أخبارسلايدر
أخر الأخبار

بين عوامل القوة والضعف.. هل تقدر “بريكس” على كسر منظومة الغرب؟

تعقد بريكس قمتها الـ15 بجوهانسبرغ، وينتظر أن تكون حاسمة في توسيع التكتل، وبينما يعوّل عليها لتأسيس نظام دولي جديد، تهدد المجموعة خلافات وعوامل قصور.

في عام 2001، لم يكن جيم أونيل كبير مستشاري بنك غولدمان ساكس يتخيل أن دراسته الاقتصادية المعنونة بـ”بريك” (BRIC) التي وضعها عن الدول الناشئة لغايات تجارية وتسويقية بحتة ستكون أساسا لبناء كيان ضخم يمثل دول الجنوب، ويشكل كتلة دولية وازنة بعوامل قوة كثيرة، تقدم نفسها بديلا يستقطب دول الجنوب في عالم تكثر أزماته.

فقد ساهمت الأزمات الدولية والتحولات الجيوسياسية خلال الأعوام الماضية في دفع الكثير من الدول النامية إلى طلب الانضمام إلى المجموعة، التي أصبحت لاعبا مهما في الساحة الدولية، واستطاعت أن تقدم نفسها بديلًا للكيانات الاقتصادية والسياسية الدولية القائمة -المعبرة عن عصر الهيمنة الغربية- ومموّلًا تزداد أهميته للتنمية في دول عديدة.

ومع المتغيرات الكثيرة على الساحة الدولية، ينتظر أن يكون اجتماع القمة الـ15 المقبل لقادة بريكس بين 22 و24 أغسطس/آب بجوهانسبرغ حاسما في مستقبل هذه المجموعة ودورها العالمي، فما القضايا الرئيسية على جدول الأعمال؟

من المنتظر أن تناقش القمة تطوير العلاقات الاقتصادية وتعميق التعاون في مجالات التجارة والتمويل والأمن، والتنمية المتبادلة والمستدامة، تعزيز التعاون والتنسيق في القضايا الدولية بين دول المجموعة.

ومن أكثر القضايا إلحاحا على جدول أعمال القمة هو التوسيع المحتمل للمجموعة، واعتماد آليات مناسبة لذلك في ضوء الخلاف الصيني الروسي-الهندي حول شروط انضمام دول جديدة، حيث أبدت أكثر من 40 دولة اهتماما بالانضمام إلى الكتلة بشكل رسمي أو غير رسمي.

وتتضمن أجندة القمة، التي دعي لها قادة وممثلو 71 دولة، عنصرا مهما يتمثل في تطوير المبادلات التجارية بالعملات المحلية وتوسيع عضوية بنك التنمية الجديد (NDB) لتقليل اعتماد المجموعة على الدولار الأميركي، بينما لن يتضمن جدول الأعمال خططا لمناقشة استبدال الدولار واعتماد عملة موحدة.

وقبيل انعقاد مؤتمر القمة، تعرضت المجموعة لاختبار لقوتها ومكانتها الدولية في مواجهة المنظومة الغربية وقوانينها، حيث سيغيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -وهو رئيس دولة مؤسسة- عن القمة بسبب مذكرة توقيفه الصادرة عن الجنائية الدولية في مارس/آذار 2023، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

وكان الاختبار الأول لصلابة التكتل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حين جمّد “بنك التنمية الجديد” القروض لروسيا لطمأنة المستثمرين على امتثاله للعقوبات الغربية، وجعلت دول المجموعة الأخرى أولويتها الوصول المستمر إلى النظام المالي القائم على الدولار، بدل مساعدة روسيا التي تعرضت لعقوبات أميركية وغربية.

كيف ظهرت بريكس؟.. الحيلة التسويقية الناجعة
تأسست المجموعة رسميا في 16 يونيو/حزيران عام 2009 في “يكاترينبورغ” (Yekaterinburg) في روسيا، حين عقدت أول قمة بين زعماء روسيا والصين والبرازيل والهند، وسبق ذلك اجتماع تمهيدي لأعضائها في يوليو/تموز 2008، وقبله اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع في سبتمبر/أيلول 2006 على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.

وحملت المجموعة في بدايتها اسم “بريك” (BRIC) اختصارا للأحرف الأبجدية الأولى باللغة اللاتينية لكل من البرازيل وروسيا والهند والصين، كما صاغها جيم أونيل في بحثه عن الاقتصادات الناشئة، وفي سنة 2010 انضمت جنوب أفريقيا إلى المجموعة لتصبح “بريكس” (BRICS). ويقع مقرها في مدينة شنغهاي الصينية.

