بقماش مهترئ.. النازحون في مأرب يواجهون متاعب صقيع الشتاء

ضيف الله الطوالي – مراسلين
اليمن – مارب
تعيش أسرة فاطمة (33 عاماً) النازحة من محافظة الحديدة المسماة بعروس البحر الأحمر، حياة إنسانية صعبة، وهي واحدة من آلاف الأسر المتضررة من آثار الحرب والأزمات التي وجدت نفسها عالقة في مأرب.
تسكن فاطمة في خيمة مهترئة مع زوجها وأطفالها السبعة، وتعاني أسرتها بشدة من شح أدوات التدفئة والمساعدات الإنسانية اللازمة لمواجهة البرد القارس. ورغم أنها من النازحين القدامى، إلا أنها لم تتمكن من تأمين شقة للإيجار بسبب ارتفاع أسعارها في ظل تدهور سعر العملة، الذي يتراوح بين 150 ألف إلى 300 ألف ريال يمني شهرياً للشقة الواحدة في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً في ظل انهيار الاقتصاد وتزايد معدلات البطالة، إذ أن هذه الأسرة هي وجه واقع عشرات الآلاف ممن يواجهون شتاءهم العاشر في العراء.

فما بين حرارة الشمس وبرد الليل، يعيش النازحون في محافظة مأرب اليمنية واقعاً مأساوياً يجسد كارثة إنسانية متفاقمة. إذ تستضيف المحافظة، التي تُعد قبلة الفارين، ما يزيد عن مليوني نازح وفقاً لـ “الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين”، يشكلون ما يقارب 60% من إجمالي النازحين في اليمن. نزح معظم هؤلاء هرباً من آلة الحرب بعد سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات شمال اليمن عام 2014. (وتقع مأرب إلى الشرق من العاصمة صنعاء، وتشكل نقطة جذب رئيسية للنازحين من المحافظات الشمالية والغربية التي شهدت صراعاً.)
مخيمات مكتظة وتحديات هائلة
يتوزع هذا العدد الهائل من النازحين على أكثر من 200 مخيم وتجمع نزوح في مأرب. ويُعد مخيم الجفينة أكبرها، وتصنفه السلطات المحلية بأنه من أضخم مخيمات النزوح في الشرق الأوسط.
مع حلول فصل الشتاء للعام 2025-2026، تتجدد المعاناة القاسية لآلاف النازحين، حيث تستضيف المحافظة أكثر من مليوني نازح، من بينهم نحو 400 ألف نازح يتوزعون على 209 مخيمات. هذه الأسر تعيش في ظروف إنسانية بالغة القسوة تعكس حجم التحديات المستمرة منذ سنوات، وسط نقص حاد في الخدمات الأساسية وضعف شديد في البنية التحتية داخل المخيمات.

مخاطر تفاقم الأزمة
تتفاقم معاناة الأسر النازحة مع لجوئها إلى وسائل تدفئة بدائية وغير آمنة مثل إشعال النار داخل الخيام أو استخدام الفحم والحطب. يؤدي هذا الاستخدام إلى وقوع حرائق واختناقات متكررة نتيجة انعدام التهوية المناسبة.
وطبقاً لبيان صادر عن الوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب، شهدت مخيمات النزوح منذ مطلع العام الجاري 66 حريقاً. أسفرت هذه الحرائق عن حالة وفاة وإصابة (11) آخرين، كان معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب خسائر مادية جسيمة وتشريد عشرات الأسر.
تتزامن هذه الأزمة مع تزايد أعداد الوافدين الجدد إلى المخيمات، بسبب الطرد من مساكن الإيجار الباهظ الثمن وارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة، وفقاً لتقرير الوحدة التنفيذية.
وتقطن 59,082 أسرة في مساكن مهترئة وتالفة في المخيمات والأحياء السكنية والمرافق الحكومية وتعتبر الأكثر عرضة لمواجهة موجات الصقيع القادمة مع دخول الشتاء.

خطر الصقيع
يُعد الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة هم الفئات الأكثر تضرراً من انتشار الأمراض الناتجة عن موجات الصقيع، والتي تتمثل في نزلات البرد الشديدة والالتهابات الرئوية.
ويشكل فصل الشتاء تحدياً قاسياً للفئات الضعيفة في محافظة مأرب، خصوصاً الأطفال والحوامل وكبار السن الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية. ويذكر تقرير الوحدة التنفيذية أن المنظمات المحلية واجهت صعوبة في الاستجابة لهذه الأزمة في العام الماضي، إذ لم تتجاوز الاستجابة 19.6% مقارنة بالاحتياج الفعلي، وهو ما يمكن أن يسبب “كارثة محققة”.
إن العمل المشترك بين المنظمات الإنسانية والجهات المحلية يُعتبر ضرورة حتمية لتوفير الاحتياجات الأساسية وضمان حماية هذه الفئات من المخاطر المتفاقمة التي يفرضها البرد القارس.





