ترامب وبوتين في بودابست خطوة نحو السلام في أوكرانيا أم عودة للجدل الدبلوماسي؟

عبدالله حسن زيد – مراسلين
في خطوة مفاجئة أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تعد الأطول منذ توليه للولاية الثانية حيث استمرت حسب مصادر ما يقارب ساعتين ونصف ، ومن المقرر أن يلتقي الزعيمان في بودابست، عاصمة هنغاريا، خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
هذه القمة، التي ستستضيفها هنغاريا تحت قيادة رئيس الوزراء فيكتور أوربان – الحليف الوثيق لبوتين داخل الاتحاد الأوروبي – تأتي في سياق تصعيد التوترات الدولية، خاصة مع استمرار الحرب في أوكرانيا. وفقاً لتصريحات ترامب، فإن اللقاء يهدف إلى مناقشة “سيناريو جديد” لإنهاء النزاع، مع التركيز على وقف إطلاق النار وإيجاد حلول دبلوماسية حسب ما صرح به الرئيس الروسي.
البنود الأساسية للقمة القادمة :
تدور المناقشات الرئيسية حول الحرب الأوكرانية، التي اندلعت في فبراير 2022 وأدت إلى خسائر بشرية هائلة وأزمة إنسانية عميقة. أعلن ترامب أن المكالمة مع بوتين كانت “إيجابية جداً”، وأن الزعيم الروسي اقترح لقاءً وجهاً لوجه في بودابست دون تدخل “الأطراف الصغيرة”، في إشارة محتملة إلى عدم مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مباشرة.
كما يُتوقع أن يناقش الزعيمان قضايا أخرى مثل الطاقة الأوروبية، حيث تُتهم روسيا باستخدام الغاز كسلاح سياسي، والعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى التوترات النووية والأمن الإقليمي في أوروبا الشرقية.
دور هنغاريا بارز في هذا الجانب ، إذ يُعتبر” أوربان “أقرب شريك لبوتين في الاتحاد الأوروبي، وغالباً ما يعارض العقوبات الأوروبية على روسيا. اختيار بودابست كمكان للقمة يعزز من نفوذ أوربان، الذي يُوصف بأنه زعيم استبدادي، ويثير مخاوف بشأن تقويض الوحدة الأوروبية ومع ذلك، تواجه القمة عقبات لوجستية، مثل مذكرة التوقيف الدولية الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الزعيم الروسي بتهمة جرائم حرب، بالإضافة إلى حظر الطيران الروسي فوق أجواء الاتحاد الأوروبي، مما قد يتطلب استثناءات خاصة من قادة الاتحاد.
التداعيات حول القمة الماضية: دروس ألاسكا
تعيد هذه القمة إلى الأذهان اللقاء السابق بين ترامب وبوتين في ألاسكا، ، والذي أثار عاصفة من الجدل. في ذلك اللقاء، وقف ترامب إلى جانب بوتين ضد التقارير الدولية التي اتهمت روسيا وبوتين بالقيام بجرائم حرب في أوكرانيا مما أدى إلى اتهامات بأن ترامب يخضع لتأثير روسي. لم يسفر اللقاء عن اتفاقات ملموسة، لكنه اعتُبر انتصاراً دبلوماسياً لروسيا، حيث أضعف من مصداقية الولايات المتحدة أمام حلفائها في الناتو وأثار غضباً داخلياً واسعاً من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
التداعيات السياسية كانت هائلة: أدى اللقاء إلى تفاقم التحقيقات في علاقات ترامب بروسيا، وزاد من الشكوك حول استقلالية السياسة الخارجية الأمريكية. دولياً، أضر بسمعة أمريكا كقائد للعالم الحر، وشجع روسيا على مواصلة سياساتها التوسعية، كما رأى بعض الخبراء أنها ساهمت في المزيد من الانتهاكات الروسية في أوكرانيا .
فرص ومخاطر:
من الناحية التحليلية، تمثل قمة بودابست فرصة لترامب لإعادة صياغة سياسته الخارجية، خاصة بعد عودته إلى الرئاسة في يناير 2025. يرى مؤيدوه أنها خطوة جريئة نحو السلام في أوكرانيا، حيث يمكن أن يؤدي اللقاء إلى وقف إطلاق نار سريع، مما يخفف من العبء الاقتصادي على الولايات المتحدة جراء الدعم العسكري لكييف. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أنها قد تكون تكراراً لأخطاء ألاسكا، حيث يميل ترامب إلى تبني رواية بوتين، مما يضعف موقف أوكرانيا والحلفاء الأوروبيين.
في سياق أوسع، قد تعزز القمة من الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يرحب بها الاتحاد بحذر لكن الخبراء يشككون في فعاليتها، معتبرين أنها قد تمنح روسيا شرعية إضافية دون تنازلات حقيقية.
كما أنها تبرز التحديات الأمنية، مثل كيفية سفر بوتين إلى هنغاريا رغم العقوبات، مما قد يثير توترات قانونية دولية.
في النهاية، قد تكون هذه القمة اختباراً لتوازن القوى العالمي، حيث يسعى ترامب إلى “صفقة كبرى”، لكن التاريخ يشير إلى أن مثل هذه اللقاءات غالباً ما تنتهي بمكاسب روسية على حساب الغرب.