اقتصادتقارير و تحقيقاتسلايدرعربي و دولي

أكدوا أن القرار نواة لقوة عالمية جديدة.. خبراء: تخفيض أوبك+ لإنتاج النفط صفعة على وجه واشنطن وانتهاء للهيمنة الأمريكية

ما أن أعلن أعضاء تحالف “أوبك +” خفض إنتاجهم من النفط بأكثر من 1.6 مليون برميل يوميا، انهالت التعليقات الأمريكية الرسمية بشكل غاضب، تجاه أكبر صفعة بحسب تصريحات خبراء اقتصاديين، على وجه الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أدى إلى ارتفاع سعر برميل النفط في أمريكا لأكثر من 85 دولار للبرميل خام برنت.

وقال خبراء الاقتصاد، إن خفض الإنتاج الطوعي للنفط، دليل على انتهاء الهيمنة الأمريكية على منظمة أوبك+، فضلا عن دليل مؤكد على وجود إنشاء تحالف جديد ربما يقود العالم في الفترة القادمة، هذا التحالف أعلنت عنه روسيا في مفهوم السياسة الروسية الجديدة التي وقع عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، بإنشاء حلف كبير يترأسه روسيا والصين، ويضم السعودية وتركيا وإيران ومصر.

وقال الخبراء إن خفض إنتاج النفط يمثل دليلا جديدا على التعاون بقيادة السعودية وروسيا، خاصة وأن الإجراء اتخذته ثمان من الدول الأعضاء في أوبك” (منظمة الدول المصدرة للنفط) و”أوبك +” ويشمل أكثر من مليون و 600 ألف برميل في اليوم كحجم إجمالي.

خروج السعودية من العباءة الأمريكية

واعتبرت صحف غربية أن الخطوة التي أعلن عنها الدول العربية المنضوية في تحالف “أوبك +”، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بخفض إنتاج النفط بنحو 1.6 مليون برميل يوميا، تمثل ما وصف “بتبني استراتيجية مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية”.
وتناولت الصحف الغربية، اليوم الاثنين، تبعات تلك الخطوة وما تهدف إليه من تحقيق للاستقرار في سوق الطاقة العالمية، مشيرةً إلى أن المملكة تبني استراتيجية اقتصادية مستقلة عن الولايات المتحدة.
وجاءت قرارات تخفيض الإنتاج في أعقاب انخفاض حاد في أسعار النفط، الشهر الماضي، بعد انهيار بنك “سيليكون فالي” الأمريكي والاستحواذ الإجباري على “كريديت سويس” من قبل “يو بي إس”.

لترتفع أسعار النفط الخام بنسبة 5.5%، اليوم الاثنين 3 أبريل 2023، ليلامس سعر البرميل 86 دولار للبرميل، بعد 24 ساعة فقط من خفض تحالف أوبك+طواعية.

وبررت 9 دول في تحالف أوبك+، في مقدمتها السعودية وروسيا، تخفيضات طوعية إنتاج النفط بمقدار 1.65 مليون برميل يوميًا بداية من مايو المقبل، لكونه إجراءً احترازيًا يهدف إلى دعم استقرار أسواق النفط.

ويضاف الخفض الطوعي إلى تخفيض الإنتاج بمقدار مليوني برميل الذي اتفقت عليه دول أوبك+ في الاجتماع الوزاري الـ33 الذي عُقد في 5 أكتوبر 2022، والذي يستمر حتى نهاية ديسمبر 2023.

وصعدت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم مايو 2023 بنسبة 5.61% مسجلةً 84.37 دولارًا للبرميل، وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم مايو 2023 بنسبة 5.63%، مسجلةً 79.93 دولارًا للبرميل.

من جانبها، قالت مديرة الأبحاث في شركة “إنرغي أسبكتس”، أمريتا سين: “عمدت (أوبك+) بخفض استباقي للتغلب على أي ضعف محتمل في الطلب من الأزمة المصرفية التي حضرت في المشهد”.

وبدورها، اعتبرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أن التخفيضات قد تعيد إشعال الخلافات بين الرياض وواشنطن، والتي دفعت العام الماضي، المملكة لضخ مزيد من النفط في محاولة لترويض التضخم المتفشي وسط ارتفاع في أسعار الطاقة.

رسالة تتنبأ بتحالف جديد

من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل، إن هذه رسالة للغرب وأمريكا وكل مستوردي النفط، بأن تحالف أوبك+ لا يقبل السعر تحت 80 دولار للبرميل، وذلك للحفاظ على التوازن والاستقرار في الأسواق، وذلك بعدما هبطت الأسعار إلى مستويات متدنية في 15 شهرا، حينما هبط خام برنت إلى 71 دولار، ثم تعافت الأسعار بعد ذلك.

