ماريونيت فخختها أمريكا وأوروبا ضد روسيا.. فهل يستيقظ زيلنيسكي على كابوس؟!

تحليل يقدمه محمد الليثي
لا يستطيع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنيسكي، أن يستكمل حلما مع قادة دول أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، في دعمه خلال حربه ضد روسيا، حتى يسقط على رأسه فجأة، ليستيقظ على كابوس، نسجته أيادي محركوه من هؤلاء القادة الذي ينظرون إليه على أنه دمية متحركة أو ماريونيت تم تفخيخه، في وجه العدو اللدود روسيا، ليجد نفسه وحيدا كعادته، في كل مرة يعدونه فيها بالنصر، ثم يجد نفسه أسيرا مكبلا أمام القطار الروسي.
فما أن انتهت أعمال قمة الناتو بحضور زعماء دول الحلف في عاصمة ليتوانيا فيلنيوس، وأكد الأعضاء على التزامهم بتقديم دعم عسكري لكييف يمتد لسنوات، وضمان أمين عام حلف الناتو ستولنبرج بتقدم حزمة مساعدات لتطوير قدرات أوكرانيا الدفاعية “تمتد لسنوات”، ووعود الرئيس الأمريكي جو بايدن اتفاق قادة الحلف على أن تكون أوكرانيا عضوا “بعد الحرب”.
لسنا متجر أمازون
حتى خرج وزير الدفاع البريطاني بن والاس، بتصريح مثير، نقلته وسائل إعلام بريطانيا، ردّ فيه على قائمة طلبات عسكرية قدمها إليه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال قمة الناتو في ليتوانيا، بالقول”نحن لسنا أمازون” – في إشارة إلى المتجر الإلكتروني العملاق -.
وقال والاس إنه حذر الأوكرانيين من أن المجتمع الدولي يريد أن يرى “امتناناً” لدعمه في الحرب مع روسيا، وقال: “سواء أحببنا ذلك أم لا يريد الناس أن يروا الامتنان”.
وأضاف بن والاس أن الدول قدمت الكثير من الإمدادات لأوكرانيا في 500 يوم منذ بدء الصراع.

بايدن يماطل في انضمام أوكرانيا للناتو
بل إن الرئيس الأمريكي الذي دعمت بلاده أوكرانيا بأكثر من 42 مليار دولار خلال حربها منع روسيا، يماطل في انضمام أوكرانيا للناتو، وقال بايدن، في مقابلة أجراها مع شبكة “سي إن إن” الأحد الماضي، “لا أعتقد أن هناك إجماعا في حلف شمال الأطلسي “الناتو” حول ما إذا كان سيتم ضم أوكرانيا إلى الناتو الآن، في هذه اللحظة، في خضم الحرب”.
وأضاف بايدن “إذا ظلت الحرب مستمرة، فسنكون جميعا في حالة حرب. سنكون في حالة حرب مع روسيا، إذا كان هذا هو الحال”.

