السودان – تدفّق النازحين من الفاشر نحو الدبة مستمر..

ممدوح ساتي -مراسلين
تواصل موجات النزوح من مدينة الفاشر بشمال دارفور إلى مدينة الدبة بالولاية الشمالية، وسط تقديرات محلية تُشير إلى تجاوز عدد الوافدين حتى الآن حاجز الأربعين ألف نازح، في أكبر حركة انتقال بشرية تشهدها الشمالية منذ بداية الحرب.
النازحون الذين يشقّون طريقهم عبر المسارات الصحراوية الطويلة لا يفرّون فقط من العمليات العسكرية، بل من الجوع والانهيار الكامل للخدمات، ومن دائرة الرعب التي تفرضها مليشيا الدعم السريع على الحواضر والقرى في دارفور، والتي باتت تعيش حالة تشبه “الإفراغ أو التهجير القسري” نتيجة الارهاب و تفكك كامل منظومة الحياة اليومية.

إنقاذ عبر الشعب قبل الدولة
ما يجري الآن في الدبة ليس مجرد استقبال عابر، بل مشهد سوداني منسوج بقيم التضامن المتجذرة.
سكان الشمالية تحركوا قبل أن تصل سيارات المنظمات وقبل أن تتخذ الجهات الرسمية إجراءاتها.
تجمعات أهليّة، لجان مقاومة محلية، مجموعات نسوية وشبابية، حملات تبرعات نقدية وعينية، مطابخ جماعية تُعد الطعام، سيارات خاصة تتناوب على نقل الأسر، وحتى ساحات المنازل تُفتح كملاجئ مؤقتة.
“الجهد الشعبي” في الشمالية يسابق الزمن وسبق “الجهد الرسمي” بحقيقة لا يمكن إنكارها.
المجتمع الأهلي أصبح هو “مركز استجابة” الأول للنازحين.
بينما المنظمات الدولية ـ حتى اللحظة ـ لا تزال تتحرك ببطء لا يتناسب مع حجم الأزمة المفاجئة.
مدينة الدبة اليوم تقف في نقطة تاريخية ، تستقبل من يحمل ذاكرة دارفور كاملة على أكتافه.


حكومة الولاية الشمالية و المنظمات أيضا بدأت اسهاماتها تكون واضحه ، يثبت الناس مرة أخرى أن النسيج السوداني ـ مهما جرى له من تشظّي سياسي ـ لا يزال يحتفظ بجذره الأخلاقي القديم ، لا يُترك أحد وحيداً عند الخطر.
والتوقعات تشير إلى المزيد ، فكلما اتسعت عمليات القمع والانهيار حول الفاشر، كلما ازداد تدفق الفارين بحثاً عن نقطة الأمان .





