تقرير: إسرائيل تأمر بإخلاء شامل لمدينة غزة وسط تحذيرات من “كارثة إنسانية وشيكة”

إعداد: أبوبكر إبراهيم أوغلو
في تصعيد غير مسبوق، أصدر الجيش الإسرائيلي صباح الثلاثاء أمرًا عاجلًا بإخلاء كامل مدينة غزة، التي يقطنها نحو مليون فلسطيني، في خطوة اعتُبرت الأخطر منذ بدء الحرب الأخيرة على القطاع. القرار جاء بعد أيام من القصف المكثف الذي دمّر عشرات الأبراج السكنية، وأعقب سقوط أربعة جنود إسرائيليين في مواجهات على أطراف المدينة.
تفاصيل القرار الإسرائيلي
- المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أعلن أن الإخلاء يشمل كل سكان مدينة غزة من أحيائها الشرقية في حي التفاح وحتى سواحل البحر غربًا.
- حُدد مسار الإجلاء عبر طريق الرشيد الساحلي باتجاه ما يُسمى بـ”المربع الإنساني” في منطقة المواصي جنوب القطاع.
- تم توزيع منشورات ورقية وإرسال رسائل نصية مباشرة إلى هواتف السكان تحذّرهم بأن “البقاء في المدينة خطر للغاية”.
- الجيش نشر رقم هاتف إسرائيلي مباشر للإبلاغ عن “محاولات حماس منع السكان من المغادرة أو إقامة حواجز”.
دوافع القرار
يقول الجيش الإسرائيلي إن بقاء المدنيين في مدينة غزة يعوق عملياته العسكرية المرتقبة ضد ما يسميه “المعقل الأخير لحماس”.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صرّح بأن القوات الإسرائيلية دمّرت “50 برجًا إرهابيًا” في الأيام الماضية، لكنه شدّد أن “هذه فقط البداية”، محذرًا السكان: “اخرجوا فورًا، لقد أُعذر من أنذر”.
الوضع الإنساني
في المقابل، حذّرت وزارة الصحة في غزة من “كارثة إنسانية وشيكة”، مطالبة المجتمع الدولي:
- بحماية المستشفيات والكوادر الطبية.
- بفتح ممرات آمنة لوصول الإمدادات ونقل الجرحى.
التقارير الميدانية تؤكد أن آلاف المرضى في مستشفى الشفاء وبقية المراكز الصحية يواجهون خطرًا مضاعفًا بعد ورود أوامر إخلاء مماثلة من الجيش الإسرائيلي.
الخسائر العسكرية الإسرائيلية
الإعلان عن الإخلاء جاء بعد يوم قاسٍ على إسرائيل:
- مقتل أربعة جنود من لواء المدرعات 401 بانفجار عبوة قرب دبابة في حي الشيخ رضوان.
- الهجوم نفذته خلية مكونة من ثلاثة مسلحين أطلقوا النار وألقوا عبوة ناسفة، وسط مخاوف إسرائيلية من استخدام أنفاق غير مكتشفة للوصول إلى مواقع الجيش.
- العملية رفعت منسوب القلق داخل المؤسسة العسكرية التي تواجه تكتيكات “حرب عصابات” منظمة من جانب حماس.
الأبعاد الاستراتيجية
تسعى إسرائيل عبر عملية “مركبات جدعون ب” إلى استهداف القائد العسكري عز الدين حداد، قائد كتائب حماس في مدينة غزة، الذي يُعتبر من آخر القيادات الكبيرة الباقية على قيد الحياة بعد مقتل قادة بارزين مثل يحيى السنوار.
الجيش الإسرائيلي يعتقد أن حداد قد يستخدم تكتيك الانسحاب التكتيكي نحو الجنوب مع آلاف المقاتلين، بينما يترك خلفه مجموعات صغيرة من القناصة وزارعي العبوات لمواجهة تقدم القوات.
ورقة الأسرى
إحدى أعقد القضايا أمام الجيش الإسرائيلي هي وجود ما بين 8 إلى 10 رهائن إسرائيليين أحياء داخل مدينة غزة. هذه المعطيات تجعل أي هجوم بري محفوفًا بالمخاطر، إذ تضطر القوات إلى التحرك بحذر شديد خشية على حياتهم.
المربع الإنساني في “المواصي”
تخطط إسرائيل لحشد ما بين 1.5 – 1.7 مليون فلسطيني في مساحة ضيقة تقع بين خانيونس ورفح ودير البلح.
ضابط إسرائيلي شبّه الوضع قائلًا: “كأن كل سكان منطقة غوش دان (تل أبيب الكبرى) يعيشون في مخيمات بلا أبراج ولا بيوت، فقط خيام وأكواخ”.
ردود الفعل
- منظمات حقوقية إسرائيلية ودولية وصفت القرار بأنه “تهجير قسري يرقى إلى جريمة حرب”.
- أصوات داخل إسرائيل حذّرت من أن الحكومة والجيش قد يواجهان اتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
- على المستوى الفلسطيني، اعتُبر القرار تطهيرًا عرقيًا جديدًا يعيد إلى الأذهان نكبة 1948.
خلاصة
قرار الجيش الإسرائيلي بإخلاء مليون إنسان من مدينة غزة يمثل نقطة تحوّل خطيرة في مسار الحرب. وبينما تعتبره تل أبيب ضرورة عسكرية لتصفية “المعقل الأخير لحماس”، يحذّر الفلسطينيون والمنظمات الدولية من أن هذه الخطوة قد تدفع القطاع إلى أكبر أزمة إنسانية منذ عقود، مع مخاطر على حياة المدنيين، وتعقيدات إضافية في ملف الرهائن، واحتمالات محاسبة دولية لإسرائيل على سياساتها في القطاع.