ورد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن بلاده ستكون راضية عن أى نموذج للأمن والحماية طالما أنه ليس بديلا لعضويتها فى الناتو.
ونقلت صحيفة “يوكرانيسكا برافدا” الأوكرانية عن كوليبا قوله في مقابلة: “لسنا بحاجة إلى مذكرة بودابست أخرى، عندما تنازلنا عن الأسلحة النووية مقابل وعود فارغة، لن نتخلى عن عضوية الناتو لأن الجميع والشركاء يدرك أن عضوية أوكرانيا في الحلف هي أقوى ضمان بعدم اندلاع حرب أخرى في أوروبا”.
وتابع “جميع الضمانات الأمنية الأخرى جيدة، لكن لا بديل عن عضوية الناتو، هذا هو الموقف الحازم للرئيس الأوكراني، وسيتم تفعيله من خلال القرارات التي يتم اتخاذها”.
زيلنيسكي وحيدا
وأثارت صورة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يقف بمفرده على هامش اجتماع زعماء حلف شمال الأطلسي “الناتو” في ليتوانيا الكثير من الجدل والتفاعل على منصات التواصل الاجتماعي.
وبدا الرئيس الأوكراني وحيدًا وسط الحضور الكثيف، فيما انهمك زعماء الحلف في تبادل الأحاديث والضحكات، وتركوه بمفرده أثناء التقاط المشهد المعبر، كما لو كان يعبر عن الإحباط الذي تعيشه كييف من جراء بطء وإطالة أمد مفاوضات انضمامها لحلف “الناتو”، الأمر الذي أثار حالة من السخرية من الصورة المتداولة.
ويدرك “زيلينسكي” المأزق الذي تعيشه بلاده بمفردها في محاولتها لصد الهجمات الروسية التي لا تتوقف على أراضيها منذ فبراير من العام الماضي، فضلاً عن الموقف السلبي العام من انضمامها لحلف شمال الأطلسي، وهو ما عبّر عنه بوضوح قبل أيام بتغريدة قال فيها: إن “عدم الوضوح هو ضعف”، وأضاف أن عدم تحديد إطار زمني متفق عليه لانضمام كييف للحلف، يعني أن عضوية بلاده يمكن أن تصبح ورقة مساومة في النهاية.
وحاول الرئيس الأوكراني خلال مشاركته في قمة دول “الناتو” التي جرت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس دغدغة مشاعر أعضاء الحزب، وحثهم على الموافقة على انضمام بلاده، بقوله إن: “الناتو سيمنح أوكرانيا الأمن، وأوكرانيا ستجعل الحلف أقوى”.
لحظة الحقيقة
وأثارت اللقطة تعليقات وردود فعل واسعة على المنصات الاجتماعية، إذ علق أحد المغردين، بقوله: “إنها اللحظة التي أدرك فيها زيلينسكي أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضحوا بأوكرانيا من أجل استنزاف روسيا”.
فيما نشر مغرد آخر الصورة، وكتب معلقًا عليها: “سيتخلى حلف الناتو عنك ويخونك تمامًا كما فعل في أفغانستان”.
ووصف أحد المغردين الصورة بأنها تعبر عن العد التنازلي لانتهاء فترة الرئيس الأوكراني، قائلاً: “بمفرده مرة أخرى، وهذا هو طبيعة الحال. يقترب بسرعة اليوم الذي سيختبر فيه زيلينسكي تجربة القذافي وصدام حسين. لقد أصبحت أيامه معدودة”.
وعلق مغرد رابع: “دفع الناتو الرئيس الأوكراني زيلينسكي لمحاربة الروس.. وأداروا ظهورهم الآن كما هو موضح في هذه الصورة”.
وعلى الرغم من ذلك، فإن رغبة كييف تصطدم بالمادة “الخامسة” من الوثيقة التأسيسية للحلف، والتي تشير إلى أن أي هجوم ضد أي دولة في الحلف يعد هجومًا ضد كل دوله؛ وهذا ما يفسر رفض الحلف وعلى رأسه الولايات المتحدة لانضمام أوكرانيا، خشية الدخول في صدام مباشر مع الدب الروسي.

حرب نووية
وتخشى الدول الأعضاء من تحول التوترات بين كييف وموسكو إلى حرب عالمية نووية تأتي على الأخضر واليابس في حال انضمام أوكرانيا إلى الحلف، أو إطالة أمد الحرب على أقل تقدير، إذ إن تلك الخطوة تواجه رفضًا روسيًا صريحًا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلة مع صحيفة إندونيسية نشرت أمس الأربعاء إن المواجهة المسلحة في أوكرانيا ستستمر إلى أن يتخلى الغرب عن خططه للسيطرة على موسكو وهزيمتها.
وقال لافروف لصحيفة “كومباس” إن هدف الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة هو تعزيز هيمنته العالمية.
وأضاف لافروف في المقابلة التي نشرها موقع وزارة الخارجية الروسية على الإنترنت “لماذا لا تنتهي المواجهة المسلحة في أوكرانيا؟ الإجابة بسيطة للغاية – ستستمر إلى أن يتخلى الغرب عن خططه للحفاظ على هيمنته والتغلب على رغبته المهووسة في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا على أيدي الدمى في كييف”.
وأردف قائلاً “في الوقت الراهن، لا توجد مؤشرات على أي تغيير في هذا الموقف”.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزير الدفاع سيرغي شويغو قوله، إنه إذا أمدت الولايات المتحدة أوكرانيا بالقنابل العنقودية فإن موسكو ستضطر إلى استخدام أسلحة “مماثلة”.
كانت الولايات المتحدة أعلنت، الأسبوع الماضي، أنها ستزود أوكرانيا بذخائر عنقودية، وهي عبارة عن أسلحة متفجرة تُطلق عادة أعداداً كبيرة من القنابل الصغيرة تغطي مساحة واسعة. وتحظر أكثر من 100 دولة، من بينها بريطانيا واليابان، استخدام هذه الذخائر.
ونقلت وكالات الأنباء عن شويغو قوله، إن روسيا تمتلك ذخائر عنقودية لكنها امتنعت حتى الآن عن استخدامها في حملتها العسكرية.
وقال شويغو “في حالة إمداد الولايات المتحدة أوكرانيا بذخائر عنقودية، ستضطر القوات المسلحة الروسية إلى استخدام أسلحة مماثلة ضد القوات المسلحة الأوكرانية كرد فعل”.