وأضاف إسماعيل خلال تصريحات لقناة “الجزيرة”، أن هذه الرسالة مفادها أن التطورات الأخيرة للأزمة المصرفية للولايات المتحدة، والتي انتقلت لأوروبا بعد ذلك، من خلال أزمة بنك سيليكون الأمريكي، خلقت حالة من عدم اليقين وركود اقتصادي، الأمر الذي دفع تحالف أوبك لهذه الخطوة الاحترازية لمنع هبوط الأسعار حال أصاب البلاد ركود اقتصادي، ولذلك أوبك تتخذ هذه الإجراءات مجتمعة باتفاق دول التحالف أجمع وليس فقط العالم العربي، وبالرغم من استياء الغرب وأمريكا من القرار، إلا أنه وصف القرار بـ “الحكيم”.

وقال إن ارتفاع أسعار النفط سينعكس على أسعار البنزين، والوقود خاصة في الغرب والولايات المتحدة، وهذا حساس جدا بالنسبة للناخب الأمريكي، كما أنه خطر على الاقتصاد الأمريكي، وسيرفع التضخم على العالم كله، وسيساعد على تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

انتهاء الهيمنة الأمريكية

ويقول بيارن شيلدروب المحلل لدى مصرف “اس اي بي”: “نشهد انبثاق مجموعة أوبك بلاس سريعة الحركة، قادرة وراغبة في تولي زمام المبادرة”.

وتهدف منظمة أوبك التي تأسست عام 1960 ومقرها فيينا، إلى “تنسيق السياسات النفطية” لأعضائها لضمان “أسعار عادلة ومستقرة للمنتجين”.

وفي 2016 شكلت دول أوبك تحالف “أوبك +” الذي يضم إليها عشر دول حليفة جديدة بينها روسيا وسلطنة عمان.

وأوضح التحالف أن “الاستقرار” هو الحجة لقراره الأخير، في وقت تضررت فيه أسعار النفط بقوة من الأزمة المصرفية الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وعادت المخاوف من ركود عالمي لتظهر، وترك المستثمرون الأصول الخطرة مثل المواد الأولية، الأكثر هشاشة، لصالح استثمارات تعتبر ملاذات آمنة.

ويقول ستيفن إينيس المحلل في SPI Asset Management، إن “أوبك +” قررت رسم خط أحمر على سعر 80 دولارا لبرميل برنت من أجل مصالح اقتصادية ذاتية، ما أثار استياء قادة عالميين”.

وقال شيلدروب: “أدى قرار خفض الإنتاج إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل سريع، لا سيما أنه يندرج في إطار من الطلب القوي مع إعادة فتح الاقتصاد الصيني، أكبر مستورد عالمي للنفط، وهذا الانتعاش في الأسعار يفيد بشكل خاص روسيا التي تحتاج إلى النفط لتمويل حربها المكلفة في أوكرانيا”.

وأضاف: “ما يزيد القرار أهمية هو أن موسكو تخضع للعديد من العقوبات الغربية ردا على غزوها أوكرانيا.

وكان الهدف من هذه العقوبات تحديدا خفض عائدات روسيا من النفط، بالتالي القرار يؤكد أن روسيا لا تزال جزءا لا يتجزأ ومهما من مجموعة أوبك +”.

وأضاف: “يقوي القرار بشكل إضافي العلاقات السعودية – الروسية التي لم تهزها الحرب بل عززتها، كما يلفت الخبراء الذين يراقبون هذه الجبهة المشتركة القوية في مواجهة الاضطرابات التي حصلت في الأشهر الماضية”.

غضب أمريكي

وسبق للولايات المتحدة أن أبدت انزعاجها من الخفض السابق الذي أُعلن عنه في أكتوبر.

ويقول محللو “دي ان بي” إن هذا القرار الجديد يشكل “استفزازا جديدا للدول المستهلكة التي تعاني بسبب أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم المرتفع”.

وعلقت السلطات الأميركية الإثنين، على الاقتطاعات المفاجئة في إنتاج النفط، معتبرة أنها “ليست في الوقت المناسب”.

ولفت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، إلى أن أسعار النفط انخفضت منذ الخريف، وقال “نركز على الأسعار، وليس على عدد البراميل”.

وأضاف: “إذا كان تحالف “أوبك +” نشأ كرد فعل على التحديات التي تشكلها المنافسة الأمريكية، فهو لم يعد يخشى النفط الصخري المنتج في الولايات المتحدة والذي توقف نموه”.

وبرأي إينيس إن “أوبك +” الذي يهيمن على السوق بحصة 60% من صادرات النفط، “لديه سلطة قوية على تحديد الأسعار” مقارنة مع الوضع الذي كان قائما قبل عدة سنوات.

وعلى الصعيد الدبلوماسي أيضا فإن “السعودية ليست خائفة من الولايات المتحدة” التي تقيم علاقات معقدة مع الرياض وخسرت نفوذها في المنطقة.

ويقول نيل ويلسون المحلل لدى “فينالتو” “نشهد ظهور حقبة جديدة” كما اتضح من التقارب الأخير بين إيران والسعودية برعاية الصين.

وخلص ويلسون الى القول إن “السعوديين يقومون بما يجب أن يفعلوه، والبيت الأبيض ليست لديه كلمة كما يبدو في ذلك”.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews