إسرائيل تُسقط القناع عن “الدولة العميقة”: الضربة التي كشفت هشاشة إيران


بقلم: عماد بالشيخ
في مشهد غير مسبوق في تاريخهما الطويل من التوتر والصراع، تعرضت إيران لضربة إسرائيلية نوعية كشفت حجم الترهل الذي تعانيه “الدولة العميقة” في طهران، وأسقطت الكثير من الشعارات التي روّج لها النظام الإيراني لعقود، ليس فقط عن “الردع”، بل عن جوهر السيادة والسيطرة الأمنية والاستخباراتية.
عملية نوعية… وصمت إيراني مريب
رغم تأكيد مسؤولين إيرانيين، لاحقًا، أن جهاز استخباراتهم كان على علم بنوايا إسرائيل المسبقة لتنفيذ ضربة داخل العمق الإيراني، إلا أن رد الفعل الرسمي جاء باهتًا إلى حد الصدمة. فلم تُرفع حالة الطوارئ، ولم تُغلق الأجواء، ولم تُتخذ الاحتياطات الأمنية المطلوبة، وكأن الدولة بكامل أجهزتها تعاني من حالة شلل مؤسسي!
خرق سيادي فاضح… وغياب للرد
ما جرى من استهداف لقيادات عليا في الحرس الثوري الإيراني، بمن فيهم رئيس الأركان وقادة علميون عسكريون، يطرح علامات استفهام كبيرة حول فعالية الأجهزة الأمنية الإيرانية، وحول اختراق الموساد غير العادي للمجال الإيراني. تشير تقارير أولية إلى أن بعض الطائرات المسيرة التي شاركت في العملية قد تكون انطلقت من قواعد مؤقتة داخل الأراضي الإيرانية نفسها، ما يضع احتمالية “الاختراق الممنهج” على طاولة التشريح السياسي والأمني.
الأدهى من ذلك، أن العملية جرت بنجاح ثم انسحبت العناصر المنفذة — بحسب التسريبات — دون أي اعتراض، بل تمّ استقبالهم في إسرائيل، ما يُعيد للأذهان مشهد “الإنزال” ثم “العودة” وكأن إيران بلا سيادة جوية ولا منظومة رد سريع.
تكرار مشهد جنوب لبنان: حزب الله وإيران في مأزق
لا يمكن فصل هذا الحدث عن الهزيمة التكتيكية التي تلقاها حزب الله في الجنوب اللبناني، حليف طهران الأبرز، حيث فشل في تحقيق أي مكاسب ملموسة على الأرض أمام التفوق الاستخباراتي والتقني الإسرائيلي. ومع تراجع قوة الردع على حدود فلسطين الشمالية، ومع ضربة العمق الأخيرة في طهران، يبدو أن محور “المقاومة” بأكمله دخل مرحلة احتضار استراتيجي.
هل نحن أمام نظام عالمي جديد؟
الضربة الإسرائيلية لإيران تأتي بعدفترة قصيرة من ضربة موجعة وجريئة نفذتها أوكرانيا داخل الأراضي الروسية، مستهدفة مراكز عسكرية وعصب بنية تحتية حيوية. هاتان الضربتان معًا تشيران إلى ملامح نظام دولي جديد يتشكل، حيث لم تعد “الدول الكبرى” محصنة كما كانت، ولم يعد الردع النووي أو الإعلامي كافيًا.
الدور الأمريكي في تهدئة طهران، ودفعها إلى طاولة مفاوضات عبثية، يظهر الآن كجزء من تكتيك استنزافي نجح في تضليل القيادة الإيرانية ودفعها للاسترخاء بينما كانت الضربة في طور الإعداد.
ما بعد الضربة: انهيار المعنويات ومأزق النخبة الحاكمة
من الناحية الرمزية، الضربة كشفت زيف الرواية الإيرانية عن قدرتها على الرد الفوري والساحق. بل حتى مجرد الرد الإعلامي جاء مرتبكًا ومشحونًا بالتناقضات. كيف يمكن لدولة تدّعي “إدارة محور إقليمي” أن تُفاجأ وتُشل في لحظة فارقة دون خطة بديلة، دون “غرف طوارئ”، ودون أي رد أولي قبل حتى أن تهبط الطائرات الإسرائيلية في قواعدها؟
الضربة لم تستهدف فقط مواقع وأشخاصًا، بل ضربت العمق النفسي والسياسي لنظام بنى شرعيته على وهم القوة والثأر.
خاتمة
ما جرى اليوم ليس مجرد حدث أمني بل لحظة سياسية فاصلة. إنه إعلان غير رسمي عن دخول إيران في مرحلة “الدولة الورقية”، حيث تتهاوى أجهزة الأمن أمام تغلغل الخصم، وتصبح السيادة مشاعًا يُخترق من الجو والأرض، ويغادره المهاجمون دون خسائر تُذكر.
ولعل السؤال الأكثر إلحاحًا الآن: هل تستفيق إيران من صدمة العجز، أم أنها ماضية في مسار الانهيار التدريجي، بينما يتحرك العالم نحو ترتيبات جديدة لا مكان فيها للدول الضعيفة… حتى لو كانت تصرخ بشعارات القوة؟