تقرير تحليلي موسّع: استدعاء نائب المدّعية العسكرية الإسرائيلية والآثار المحتملة
مقدّمة
شهد الأسبوع الأخير تصعيداً في الملف المعروف إعلامياً باسم «سده تيمان» (Sde Teiman) ضمن منظومة القضاء العسكري والمؤسّسات البرلمانية في إسرائيل، عندما قام بوعز بيسموت، رئيس لجنة الخارجية والأمن في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، باستدعاء كل من يفعات تومر‑يروشلمي، المدّعية العسكرية العامة، وغَـل عَسَاهيل، نائبها، إلى جلسة عاجلة يُنتظر عقدها الأسبوع المقبل. يبدو الإعلان كدليل على أن القضية تجاوزت بؤرة التحقيقات العسكرية الداخلية لتصبح مسألة قضائية–سياسية عالية الشأْن.
في هذا التقرير، أقدّم عرضاً مفصّلاً يشمل: الخلفية القانونية للمسألة، الشخصيات الرئيسة، التفاعلات السياسية، ثمّ تحليل تداعيات هذه التطورات على القضاء العسكري والسياسات الإسرائيلية المُحيطة بها.
خلفية القضية
- نشأة الملف
بدأ التحقيق في سده تيمان باعتباره شكوى داخلية حول «إساءة معاملة» أسير فلسطيني في منشأة احتجاز يُديرها الجيش الإسرائيلي. ومع الوقت، تحوّل الملف إلى قضية علنية بعد تسريب مقطع فيديو إلى وسائل إعلام إسرائيلية يُزعم أنه يعرض عنفاً من عناصر احتياط في وحدة تُعرف بـ «قوة 100» ضدّ المعتقل. وقد تلقّى الفيديو تداولاً واسعاً وأثار جدلاً حول مدى صدقيته ودرجة التعديل التي تعرض لها. - دور جهاز النيابة العسكرية (سلك النيابة العسكرية الإسرائيلية – MAG) ودورها القانوني
جهاز النيابة العسكرية (MAG) يُعدّ الذراع القانوني للجيش الإسرائيلي، إذ يُموّل مهمة «ترسيخ حكم القانون داخل جيش الدفاع الإسرائيلي (IDF)»، ويعتمد على مدّعية عامة، محاكم عسكرية، وإدارة مقاضاة منفصلة عن المحاكم المدنية. IDF+1
في السياق الحالي، يتحوّل التسريب إلى قضية “تقويض سير العدالة” داخلياً، مع احتمال أن يكون قد تضرر سمعة الجيش والمساس بقدراته القانونية على الدفاع عن ممارساته أمام الساحة الدولية. - آخر التطوّرات
- تمّ إدراج ما يبدو أنّه تحقيق جنائي بحق المدّعية العسكرية العامة تومر-يروشلمي على خلفية تسريب الفيديو. Jerusalem Post+1
- بوعز بيسموت طالب باستدعاء تومر-يروشلمي ثمّ نائبها عَسَاهيل، واعتبر «الحدث خطيراً لا يمكن أن يُمرّر على جدول الأعمال».
- بيسموت ذاته يترأس اللجنة البرلمانية التي أصبحت تضغط على الجهات القضائية – ما يعكس اشتباكاً بين السلطات.