الحرب العالمية الثالثة
في سياق متصل، قال ديمتري ميدفيديف نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين، إن زيادة حلف شمال الأطلسي مساعداته العسكرية لأوكرانيا تقرب الحرب العالمية الثالثة.
وتعليقاً على اليوم الأول من قمة الحلف، الذي تقوده الولايات المتحدة، في ليتوانيا، حيث تعهد عدد من الدول تقديم مزيد من الأسلحة والدعم المالي لكييف، قال ميدفيديف، إن المساعدات لن تمنع روسيا من تحقيق أهدافها في أوكرانيا.
وكتب ميدفيديف على تطبيق المراسلة “تيليغرام” “لم يستطع الغرب الذي استبد به الجنون أن يأتي بشيء آخر… في الواقع، إنه طريق مسدود. الحرب العالمية الثالثة تقترب”. وأضاف “ماذا يعني كل هذا بالنسبة لنا؟ كل شيء واضح. العملية العسكرية الخاصة ستستمر لنفس الأهداف”.
وتصف روسيا أعمالها في أوكرانيا بأنها “عملية عسكرية خاصة”، بينما تقول كييف وحلفاؤها، إن موسكو تشن حرباً غير مبررة للاستيلاء على الأراضي والسيطرة على جارتها. ويقول الغرب إنه يريد مساعدة أوكرانيا على الفوز بالحرب، وزودها بالفعل بكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة الحديثة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، أن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي أثناء الصراع لن يحدث “لأنه سيؤدي إلى اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وروسيا”.
وقال ميلر في مؤتمر صحفي، “سيكون من غير المناسب قبول أوكرانيا في الناتو، لأن ذلك يعني دخول الولايات المتحدة الحرب مع روسيا، لقد أوضح الرئيس بايدن منذ البداية أنه طالما يقود (الإدارة الأميركية)، فإن هذا لن يحدث”.
خيبة أمل
وعبر زيلينسكي عن خيبة أمله لعدم دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، الثلاثاء، وقال لمؤيديه في العاصمة الليتوانية “هل هذه أمنية مبالغ فيها؟”.
وقال لآلاف الأشخاص الذين تجمعوا في وسط العاصمة الليتوانية فيلنيوس التي تستضيف قمة الحلف، بينما كان قناصة يقفون للحراسة على أسطح المباني، “الحلف سيجعل أوكرانيا أكثر أماناً، وأوكرانيا ستجعل الحلف أقوى”.
وشكر ليتوانيا على “موقفها الواضح والصادق والشجاع” الداعم لعضوية أوكرانيا.
وقبل وقت قصير من الكلمة، كان الزعماء قد اتفقوا على أن الحلف سيوجه دعوة إلى أوكرانيا للانضمام إلى الحلف العسكري عندما “يوافق الأعضاء وتُستوفى الشروط”.
وقال زيلينسكي، في وقت سابق الثلاثاء، إنه سيكون من “العبث” عدم عرض قادة الحلف إطاراً زمنياً لبلاده للعضوية.
وخاطب زيلينسكي الجمهور باللغة الأوكرانية قائلاً “جئت إلى هنا اليوم معتقداً في قرار، ومعتقداً بشركاء، وبحلف شمال الأطلسي القوي، بحلف لا يشك ولا يضيع وقتاً ولا يأبه لأي معتد”.
ومضى يقول “أتمنى أن يصبح هذا الاعتقاد يقيناً.. يقيناً في القرارات التي نستحقها جميعاً، التي يتوقعها كل جنودنا وكل مواطنينا وكل أمهاتنا وكل أطفالنا. وهل هذه أمنية مبالغ فيها؟”.
