تقارير و تحقيقات

نيجيريا تشنّ أعنف هجوم ضد “بوكوحرام” و”داعش غرب إفريقيا” خمسون قتيلاً وتدمير معاقل رئيسية

ممدوح ساتي -مراسلين

في تصعيد عسكري وُصف بأنه الأعنف منذ مطلع العام، أعلن الجيش النيجيري مقتل أكثر من خمسين عنصراً من تنظيمي بوكوحرام وداعش – ولاية غرب إفريقيا (ISWAP) خلال سلسلة عمليات منسّقة نفذتها القوات المشتركة في شمال شرق البلاد، امتدت من سهول بورنو إلى تخوم يوبي المحاذية لبحيرة تشاد.

وقال المتحدث باسم القيادة العامة إن القوات الجوية استخدمت طائرات مسيّرة هجومية لاستهداف مواقع قيادية ومخازن أسلحة في مناطق ديكوا وغاجيبو ومافا، أعقبها تقدم بري لوحدات النخبة التي خاضت اشتباكات استمرت ساعات مع مجموعات مسلحة متحصنة داخل الغابات.

وأشار البيان إلى تدمير عربات مدرعة وأسلحة ثقيلة بينها قاذفات RPG ورشاشات متوسطة، مؤكداً أن العملية تأتي في إطار حملة استباقية لمنع التنظيمين من إعادة تجميع صفوفهما بعد ضربات سابقة في الربيع الماضي.

من “مدرسة محمد يوسف” إلى ذراع إفريقي لـ”داعش”

نشأت بوكوحرام عام 2002 في مدينة مايدوغوري على يد الداعية المتشدد محمد يوسف، رافعةً شعار “تحريم التعليم الغربي” ومتبنية خطاباً دينياً مغلقاً سرعان ما تحوّل إلى تمرّد مسلح بعد مقتل زعيمها عام 2009.
وخلال عقد من الزمن، توسعت الجماعة في ولايات الشمال الشرقي، وشنّت مئات الهجمات على المدارس والأسواق ودور العبادة، وبلغت ذروتها عام 2014 عندما اختطفت أكثر من 200 فتاة من بلدة شيبوك في حادثة هزّت الرأي العام العالمي.

في 2015 أعلنت الجماعة ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية، فانشق جناح جديد تحت اسم ولاية غرب إفريقيا (ISWAP)، اتخذ من ضفاف بحيرة تشاد مركزاً لعملياته، ودخل في صراع دموي مع جناح شيكاو الذي انتهى بمقتله عام 2021. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت المنطقة الحدودية بين نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون إلى مسرح دائم لمعارك الكرّ والفرّ.

الجيش يغيّر قواعد المواجهة

يرى مراقبون أن استخدام نيجيريا للطائرات المسيّرة بهذه الكثافة يشير إلى تحوّل تكتيكي في فلسفة المواجهة، إذ باتت العمليات تعتمد على الضربات الدقيقة وتحييد القادة الميدانيين بدلاً من الاشتباكات التقليدية المكلفة بشرياً.
كما تعكس هذه التطورات إدراكاً متزايداً بأن الحرب ضد الإرهاب في الساحل الإفريقي لا يمكن أن تُحسم بالدفاع وحده، بل تتطلب تحركات هجومية استباقية تعطل البنية اللوجستية للجماعات المتطرفة.

حرب طويلة الأمد وثمن باهظ

تُقدّر الأمم المتحدة عدد ضحايا الصراع في شمال شرق نيجيريا منذ عام 2009 بأكثر من 35 ألف قتيل ونحو مليوني نازح، في واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية والأمنية في القارة الإفريقية.
كما تسبب انتشار الجماعات المسلحة في تعطيل الزراعة والتجارة الداخلية وتراجع الإنتاج في الولايات الشمالية، ما زاد من معدلات الفقر وسوء التغذية، وخلق بيئة خصبة لتجنيد المزيد من الشباب في صفوف التنظيمات.

العمليات تستهدف الملاذات الآمنه للارهاب

الجيش النيجيري، بحسب مراقبين، يسعى من خلال هذه الحملة إلى تأكيد حضوره الميداني وإعادة ثقة السكان المحليين بالدولة، في وقت يواجه فيه الرئيس “بولا تينوبو” ضغوطاً متزايدة لإحراز تقدم ملموس في ملف الأمن بعد وعوده الانتخابية.

العمليات الحالية تُعد بمثابة رسالة مزدوجة:

إلى الداخل بأن الدولة استعادت زمام المبادرة في الشمال الشرقي.

وإلى الخارج بأن نيجيريا ما زالت ركيزة الأمن الإقليمي في مواجهة المدّ الارهابي الذي يمتد من بحيرة تشاد إلى مالي وبوركينا فاسو.

ومع استمرار الغارات وتمشيط الغابات في ولايتي بورنو ويوبي، يبدو أن نيجيريا تدخل مرحلة جديدة من معركتها ضد التطرف ، مرحلة تُدار فيها الحرب عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، لا بالبنادق وحدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews