تحليل.. سنان أوغان لن يكون مؤثرا في جولة الإعادة رغم الـ5% التي حصل عليها

شبكة مراسلين – خاص
كشف تحليل إحصائيات وأرقام الانتخابات التركية الرئاسية التي تقرر لها جولة جديدة يوم 28 مايو الجاري، خلاف ما تناولته الكثير من وسائل الإعلام، من أن المرشح الخاسر سنان أوغلو، سيكون صاحب الكلمة العليا في ترجيح كفة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حصل على 49.51 %أو منافسه كمال كليتشدار أوغلو الذي حصل على 44.88%.
وقالت الأرقام إن النسبة التي حصل عليها سنان أوغلو “فرس الرهان” كما تم تسميته من قبل العديد من وسائل الإعلام، بعد حصوله على 5.12 % لن تكون فاصلة لأي من المرشحي، حيث أكد محللون سياسيون أن هذه النسبة ليست كتلة تصويتية ثابتة يسيطر عليها المرشح سنان أوغان، بقدر ما كانت أصوات مشتتة ما بين رافضين لترشح كمال كليتشدار أوغلو نتيجة تقاربه مع الأكراد، أو بين باحثين عن التغيير من أجل التغيير فقط دون أي انتماء حزبي.
وبرز اسم المرشح سنان أوغان، الذي تمكن من جمع 5.12% من أصوات الناخبين، كمفتاح الفوز لأي من المرشحين إذا ما وجه أصواته لأي من المتنافسين في جولة الإعادة.
وقال محللون إن هناك خلافات جوهرية بين أوغان وكل من أردوغان وكليتشدار أغلو، حيال عدد من الملفات بينها اللاجئين والأكراد، بما يعني أن الموافقة على شروط سنان أوغان من قبل أي من المتنافسين، يعني خسارة كتلة تصويتية أضخم من التي يمتلكها، خاصة وأن كليتشدار أوغلو حصد ما يقرب من 15% من أصواته الانتخابية من كتلة الأكراد التي يشترط أوغان على كليتشدار أن ينفض يديه من التحالف معها.
كما أن سنان أوغان، الذي خاض الانتخابات كمرشح عن تحالف “آتا” (الأجداد وحصل على 5.12% من الأصوات، قد لا يستطيع توجيه هذه الأصوات بشكل صريح لأي من المتنافسين، نتيجة عدم انتماء هذه الكتلة للحزب الذي ينتمي إليه، وبالتالي من الصعب توجيهها بشكل مباشر لأردوغان أو كليتشدار أوغلو.
وكان جلّ ما كان يتمناه هذا المرشح، “الجديد” نسبيا على الساحة السياسية التركية، أن تذهب الانتخابات إلى دورة ثانية، ليصبح هو العامل المقرر بمن سيتمكن من الوصول إلى سدة الرئاسة بعد أن يجيش له أصواته. وكان أوغان قد قال قبل الانتخابات إن هدفه هو أن يكون هناك دورة ثانية، وحينها سيتفاوض مع المرشحين ويقدم لهما شروطه، ومن يستجب معه سيطلب من مؤيديه أن يصوتوا له.