الشخصيات الرئيسية
يفعات تومر‑يروشلمي (Yifat Tomer-Yerushalmi)

6
- ولدت عام 1974 في نتانيا بإسرائيل. Vikipedi+1
- دخلت سلك النيابة العسكرية في الـ IDF في عام 1996، وتدرّجت حتى أصبحت في 1 سبتمبر 2021 المدّعية العسكرية العامة (المَديرة لجهاز النيابة العسكرية – MAG)، برتبة لواء (Major General)، لتكون ثاني امرأة في التاريخ الإسرائيلي تتولّى هذا المنصب. Christians United for Israel+1
- من أبرز مهامها: الإشراف القانوني على العمليات العسكرية، الدفاع عن إسرائيل وممارساتها أمام تحقيقات حقوقية دولية، وإصدار مواقف علنية حول “القيود على استخدام القوة” في الحروب. Jerusalem Post+1
- في الآونة الأخيرة، تمّ توقيفها أو وضعها «على إجازة» إثر فتح تحقيق جنائي في التسريب الذي وقع في الملف الحالي. Jerusalem Post+1
- التحديات التي تواجهها تشمل: ضغط من الجهاز السياسي، توتر مع وزارة الدفاع، ومسؤوليات ضخمة في سياق حرب غزة ومساءلة دولية. Times of Israel+1
غَـل عَسَاهيل (Gal Asael)



5
- يشغل حالياً منصب نائب المدّعية العسكرية (Deputy MAG) أو أحد كبار القضاة/المستشارين القانونيين في النيابة العسكرية. IDF
- خدم منذ عام 2001 في جهاز النيابة العسكرية وشغّل عدة مناصب منها: رئيس المكتب القانوني لنائب المدّعية العسكرية، رئيس فرع الاستراتيجية، نائب رئيس قسم القانون الدولي، مستشار قانوني للقوات المسلحة في قضايا القانون الخاص. IDF
- يُعدّ المرشح الأعلى لتولّي مهام تومر-يروشلمي في حال استمرّ تعليقها أو إزاحتها. JFeed
- استدعاؤه إلى اللجنة البرلمانية يعكس مدى الجدية التي تُعامل بها المؤسسة البرلمانية هذه القضية، وقد يشير إلى محاسبة محتملة.
بوعز بيسموت (Boaz Bismuth)

6
عضو في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود منذ 2022. Knesset+1
- في يوليو 2025 تم انتخابه رئيساً للجنة الخارجية والأمن (FADC) خلفاً لـ يولي إدلشتين، بعد تصويت داخلي حاز فيه 29 صوتاً مقابل 4. ynetglobal+1
- يُعرف بمواقف يمينية واضحة، ودعّم تشريعات متشددة، مثل حظر نشاط وكالة الأونروا داخل إسرائيل. The Dayton Jewish Observer+1
- من منظور هذا الملف، بيسموت يتّبع مقاربة “رقابة مشدّدة” للمؤسسات الأمنية والقضائية، ويَظهر كقائد سياسي يسعى لفتح ملفات كانت تُعامل داخلياً بهدوء.
تحليل الأبعاد القانونية والسياسية
أ. البُعد القانوني
- الاستدعاء البرلماني لوكيل النيابة العسكرية أو نائبها يُعدّ سابقة نوعية، إذ يُظهر تدخل المؤسسة التشريعية في شؤون القضاء العسكري، الأمر الذي يطرح أسئلة حول استقلالية القضاء العسكري ووضعه في منظومة السلطات الثلاث.
- بحسب الوثائق الأكاديمية، نظام القضاء العسكري الإسرائيلي يُخضع القوات العسكرية وسيطرتهم القضائية لمجموعة هياكل داخل MAG، لكن ما يحدث يشير إلى أن هناك ضغوطاً سياسية متزايدة. QIL QDI+1
- إذا ثبت أن التسريب تمّ من داخل النيابة العسكرية أو عبر تساهل منها، فذلك قد يُشكّل “إخلالاً بإخلاص الوظيفة” أو “تسريب شبه مقصود” يمكن أن يفضي إلى مساءلة جنائية أو ادارية ضد القيادات.
- كما أن القضية مرتبطة بمسائل قانون دولي: الجهات المعنية تراقب كيف تدير إسرائيل ممارسات الاعتقال، والتسريب يُضعف الموقف القانوني أمام تحقيقات مثل في محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية. مثلاً، تومر-يروشلمي سبق وحذّرت القوات من “استخدام القوة بلا مبرّر” أو من “سلوك غير قانوني”. Financial Times+1
ب. البُعد السياسي
- بوعز بيسموت بتولّيه رئاسة اللجنة، يسعى لتشديد الرقابة على مؤسسات الدولة خلال مرحلة حرب تمتد لسنوات. استدعاؤه للمسؤولين القضائيين يعكس توجهه لرفع الغطاء التقليدي بعض الشيء عن الأجهزة الأمنية والتشريعية.
