نتنياهو يرفض ضمنياً مشاركة تركيا في مهمة مراقبة وقف إطلاق النار في غزة

علي زم – مراسلين
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «اليوم التالي» للحرب في غزة، ملمّحاً إلى رفضه وجود قوات أمنية تركية في بعثة مراقبة وقف إطلاق النار، في حين تُبدي أنقرة استعدادها للمشاركة في «قوة دولية» في القطاع.
وردّ نتنياهو على سؤال حول احتمال نشر قوات تركية في غزة قائلاً: «لديّ آراء حاسمة جداً في هذا الشأن، هل ترغبون في تخمينها؟» — في إشارة واضحة إلى معارضته للفكرة.

يأتي هذا الموقف في وقت لا يزال فيه وقف هشّ لإطلاق النار سارياً منذ 12 يوماً، بينما تتواصل النقاشات حول المرحلة الثانية من «خطة غزة»، والتي تتضمن نزع سلاح حركة حماس، وتشكيل لجنة فلسطينية بإشراف دولي، ودعم «قوة متعددة الجنسيات» للشرطة الفلسطينية بعد إعادة هيكلتها.
تفاؤل واشنطن واستمرار المساعي الدبلوماسية
وأعرب نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس مجدداً عن تفاؤله باستمرار الهدنة، قائلاً إن الطريق صعب، لكن يمكن بناء «مستقبل أفضل» في الشرق الأوسط.
وفي إطار الجهود الدبلوماسية، من المقرر أن يصل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى إسرائيل للقاء نتنياهو. وتشير التقارير إلى أن هذه الزيارات، بمشاركة فريقَي ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب لشؤون الشرق الأوسط، وجاريد كوشنر، صهر ترامب، تهدف إلى الحفاظ على «الزخم السياسي» لوقف إطلاق النار.

موقف أنقرة ودورها المقترح
بدورها، أعلنت تركيا، التي ساهمت في إقناع حركة حماس بقبول اتفاق الهدنة، استعدادها للمشاركة في «قوة مراقبة دولية» في غزة، مؤكدة أنها على استعداد للقيام بدور عسكري أو مدني حسب الحاجة.
وفي واشنطن، أشار مسؤولون إلى أن تركيا يمكن أن تؤدي دوراً «بنّاءً»، لكن الولايات المتحدة أكدت في الوقت نفسه أنها لن تفرض على إسرائيل وجود أي قوات أجنبية على الأراضي التي تسيطر عليها.
وتراجعت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب في غزة، بينما تصاعد التنافس بين الجانبين في الساحات الإقليمية، بما في ذلك سوريا.
وأعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية استعدادها للمشاركة في «قوة التثبيت الدولية» في غزة (ISF) بهدف ضمان الأمن في المنطقة.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية يدعى أكتورك إن قوات بلاده، بفضل خبرتها الطويلة في مهام «حفظ السلام»، جاهزة لتولي أي مهمة تُسند إليها ضمن إطار القانون الدولي لنشر الأمن والسلام. وأضاف أن تركيا، بصفتها واحدة من «أربع دول ضامنة» للهدنة، تواصل مشاوراتها الدبلوماسية والعسكرية مع جميع الأطراف المعنية.
ويتماشى هذا الموقف مع توجهات الرئيس رجب طيب أردوغان لتعزيز الدور التركي في مرحلة ما بعد الحرب، وتقديم أنقرة كـ «وسيط ومحور استقرار» في الإقليم.
وتأتي هذه التطورات بعد الدور التركي في إقناع حركة حماس بالموافقة على المرحلة الأولى من «خطة السلام ذات البنود العشرين» التي اقترحها دونالد ترامب، والتي تنص على نشر «قوة دولية للتثبيت» للإشراف على عمليات «نزع السلاح»، و«إعادة الرهائن»، و«إدارة مؤقتة» للقطاع.

الوضع الميداني وملف الرهائن والجثث
على الرغم من الهدنة، لا تزال التقارير تشير إلى وقوع اشتباكات متفرقة، وبطء في تسليم جثامين الرهائن، وتأخير في دخول المساعدات وفتح المعابر.
وأعلنت سلطات غزة دفن 54 جثة مجهولة الهوية سُلّمت من إسرائيل، بينما نُقلت 30 جثة أخرى إلى مستشفى ناصر في خان يونس. وتقول إسرائيل إن الجثث تعود إلى «مسلحين» قُتلوا خلال هجوم السابع من أكتوبر أو المعارك التي تلت ذلك.
من جهتها، سلّمت حركة حماس حتى الآن 15 جثة من أصل 28 رهينة متوفاة، مشيرة إلى أن بعض الجثث لا تزال «مدفونة تحت الأنقاض». وفي المقابل، أعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل ما لا يقل عن 88 فلسطينياً، بينهم مدنيون، منذ بدء الهدنة. كما أكّد الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين له في جنوب القطاع خلال عطلة نهاية الأسبوع.
التحدي الأكبر: نزع سلاح حماس ومستقبل غزة
يتمثل التحدي الرئيسي في المرحلة المقبلة في نزع سلاح حركة حماس ووضع آلية أمنية وإدارية مستقرة لإدارة غزة.
وترفض حماس تسليم سلاحها إلا بعد تشكيل «دولة فلسطينية»، في حين تصر إسرائيل على ضمان «عدم وجود تهديد أمني» من القطاع.
ويبقى الخلاف حول دور تركيا، وطبيعة وتركيبة القوة الدولية، وصلاحيات اللجنة الفلسطينية، العامل الحاسم في تحديد مدى إمكانية تطبيق وقف إطلاق النار بشكل دائم.



