قمع الإعلام.. الخطأ الذي دفع السوريين إلى الثورة

شبكة مراسلين
بقلم: مصطفى حاج سلوم
منذ اللحظة الأولى التي اندلعت فيها شرارة الحراك الشعبي في سوريا عام 2011 بدا أن النظام اختار الطريق الأصعب وهو مواجهة الأصوات المطالبة بالإصلاح بالقمع بدل الاستماع لها.
لم يكن الخطأ فقط في القمع الأمني للمظاهرات بل في كتم كل صوت حاول أن يتحدث من الداخل تحت سقف الوطن بلغة ناقدة أو حتى إصلاحية. إعلاميون وناشطون ومنصات مستقلة وجدوا أنفسهم بين خيارين اما الصمت أو التهديد. وهكذا لم يكن مستغربا أن يغادر كثيرون البلاد وأن يتحول خطابهم من المطالبة بالإصلاح إلى المطالبة بإسقاط النظام.
من أبرز النماذج التي تؤكد هذه المعادلة قصة قناة “أورينت” وصاحبها غسان عبود. القناة التي بدأت بتغطية حذرة وموضوعية لما يجري اصطدمت سريعا بجدار النظام الذي لم يحتمل النقد مهما كان متوازنا. ومع تضييق الخناق خرجت أورينت من سوريا وتحولت إلى واحدة من أبرز المنصات الإعلامية المعارضة.
هذا التحول لم يكن عادياً. فـ”تحرر” أورينت من الرقابة جعلها مصدر إلهام لآلاف الشباب السوريين الذين وجدوا فيها نموذجا لقول الحقيقة من دون خوف. لم تكن القناة وحدها بل مثلها العشرات من المبادرات الإعلامية التي نشأت في الخارج وشكلت رافعة مهمة للثورة السورية إعلاميا وشعبيا.
المفارقة اليوم أن السلطات السورية الجديدة في إطار الحديث عن مرحلة تبدو أكثر ميلا إلى فتح الباب أمام حرية التعبير حتى وإن كان ذلك محدودا أو مشروطا. لكنه على الأقل مؤشر على بداية إدراك متأخرة أن حرية الإعلام ليست تهديداً للدولة بل صمام أمان لها.
إذا أرادت سوريا الجديدة أن تنهض حقاً فعليها أن تبدأ من هنا من الاعتراف بأن حرية الصحافة ليست ترفا بل ضرورة. وأن قمع الكلمة الحرة أسقط وطنا بأكمله في حرب ما كان لها أن تطول لولا ذلك القمع.
المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة مراسلين