- هذا التوتّر بين النيابة العسكرية والسياسة يظهر بشكل واضح في قرار وزير الدفاع بتجميد مشاركة تومر-يروشلمي في مؤتمر نقابي رغم موافقتها العسكرية، ما يعكس الصدام بين المؤسسة التنفيذية والقضائية. Times of Israel+1
- أيضاً، خلفية بيسموت في تشريعات العسكر والأونروا تُضعِف ما يُعرف بـ «الرواية المحافظة» التي تقول بأن القضاء العسكري يعمل دون ضغوط سياسية، ما قد يؤدي إلى فقدان ثقة عامة أو احتكاكات مؤسسية.
ج. تداعيات محتملة
- قد يؤدي تحقيق جنائي أو إداري يشمل تومر-يروشلمي إلى إعادة هيكلة جزئية في النيابة العسكرية، وربّما تغييرات في قيادتها، بُغية استعادة الثقة أو التخفيف من الضغوط.
- من الناحية التشريعية، اللجنة التي يرأسها بيسموت قد تفتح باباً لمزيد من جلسات المساءلة، وربّما سنّ تشريعات تُقيّد أو تنظم عمل النيابة العسكرية أو تؤسّس لهيئات رقابية مستقلة.
- دولياً، أي كشف عن تسريب فعلي يسهم في تقويض المصداقية الإسرائيلية أمام المساءلة الدولية، ويعطي مزيداً من الأدلة لمن يطالب مساءلة إسرائيل عن ممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- داخلياً، الجنود والضباط في الاحتياط قد يشعرون بأن لديهم حماية أقلّ، ما قد يؤثر على معنوياتهم أو استعدادهم للمشاركة في مهام في ظروف عالية الخطورة.
سياق أوسع: العلاقة بين القضاء العسكري والسياسة الإسرائيلية
إن ملف القضاء العسكري في إسرائيل يعيش توتّراً مستمراً: ففي وقت يعاني فيه الجيش ضغوطاً دولية بسبب حرب غزة أو معاملات الأسرى، يواجه القضاء العسكري اتهامات بأنه يعمل تحت تأثير السلطة التنفيذية أو أنه لا يوفر عدالة كافية للمعتقلين الفلسطينيين. btselem.org+1
من جهة ثانية، البرلمان الإسرائيلي وإجراءاته التشريعية بدأتا تتداخل أكثر مع شؤون الأمن، مثلاً عبر تحديد من يشغل مناصب قيادية، أو من يُحاسب، أو من يُستدعى للمساءلة، ما يُثير تساؤلات عن حدود فصل السلطات في المجال الأمني-القضائي.
ملخّص واستنتاجات
- استدعاء نائب المدّعية العسكرية يشكّل محطة مهمّة في مسار الملف، ويُعدّ مؤشّراً على أن القضية لم تعد “داخلية” بل ذات أبعاد سياسية وقضائية عالية.
- الشخصيات الثلاث: تومر-يروشلمي (المسؤولة القضائية العليا)، عَسَاهيل (نائبها والمحتمل أن يتولّى الإشراف الفوري)، وبيسموت (الفاعل البرلماني) تمثّلان تقاطعات القانون والسياسة والأمن.
- الأبعاد القانونية والسياسية مترابطة وثيقة هنا: من مساءلة القضاء العسكري إلى اصطدامه مع السياسة إلى انعكاسات دولية محتملة.
- ما يحدث قد يُفضي إلى تغييرات في هيكل القضاء العسكري، أو إلى تشريعات جديدة، أو حتى إلى آثار على عملية اتخاذ القرار الأمني والاحتياطية داخل الجيش الإسرائيلي.