من هو سنان أوغان؟
سنان أوغان (55 عاما)، أكاديمي من أصول أذربيجانية، درس في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية ثم حصل على الدكتوراه بالعلاقات الدولية من جامعة موسكو الحكومية في روسيا، ويتحدث اللغتين الإنجليزية والروسية.
خاض الانتخابات كمرشح لتحالف “آتا” (الأجداد) المكون من أربعة أحزاب يمينية قومية متطرفة، أبرزها حزب النصر وحزب “العدالة”.
بدأ أوغان مسيرته السياسية في 2011 حين تمكن من حجز مقعد له في الندوة البرلمانية عن مسقط رأسه بولاية إغدير (أقصى شرق تركيا على الحدود مع أذربيجان) عن حزب الحركة القومية اليميني (حاليا جزء من تحالف “الجمهور” الذي يضم حزب العدالة والتنمية).
في 2015، وعقب استبعاده من قوائم الحزب الانتخابية للبرلمان، دبت خلافات بينه وبين قيادة الحزب انتهت بطرده من الحركة القومية بموجب قرار حزبي داخلي. وبعد أن كسب دعوى قضائية ضد قرار طرده من الحزب، عاد أوغان إلى صفوف الحركة القومية مجددا، ليعود ويُطرد مع آخرين في 2017 ويعلن انتهاء علاقته مع هذا الحزب.
ولطالما اشتهر المرشح عن “تحالف الأجداد” بخطاب متشدد من قضية اللاجئين، وصف في كثير من الأحيان بالخطاب “العنصري”. ودعا أوغان مرارا إلى إعادة اللاجئين، خاصة السوريين، إلى بلادهم، متعهدا بإعادتهم “قسرا لو تطلب الأمر” في حال فوزه بالانتخابات.
يذكر أن “تحالف الأجداد” لم يقدم أي برامج سياسية أو اقتصادية واضحة للانتخابات الرئاسية، وركز معظم حملته الانتخابية على موضوع إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
ويقود هذا التحالف حزب “النصر” المعارض برئاسة اليميني المتطرف أوميت أوزداغ، المعروف بخطابه “العنصري” المتشدد ضد اللاجئين والأجانب في تركيا لا سيما العرب.
لمن سيمنح أوغان أصوات قاعدته الانتخابية؟
ستلعب أصوات الكتلة الناخبة لتحالف “الأجداد” دورا أساسيا في حسم الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بناءا على نتائج المفاوضات المتوقع أن يجريها أوغان مع كل من أردوغان وكليتشدار أوغلو. لكن بناء على ما تقدم حتى الآن من مواقف وبرامج، فمن المتوقع أن تتمحور المفاوضات حول ملفين رئيسيين: اللاجئون والعلاقة مع الأحزاب الداعمة للأكراد.
وكان أوغان، الذي سوّق نفسه كصوت للأتراك الرافضين لسياسات الهجرة واللجوء في تركيا، قد صرح بمناسبات عدة أنه يرفض التعاون بتاتا مع الأحزاب المتهمة بدعم منظمة “حزب العمال الكردستاني” المصنفة كمنظمة إرهابية في تركيا وعدة دول غربية، في إشارة إلى “حزب الشعوب الديمقراطي” الداعم للأكراد والذي أعلن تأييده لكليتشدار أوغلو.
في هذا الإطار، يذكر أن أردوغان يحظى بدعم من حزب كردي إسلامي هو حزب الدعوة الحرة “هدى بار” الناشط بالمناطق ذات الغالبية الكردية. وتتشكل قاعدة هذا الحزب من أكراد محافظين وإسلاميين معارضين لحزب العمال الكردستاني. فهل يمكن لهذا التحالف أن يؤثر على قرار أوغان بدعم أردوغان؟ وهل من الممكن أن يتخلى أردوغان عن “حزب الدعوة الحرة” مقابل أن يحظى بأصوات أوغان؟
من جهة أخرى، يختلف أوغان مع أردوغان بملف اللاجئين. موقف حزب العدالة والتنمية كان مع العمل على إعادة اللاجئين السوريين طوعا إلى بلادهم بعد أن تتوفر الظروف الملائمة لذلك، ما قد يستغرق وقتا طويلا. في حين يطالب أوغان بإعادتهم فورا.
على الجانب الآخر، يبدو أن التقارب بين أوغان وكليتشدار أوغلو فيما يتعلق بملف اللاجئين أكثر وضوحا، حيث كرر الأخير مرارا تعهده بترحيل السوريين إلى بلادهم في غضون عامين من توليه الرئاسة.
لكن تبرز هنا قضية العلاقة مع الأحزاب الكردية، ما قد يعيق التواصل بين الرجلين، كون أوغان يصر بأنه لا يمكن أن يدخل في أي تحالف قد يشمل أيا من تلك الأحزاب.

أين يقف سنان اوغان؟
وقبيل الانتخابات، سُئل أوغان عن خياراته فيما لو ذهبت الانتخابات لدورة ثانية بين أردوغان وكليتشدار أوغلو، فأجاب “سننظر في المواقف والكفاءات الوطنية والانتماء إلى الإرهاب وطلب المساعدة من الإرهاب…” (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، والأحزاب الكردية المتهمة بدعمه).
وبعد ظهور النتائج ومع توجه البلاد لدورة انتخابية ثانية قال أوغان “القوميون والكماليون الأتراك هم مفتاح الفوز فيها”، معربا عن أن قرار دعم مرشح خلال الدورة الثانية سيكون مبنيا على حوار قد يجريه مع الأطراف المتنافسة.
وأعلن سنان أوغان أنه لا يمكن أن يدعم مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو في الدورة الحاسمة إلا إذا وافق على عدم تقديم تنازلات لحزب مؤيد للأكراد.
وقال لوكالة رويترز في مقابلة الإثنين “سنتشاور مع قاعدة ناخبينا قبل التوصل لقرار حول الدورة الثانية، لكننا أوضحنا أن محاربة الإرهاب وإعادة اللاجئين خطوط حمراء”.
وأورد أوغان إنه لم يلتق بعد بأردوغان أو كليتشدار أوغلو منذ انتخابات الأحد، لكنه أشار إلى أنه سيكون منفتحا للتفاوض “على أساس مبادئهما”، مضيفا “على سبيل المثال، يمكننا توقيع بروتوكول مع تحالف الأمة (كليتشدار أوغلو) يوضح أنهم لن يقدموا أي تنازلات لحزب الشعوب الديمقراطي. الأمر بهذه البساطة”.