
شبكة مراسلين
بقلم: عبد العزيز ناصر
بعد تحرير سوريا من نِظام بشار الأسد الطائفي الذي أثقل كاهل الشعب لأكثر من ستة عقود، برزت على السطح أصواتٌ ترفع شعار “النظام اللامركزي”. فما هو هذا النظام؟ يُعرّف النظام اللامركزي بأنه توزيع السلطات وصنع القرار بين مستويات وكيانات متعددة، بدلاً من تركيزها في يد سلطة مركزية واحدة، مما يعني عملياً تقسيم البلاد إلى كيانات أو ولايات ذات طابع شبه مستقل. يقابله النظام المركزي القائم على توحيد السلطات واتخاذ القرارات في أيدي الحكومة المركزية.
تسعى الحكومة الحالية برئاسة الرئيس أحمد الشرع، بعد التحرير، جاهدةً لتوحيد السوريين وإعادة بناء سوريا دولةً موحدةً قوية. إلا أن إرث النظام البائد ترك سوريا دولةً منهارةً تنهشها الجماعات الانفصالية المدعومة من الخارج، مما يعرقل مسيرة الوحدة وإعادة الإعمار:
- الشمال الشرقي: تسيطر عليه “قسد” الكردية المدعومة من التحالف الدولي.
- السويداء: تسيطر عليها مليشيات حكمت الهجري الدرزية المدعومة إسرائيلياً.
- الساحل: شهد محاولات انقلابية فاشلة من فلول النظام السابق، وتتواجد جماعات علوية تسعى للانفصال بدعم إيراني.
هذا التقسيم الانفصالي الطائفي لا يخدم سوى أجندات هذه الجماعات وأسيادها الخارجيين (أمريكا، إسرائيل، إيران)، ويهدف إلى تمزيق نسيج الوطن وتسهيل السيطرة عليه، وهو ما يصب في النهاية في مصلحة العدو الصهيوني الذي يجد في سوريا المفككة ضالته.
صحيح أن نماذج لامركزية نجحت في دول مثل الإمارات والولايات المتحدة وألمانيا وتركيا، إلا أن تطبيق هذا النظام في سوريا الحالية مستبعد النجاح تماماً. السبب الجوهري هو أن الداعين له هنا هم أصوات طائفية لا وطنية، ترفعه شعاراً لتمرير مشاريع التقسيم والانفصال تحت غطاء إداري، وليس بدافع بناء دولة قوية متحدة. إنه مشروع يخدم الأجندات الخارجية ويهدد كيان الدولة السورية.
لمواجهة هذا الخطر والتمسك بوحدة التراب السوري، يبقى النظام المركزي هو الحل الوحيد والاستراتيجي، شرط أن يقوم على ركائز أساسية:
- استيعاب عمق المؤامرة: إدراك حقيقة المؤامرات الخارجية ودورها في دعم التقسيم والطائفية.
- فرض هيبة الدولة: استعادة سلطة وسيادة الحكومة المركزية على كامل التراب السوري دون استثناء.
- الضغط الدولي: مواجهة ومحاسبة الدول الداعمة للجماعات الانفصالية والضغط عليها لوقف تدخلها.
- محاسبة مجرمي الحرب: تحقيق العدالة ومحاسبة كل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري.
- تجريم العمالة: ملاحقة قضائياً كل من يتعاون مع قوى الاحتلال أو المشاريع التقسيمية.
- حصر السلاح بيد الدولة: نزع سلاح المليشيات والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، وإعادة احتكار القوة المشروعة للجيش والأجهزة الأمنية الوطنية.
لقد عاش الشعب السوري عبر التاريخ شعباً واحداً موحداً حراً. أيها الشعب السوري العظيم، حافظوا على وطنكم فهو عزكم ومصدر فخركم. تمسكوا بوحدتكم، واعملوا معاً على إعادة بناء سوريا لتستعيد مكانتها منارةً للحرية والوحدة والقوة، كما كانت دائماً. الوحدة هي درعنا وحصننا في وجه كل محاولات التفتيت.
المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة مراسلين