاق الإطاري وما تبعها من صراع مسلح.
أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد قدرًا أكبر من الجدية وتحديثًا في أدوات القاهرة تجاه الملف السوداني.
ورغم التحديات التي واجهتها مصر، خصوصًا بعد الثورة، فإنها لم تتخلَّ عن دورها ولم تستجب لمحاولات تهميشها. أثبتت الأحداث أن الموقف المصري في دعم مؤسسات الدولة السودانية، وعلى رأسها الجيش، كان خيارًا صائبًا. فالبديل كان سيقود إلى حالة من الفوضى وتعدد الأطراف المسلحة، ما كان سيهدد وحدة السودان بشكل أعمق مما نراه اليوم.

سؤال: الحرب في السودان خلّفت واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. كيف تقيمين استجابة المجتمع الدولي لهذه الكارثة؟ وهل هناك إدراك حقيقي لحجم المأساة وتأثيرها على استقرار الإقليم؟

إجابة : للأسف، لا يمكن القول إن المجتمع الدولي استجاب بفاعلية أو إيجابية للأزمة الإنسانية في السودان. بل يمكن القول إنه تقاعس عن الوفاء بوعوده، سواء داخل السودان أو في دول الجوار التي تستضيف اللاجئين.

تعاني مفوضية اللاجئين والمنظمات الأممية المعنية بالغذاء ومكافحة المجاعة من نقص حاد في التمويل، ولم ينجح الدعم المباشر المحدود من بعض الدول في سدّ هذه الفجوة.
كما تواجه المساعدات صعوبات لوجستية كبيرة بسبب الصراع المسلح وتدهور البنية التحتية.

في النهاية، وجد السودانيون أنفسهم يعتمدون على جهودهم الذاتية في الإغاثة، وقد أظهروا كفاءة وإنسانية عالية، لكن أثر ذلك يظل محدودًا أمام ضخامة الكارثة.

رغم عقد عدة مؤتمرات ونداءات دولية، ما زالت الاستجابة للأزمة السودانية ضعيفة للغاية.

سؤال: بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب، كيف تصفين المشهد العسكري في السودان؟ وهل بدأت موازين القوى تميل لصالح أحد الطرفين، خاصة مع الحديث عن انشقاقات داخل قوات الدعم السريع؟

إجابة – إذا كان المعيار هو وحدة التراب السوداني، فلا يمكن القول إن الكفة مالت لصالح طرف محدد.
ينبغي

التمييز بين التوازنات العسكرية والشرعية السياسية.
عسكريًا، تسيطر قوات الدعم السريع على مساحات واسعة، خصوصًا في إقليم دارفور. أما سياسيًا وشرعيًا، فالجيش السوداني يحظى بشرعية داخلية وخارجية لا يتمتع بها الدعم السريع.

لذلك يصعب القياس بمؤشر واحد. ومع ذلك، فإن إدراك الأطراف المتحالفة مع الدعم السريع لمستقبله بدأ يتغير، بعدما تبيّن أن الرهان عليه لا يمنحهم ذات الزخم الذي يحظى به الجيش.

كما أثبتت التجارب أن تقسيم الدول ليس حلاً للصراعات، وأن المجتمع الدولي اليوم أكثر حرصًا على دعم استقرار السودان نظرًا لأهميته الجيوسياسية وتأثيره المباشر على أمن البحر الأحمر والمصالح الإقليمية والدولية.

سؤال : في أي سياق يمكن قراءة اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الأخير في القاهرة؟ وإلى أي مدى يمكن التعويل عليه في دفع جهود حل الأزمة السودانية؟

إجابة: زيارة البرهان الأخيرة إلى القاهرة جاءت في سياق التحضير لاجتماع الآلية الرباعية في واشنطن.

خلال سبتمبر الماضي، عقدت الرباعية اجتماعات دون تنسيق كافٍ مع أطراف الصراع، خصوصًا مع قائد الجيش السوداني، ما أوجد مواقف داخل السودان بدت متحفظة تجاه جهودها.
لكن اللقاء في القاهرة يُعد خطوة مهمة لتقليل التوترات وتحسين بيئة العمل أمام الرباعية.

أتوقع أن تسهم هذه المشاورات في دعم جهود وقف إطلاق النار وتطوير إعلان جدة ليعكس المتغيرات الميدانية التي طرأت بفعل الحرب.

بشكل عام، أرى أن التشاور المصري – السوداني قبيل الاجتماعات الدولية خطوة إيجابية تساهم في إنجاح المساعي الرامية إلى إنهاء الحرب.

سؤال : مؤخرًا شددت القيادة المصرية على عدم التفريط في حصة مصر التاريخية من مياه النيل.
كيف ترين تطور الموقف المصري من ملف سد النهضة في ظل الاتهامات الإثيوبية بتأثير القاهرة على القرار السوداني؟ وهل بات هذا الملف جزءًا من توازنات أوسع في الإقليم؟

إجابة : الموقف المصري من سد النهضة ثابت ولم يشهد تغيرًا جوهريًا، فالحفاظ على حق الحياة للمصريين مبدأ لا يخضع للمساومة.
منذ البداية، تبنت القاهرة نهجًا تعاونيًا مع أديس أبابا وسعت إلى حلول مشتركة من خلال اتفاق المبادئ. وعندما فشلت تلك الصيغة، توقفت المفاوضات بعد سنوات من التعثر، وبدأت مصر في تصعيد موقفها عبر أدوات دبلوماسية وسياسية متنوعة.
اليوم تمارس القاهرة ضغوطًا على إثيوبيا من خلال التواصل مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، دون أن تتخلى عن هدفها الأساسي: حماية حقوقها المائية وضمان أمنها القومي.

سؤال : ما ملامح الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في القارة الإفريقية خلال المرحلة المقبلة؟ وهل نحن أمام عودة حقيقية للدور المصري كلاعب محوري في قضايا الأمن والتنمية في إفريقيا؟

إجابة : نعم، نحن أمام مرحلة تحول في الأداء المصري داخل إفريقيا، تتجلى في توسع الوجود الأمني والعسكري والتنموي في القارة.

تعمل مصر على تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي من خلال مشروعات البنية التحتية مثل طريق مصر–السودان وتطوير خطوط السكك الحديدية والربط البري مع دول الجوار.
كما تشارك القاهرة بفاعلية في المنظمات الإفريقية مثل الكوميسا والسادك، وتسعى لتطويرها نحو منطقة تجارة حرة إفريقية شاملة.

على مستوى الأمن، انخرطت مصر في دعم الدول الإفريقية في مكافحة الإرهاب والمشاركة في بعثات حفظ السلام، ووقعت اتفاقات عسكرية ثنائية مع عدد من الدول.

ويعد الوجود المصري في الصومال مؤشرًا مهمًا على تحوّل في السياسة المصرية تجاه إفريقيا، نحو تعاون إفريقي–إفريقي أكثر فاعلية وانفتاحًا.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews