تقارير و تحقيقات

أمير قطر في رواندا .. توسع وشراكة .. فما الذي يحمله هذا التقارب للسودان؟؟

نشوة أحمد الطيب _ مراسلين


في خطوة حملت أكثر من بعد رمزي وسياسي واقتصادي قام صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر بزيارة رسمية إلى جمهورية رواندا في الفترة من 20 إلى 21 نوفمبر الجاري حيث استقبل في مطار كيغالي الرسمي من قبل فخامة الرئيس بول كاغامي. زيارة رافقها وفد رسمي قطري جاء في سياق توطيد علاقات متنامية بين الدوحة وكيغالي، وترسيخ التواجد القطري الاستثماري والدبلوماسي في شرق ووسط أفريقيا.

برامج رسمية وفعاليات أساسية


جرت سلسلة من الفعاليات الرسمية والاتصالات السياسية والاقتصادية خلال يومي الزيارة تم فيها استقبال رسمي ومباحثات ثنائية التقى فيها سمو الأمير بالرئيس بول كاغامي في مقر الرئاسة بمنطقة بوغيسيرا وجرى خلال اللقاء بحث تعزيز العلاقات الثنائية وسبل تطوير التعاون في مختلف القطاعات.
بجانب مباحثات حول البنية التحتية والنقل الجوي واحتل مشروع مطار بوغيسيرا الدولي موقع الصدارة في المحادثات إذ تركزت النقاشات على سبل تسريع تشييده وتشغيله بالشراكة مع طرف قطري في سياق رؤية جعلت رواندا مركزاً جوياً إقليمياً.
وأعلن من خلال اتفاقات وتفاهمات إطارية عن نوايا لتوسيع التعاون في مجالات الطيران بين الخطوط الجوية الرواندية والخطوط القطرية من حيث التمويل والتكنولوجيا والسياحة كما بحثت آليات دعم المشاريع الاستثمارية المشتركة.
تضمن برنامج الزيارة لقاءات غير رسمية وزيارات لمواقع طبيعية وثقافية ما أضفى بعداً إنسانياً على الزيارة مبرزاً اهتمام القيادتين ببعد التبادل السياحي والثقافي.


قراءة في أبعاد الزيارة


ركزت المباحثات على ملفات استثمارية استراتيجية وعلى رأسها مشروع مطار بوغيسيرا الدولي الذي يعتبر حجر زاوية في رؤية رواندا لتحويل موقعها إلى مركز لوجستي وجوي وإقليمي وأظهرت المعطيات أن دوراً قطرياً مالياً وتشغيلياً يحتل مساحة مهمة ضمن تمويل وتطوير المشروع، إضافة إلى شراكات الطيران المدني واستثمارات في الضيافة والسياحة وتمنح جميع هذه الملفات العلاقة بين الدولتين عمقاً اقتصادياً بعيد المدى.
أتت الزيارة في توقيت تكثف فيه الدوحة من حضورها الأفريقي عبر ممارسات دبلوماسية بناءة تتضمن وساطات وحوارات إقليمية فقد لعبت قطر دور وسيط في حوارات متعلقة بالتوترات في منطقة البحيرات الكبرى وهو ما يعزز من قيمة الدوحة كطرف فاعل في الإقليم ويسهم في ربط مصالحها الاستثمارية برؤية سياسية لإرساء الاستقرار.
إن هذه الزيارة تعزز هذه المكانة وتظهر قدرة قطر على جمع المحاور الاقتصادية والدبلوماسية في استراتيجية موحدة.
أبعاد تقنية ومعرفية
شكلت قطاعات التكنولوجيا والابتكار ميداناً مهماً للمباحثات لاسيما مع ميل رواندا لان تكون نسقاً رقمياً في شرق أفريقيا وتسعى قطر الى الاستثمار في قدرات التكنولوجيا المحلية ونقل خبرات مؤسسية من أجل بناء شراكات استراتيجية في التعليم والتدريب والاقتصاد الرقمي.

ثمرة زيارات تراكمية


إن العلاقة الرواندية القطرية لم تخلقها زيارة واحدة بل هي ثمرة تراكمية امتدت على أعوام بداية بالعام 2019 و ما بعدها بدأت خطوات استثمارية مهمة حينما أعلن عن مشاركة قطرية في مشروع مطار بوغيسيرا و اتفاقيات للخطوط الجوية ، تلتها سنوات 2021_2024 حيث تعمق التعاون عبر اتفاقيات في الطيران و التمويل و التقنية كما شهدت المرحلة حراكاً قطرياً لدعم الوساطة الإقليمية و جاءت هذه الزيارة الأخيرة 2025 قراءة تفصيلية لما بني خلال السنوات السابقة فقد جاءت الزيارة لتثبيت مخرجات عملية تفتح الطريق أمام تنفيذ مشاريع كبرى في البنية التحتية و الطيران و توسيع شراكات مالية و تقنية .

توقعات


من المتوقع لهذه الزيارة تسريع تنفيذ المشاريع السابقة بتوقيع مذكرات نوايا واتفاقات إطارية تترجم سريعاً الى عقود تنفيذية تمكن رواندا من اتخاذ خطوات ملموسة نحو افتتاح بوغيسيرا وتشغيله كمحور إقليمي خلال سنوات قليلة.
بجانب تعزيز مركزية رواندا في شبكات النقل وتعزيز كيغالي على استقطاب رحلات وفعاليات إقليمية ودولية مما يعزز اقتصادها السياحي ويغذي نوء الخدمات اللوجستية فيها.


رسم خرائط التحالفات


إن استمرار الوساطات يعيد رسم خرائط التحالفات ويضع قطر في موضع مؤثر ضمن مبادرات حفظ السلام وحل النزاعات في المنطقة.
زيارة الأمير تميم إلى رواندا ليست محطة عابرة بل تتويج لمسار تعاون متراكم وبداية لمرحلة تنفيذية محتملة تجمع بين الطموح القطري للتوسيع الاقتصادي والدبلوماسي في القارة وبين رغبة رواندا في تامين شركاء ذوي قدرة تمويلية وخبرة تشغيلية تسرع من تحولها إلى محور إقليمي.


تأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه منطقة شرق ووسط أفريقيا إعادة في تشكيل خارطة التحالفات والمصالح وهو سياق ينعكس بطبيعته على دول الجوار وفي مقدمتها السودان فالحضور الدبلوماسي والاقتصادي المتصاعد في لقطر في رواندا والكنغو الديموقراطية وفي منطقة البحيرات عموماً يضع الدوحة في مساحةٍ أوسع للتعامل مع التحديات الإقليمية ومنها الأزمة السودانية الممتدة وتأثيراتها الإنسانية والأمنية على دول الإقليم.


إن استقرار السودان يظل عاملاً حاسماً في أمن شرق أفريقيا وتوازناتها ومن هذا المنطلق فإن تعميق قطر لشراكاتها في المنطقة يفتح أبواباً إضافية للحوار والتنسيق الإقليمي ويدعم الجهود الدولية الساعية لخفض التوترات وتخفيف آثار الحرب وفي ظل ما تتمتع به الدوحة من رصيد دبلوماسي وقدرة على بناء الجسور بين الأطراف المتنازعة يبدو أن توسيع حضورها الإقليمي قد يشكل منصة تسهم بصورة مباشرة في خلق بيئة سياسية تدفع نحو تسويات أكثر استقراراً وتدعم مسارات السلام التي يحتاجها السودان في هذه المرحلة العصيبة.

Amjad Abuarafeh

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews