
أصدر الجيش السوداني تحذيرات شديدة اللهجة، من تحركات قوات الدعم السريع داخل العاصمة والولايات السودانية، مؤكدا أن ما تفعله هذه القوات مخالفة لمهام ونظام عملها.
كما حذر الجيش السوداني في بيان له اليوم الخميس، ردا على تمركز قوات الدعم السريع بمدينة مروي، من أن البلاد تمر بما وصفه بالمنعطف الخطير، وأن التحرك سيؤدي إلى مزيد من التوترات التي تقود إلى انفراط عقد الأمن في البلاد.
وأضاف الجيش في بيانه “نجدد تمسكنا بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي، ونحذر القوى السياسية من المزايدة بموقف القوات المسلحة”.
وكان مصدر عسكري قال في وقت سابق إن قوات الدعم حركت قوات ضخمة في مدينة مروي شمالي السودان، دون إخطار الجيش، وإنه تم استدعاء قوات من مناطق أخرى لمواجهة الموقف.
وقال المصدر إن القوات المسلحة طالبت قوات الدعم السريع بالانسحاب من منطقة تمركزها الجديدة في مروي في غضون 24 ساعة، وإن لم تفعل فسيتم إجبارها على ذلك.
وقد أظهرت لقطات وصول تعزيزات من قوات الجيش السوداني مساء أمس الأربعاء إلى مروي.
من ناحية أخرى، انطلق في العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الخميس اجتماع طارئ للقوى السياسية في مقر حزب الأمة، في ظل توتر غير مسبوق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد تمركز الأخيرة حول مطار مروي شمالي البلاد.
قبل نشوب الحرب
وفي وقت مبكر اليوم الخميس قال بيان للجيش السوداني إن قوات الدعم السريع -التي يرأسها محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان- حركت قوات في العاصمة والولايات دون إخطاره، وهو ما نفته قوات الدعم السريع.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدرين عسكريين إن محور خلاف حميدتي مع الجيش هو تردده في تحديد موعد نهائي واضح لدمج قوات الدعم السريع في الجيش.
وأضاف المصدران أن الجيش بسبب قلقه من نوايا حميدتي نشر المزيد من الجنود في الخرطوم في حالة تأهب، ويأتمر الجيش بأمر قائد مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان.
و دعا رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر جميع قيادات القوى السياسية والحركات المسلحة وقيادات القوى المدنية الحديثة والتقليدية وقيادة الجيش وقيادة الدعم السريع إلى اجتماع طارئ في العاشرة صباحا، وذلك لبحث الأوضاع الاستثنائية على خلفية الحشود العسكرية لقوات الجيش وقوات الدعم السريع في منطقة مروي.
وقررت قوى مدنية برئاسة رئيس حزب الأمة التواصل مع البرهان وحميدتي لنزاع فتيل التوتر.
وقال ناصر إن الوضع الأمني قريب من الانزلاق وعلى نحو لا يتحمل الإجراءات الروتينية العادية، مؤكدا أن بيانات الجيش وقوات الدعم السريع وصلت إلى مرحلة ما قبل إطلاق الطلقة الأولى، حسب تعبيره.
قوات مصرية في مطار مروي
فيما دعت تنسيقية لجان المقاومة في محلية مروي بالولاية الشمالية إلى مغادرة ما قالت إنها قوات مصرية في مطار مروي، وعودة أرتال قوات الدعم السريع التي وصلت إلى المدينة أمس الأربعاء.
وطالبت لجان المقاومة أيضا بما سمته الترحيل الفوري للفرقة الـ19 التابعة للجيش السوداني من أراض قالت إنها تابعة لمواطنين في المنطقة.
وحملت لجان المقاومة في مروي اللجنة الأمنية المحلية ووالي الولاية الشمالية مسؤولية كل ما سيحدث أمنيا، مؤكدة وقوفها على مسافة واحدة من مكونات المنطقة.
حشود مفاجئة
وكان مصدر مطلع في حكومة الولاية الشمالية بالسودان قد قال إن حكومة الولاية فوجئت بانتشار نحو 100 سيارة نقل عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع بالقرب من مطار مروي، دون أي تنسيق مسبق مع سلطات الولاية.
في المقابل، قال مكتب الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع إن بعض وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت ما سماها مزاعم بأن قوات الدعم السريع قامت بأعمال حربية باتجاه مطار مروي.
وأوضح المكتب -في بيان- أن قوات الدعم السريع “قوات قومية تعمل في إطار القانون بتنسيق وتناغم تام مع قيادة القوات المسلحة وبقية القوات النظامية الأخرى”.
وأضافت أن وجودها في الولاية الشمالية وبمدينة مروي يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات، في إطار تأدية مهامها وواجباتها التي تمتد حتى الصحراء.
ودعت قوات الدعم السريع جميع المواطنين ووسائل الإعلام إلى عدم الانسياق وراء ما وصفتها بالمعلومات الكاذبة التي تهدف إلى إشاعة الفتنة وتقويض أمن واستقرار الوطن، حسب البيان.
وتقع مدينة مروي في الولاية الشمالية وتبعد عن العاصمة الخرطوم 360 كيلو مترا شمالا، وتضم مطار مروي الدولي الذي يعد من اكبر المطارات في البلاد وهو يستخدم كقاعدة عسكرية أيضا.
كما تستضيف المدينة الفرقة التاسعة عشرة التابعة للجيش السوداني المعنية بحماية المرافق الإستراتيجية في المنطقة، أضف إلى ذلك سد مروي الذي يبعد عن المدينة اربعين كيلومترا ويغطي نصف حاجة البلاد من الكهرباء.
من هي قوات الدعم السريع؟
يذكر أن قوات الدعم السريع تعمل تحت قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، وقد شكلت لمحاربة مسلحي دارفور (غرب) ثم لحماية الحدود وحفظ النظام لاحقا.
وأُسست هذه القوات عام 2013، وهي تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، لكن مصادر ترجح أنها تتجاوز عشرات الآلاف.
و قال رئيس مجلس السيادة البرهان إن استقرار بلاده يرتكز على قيام جيش وطني موحد عبر تنفيذ إصلاح المنظومة الأمنية.
وكانت قوات الدعم السريع قد أكدت التزامها الكامل بالوصول إلى جيش قومي مهني واحد في البلاد، وبكل ما ورد في الاتفاق الإطاري.
وفي الخامس من أبريل الجاري أعلنت أطراف العملية السياسية إرجاء توقيع الاتفاق النهائي بين الفرقاء إلى “أجل غير مسمى”، بسبب استمرار المباحثات بين الأطراف العسكرية.
وهذا هو التأجيل الثاني لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي الذي كان مزمعا في السادس من أبريل الجاري بعد أن كان مقررا مطلع الشهر نفسه، بسبب خلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتهدف العملية السياسية الجارية إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر 2021 حين فرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية، منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.