في تلك الفترة التي اتسمت بالهدوء النسبي في العلاقات الدولية، كانت هذه الدول تحقق معدلات نمو اقتصادية عالية، لكنها بدت غير متسقة في أنماطها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مع خلافات بين أعضائها، على عكس المنظومة الغربية التي تحكمها روابط واحدة، ولذلك اعتبرت في البداية مجرد “حيلة تسويقية” غربية، وفي السنوات اللاحقة شهدت “صحوة جيوسياسية” على وقع الأزمات العالمية والمتغيرات في نظم العلاقات الدولية.

وفي منتصف العقد الماضي، واجهت المجموعة عددا من المشاكل، مع انتخاب رئيس الوزراء ناريندرا مودي في الهند (2014) والانقلاب على الرئيسة ديلما روسيف في البرازيل (2016)، وبذلك أصبحت دولتان من أعضاء المجموعة ترأسها حكومات أكثر تحمسا للعلاقات مع الولايات المتحدة.

وفي عام 2017، وخلال عقد قمة “بريكس” في مدينة شيامين الصينية، طرحت فكرة “بريكس بلس” (BRICS plus) التي تهدف إلى إضافة دول جديدة إلى المجموعة كضيفة بصورة دائمة، أو مشاركة في الحوار.

ومع عودة لولا داسيلفا إلى رئاسة البرازيل عام 2022، وتولي ديلما روسيف رئاسة بنك التنمية الجديد، تجتهد “بريكس” حاليا لتقديم نفسها على أنها تمثل دول الجنوب، وعلى أنها النموذج البديل عن مجموعة السبع، على أساس أن معظم دولها تصنف كدول نامية أو ناشئة.

انفوغراف تجمع بريكس في ارقام ٢٠٢٢

من الاقتصاد إلى السياسة.. ما أهداف بريكس؟
في اجتماع وزراء خارجية المجموعة الأخير في كيب تاون بجنوب أفريقيا في الثاني من يونيو /حزيران 2023 تمهيدا لقمة أغسطس/آب الجاري، لخص وزير الخارجية الهندي “سوبرامانيام جايشانكار” أهداف المجموعة بقوله:

ورغم أن الغايات الاقتصادية والتنموية تغلب على أهداف تجمع بريكس، فإن ذلك لا يخفي تطلعات سياسية تتعلق بمحاولة تحقيق عالم متعدد الأقطاب، ويبرز ذلك في تصريحات بعض زعماء دول المجموعة، خصوصا الرئيس البرازيلي إيناسيو لولا دا سيلفا اليساري المناهض للعولمة، بالإضافة إلى المسؤولين الروس. ويمكن تلخيص أهداف المجموعة وأهدافها كالآتي:

تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام من خلال مكافحة الفقر وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي وتحسين نوعية النمو.
تعزيز التنمية الاقتصادية المبتكرة والقائمة على التكنولوجيا المتقدمة.
زيادة المشاركة والتعاون مع البلدان غير الأعضاء في المجموعة.
تعزيز الأمن والسلام لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
إصلاح المؤسسات المالية الدولية لتمثيل أفضل للاقتصادات الناشئة والنامية.
تعزيز التجارة الدولية وبيئة الاستثمار بين دول المجموعة.
الحفاظ على استقرار النظم التجارية متعددة الأطراف بالتعاون مع المجتمع الدولي.
تقديم المساعدة المالية للدول الأعضاء وغير الأعضاء.
تحقيق التنمية والتعاون، ودعم المشاريع والبنية التحتية لدول المجموعة.
تحقيق التكامل الاقتصادي للدول الأعضاء.
تحقيق التوازن الدولي والخروج من سيطرة الغرب الاقتصادية.
دعم السلام وتحقيق التنمية في العالم.
تعديل قواعد العولمة لتستفيد منها كل دول العالم.
تفعيل وتبادل العملات المحلية بين دول المجموعة.
العمل على إنشاء سوق مشتركة للتجارة الحرة وعملة موحدة.
البحث عن فرص استثمار وتطوير آفاق اقتصادية وشراكات جديدة.
محاولة الخروج من اشتراطات صندوق النقد الدولي المجحفة.
مواجهة الأزمات العالمية وتنويع الشراكات.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews