أخبارتقارير و تحقيقات

صفقة F-35 بين واشنطن والرياض… تنازل إسرائيلي مثير للجدل

إعداد: أبوبكر إبراهيم أوغلو
المصدر: يديعوت أحرونوت – رونين بيرغمان

تُظهر تسريبات من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستعد للموافقة على خطوة وُصفت بأنها “تنازل استراتيجي خطير”، وذلك مقابل تجنّب أي التزام يتعلق بحلّ الدولتين في إطار اتفاق التطبيع المحتمل مع السعودية. ويتمثل هذا التنازل في موافقة إسرائيل الضمنية على أكبر صفقة تسليح من نوعها في الشرق الأوسط: بيع 50 إلى 100 مقاتلة شبحية F-35 إلى الرياض.

■ صدمة داخل المؤسسة العسكرية

خلال الأسابيع الأخيرة، عبّر مسؤولون كبار في وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي عن قلق بالغ بعد وصول معلومات مؤكدة حول استعداد الولايات المتحدة لبيع السعودية عددًا كبيرًا من المقاتلة الأكثر تقدّمًا في العالم.

وفي جلسات مغلقة، وصف ضباط رفيعو المستوى في سلاح الجو الصفقة بأنها:
“خطر واضح ومباشر على التفوق النوعي لإسرائيل”.

وأكد عدد منهم أنه لو كان القرار بيدهم، لكانت إسرائيل اعترضت بشدة على الصفقة.

■ التنازل الإسرائيلي: تطبيع بلا ثمن فلسطيني

تشير التسريبات إلى أن واشنطن تطلب من إسرائيل عدم معارضة الصفقة، مقابل أن تُخفف السعودية مطالبها السياسية، وخاصة تلك المتعلقة بخطوات ملموسة نحو قيام دولة فلسطينية.

وبحسب مسؤول أمني:

“نتنياهو مستعد للتنازل عن جزء أساسي من تفوق سلاح الجو فقط كي يحصل على التطبيع دون أي حديث عن حل الدولتين”.

ووفقًا للتقارير، تريد السعودية:

  • اتفاق دفاعي رسمي مع الولايات المتحدة
  • مشروع نووي مدني بموافقة إسرائيل
  • صفقة مقاتلات F-35 المتطورة

■ تهديد للقانون الأميركي الخاص بـ“التفوق النوعي”

يحذّر مستشارون قانونيون في المؤسسة العسكرية من أن الصفقة قد تُخالف القوانين الأميركية التي تلزم واشنطن بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل (QME)، عبر التشاور معها وتقديم قدرات متقدمة لها موازية لأي سلاح يُباع لدول المنطقة.

لكن المعلومات تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية لن تُعارض الصفقة إذا حصلت على التطبيع دون ثمن سياسي.

■ المخاوف الأكبر: ماذا لو تغيّر النظام السعودي؟

أحد أبرز التحذيرات جاء على لسان مسؤول عسكري قال:

“امتلاك السعودية لمقاتلات F-35 لن يهدد فقط عمليات سلاح الجو في ساحات بعيدة كاليمن أو إيران، بل قد يؤثر أيضًا في قدرته على حماية أجواء إسرائيل نفسها إذا تغيّر النظام هناك”.

■ السعودية قد تحصل على طائرات أكثر من إسرائيل

تشير التقديرات إلى أن الرياض قد تشتري حتى 100 طائرة من النسخة الأميركية المتقدمة، في حين يمتلك سلاح الجو الإسرائيلي طلبية إجمالية تبلغ 75 طائرة فقط.

■ ترامب يقود هندسة “الصفقة الثلاثية”

تؤكد الصحيفة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعمل على صياغة صفقة “تُرضي الجميع”:

  • السعودية: اتفاق دفاعي + مشروع نووي + مقاتلات F-35
  • الولايات المتحدة: إنعاش مشروع الـF-35 وتحقيق إنجاز سياسي
  • إسرائيل: تطبيع مع السعودية دون التزامات فلسطينية

■ انتقادات داخل الجيش: “تجاهل متعمّد لتحذيرات سلاح الجو”

تشير الصحيفة إلى أن نتنياهو لا يُطلع المؤسسة الأمنية على تفاصيل المفاوضات، وأن كبار القادة يشعرون بأن تحذيراتهم يتم تجاوزها عمداً.

أحد القادة قال:

“ليس الخطر في التطبيع… الخطر في اليوم الذي قد يأتي فيه نظام مختلف في الرياض، وحينها ستكون هذه الطائرات تهديدًا مباشرًا لإسرائيل”.

■ تبعية متزايدة لواشنطن

يختم مسؤول أمني تحذيره بالقول:

“هذا مثال إضافي على أن الأمن القومي الإسرائيلي أصبح مرتهنًا لواشنطن. حتى إن كانت الصفقة تضر بنا، لا كلمة لنتنياهو أمام الرغبة الأميركية”.


📌 بالمختصر

تكشف هذه التطورات عن تحوّل استراتيجي عميق في الأمن الإقليمي. فإسرائيل، التي كانت تعتبر بيع F-35 لأي دولة عربية “خطًا أحمر”، تبدو—بحسب تسريبات المؤسستين الأمنية والعسكرية—مستعدة لتجاوزه مقابل مكسب سياسي شخصي لنتنياهو يتمثل في الوصول إلى التطبيع دون تنازلات فلسطينية.

إذا تمت الصفقة، فستدخل السعودية نادي “الدول الشبحية” بقدرات جوية غير مسبوقة، وهو ما سيُغيّر موازين القوة في المنطقة، ويُدخل إسرائيل في معادلة أمنية جديدة تصبح فيها السيناريوهات المستقبلية مفتوحة على كثير من المخاطر.

bakr khallaf

صحفي، مترجم وباحث في الإعلام والعلاقات الدولية، محاضر بجامعة إسطنبول التركية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews