“الناتو يحذرُ موسكو

هناء السيّد- ليبيا -خاص مراسلين
صعّد حلف شمال الأطلسي من استجابته الدفاعية شرق أوروبا بعد سلسلة من الانتهاكات الروسية للمجال الجوي في بولندا وإستونيا، تمثلت في اختراق طائرات مسيرة ومقاتلات لمجال الحلف، ما دفع دولاً أوروبية إلى نشر مقاتلات وتنفيذ طلعات مراقبة ضمن مهمة “الحارس الشرقي”.
وأعلنت بريطانيا أن مقاتلات “تايفون” تابعة لسلاح الجو الملكي نفذت أول طلعة دفاع جوي لحلف الناتو فوق بولندا مساء الجمعة، ضمن مهمة “Eastern Sentry” التي أُطلقت مؤخراً لتعزيز أمن جناح الحلف الشرقي. وعادت المقاتلتان إلى المملكة المتحدة صباح السبت، بعد تنفيذ دوريات هدفها ردع أي تهديدات جوية روسية، وفق بيان حكومي.
وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إن المهمة “ترسل رسالة واضحة: سيتم الدفاع عن أجواء الناتو”، واصفاً توغل الطائرات الروسية بأنه “أخطر انتهاك للمجال الجوي للحلف منذ بدء الحرب الشاملة في أوكرانيا”.
وفي إطار التحركات ذاتها، نفذت طائرة “أواكس” (AWACS) تابعة للناتو أولى طلعاتها فوق بولندا لرصد التهديدات الجوية، منطلقة من قاعدة ألمانية ضمن مهمة تستغرق 8 ساعات. وتتميز هذه الطائرة بقدرتها على كشف التحركات الجوية ضمن مدى 500 كيلومتر، بما يشمل مناطق معادية مثل بيلاروس وكالينينغراد.
وأوضح الكابتن البلجيكي “جويل”، قائد الطائرة، أن الهدف من الطلعة هو “توفير إنذار مبكر وضمان مراقبة الأجواء المحيطة بدول الحلف”، مشيراً إلى أن ما حدث مؤخراً في بولندا “تذكير واقعي بضرورة البقاء في حالة استعداد”.
ويقوم الطاقم بمراقبة النشاط الجوي الذي يمتد من جنوب السويد إلى غرب أوكرانيا، في ظل مخاوف متزايدة من توسع رقعة الحرب.
وعلى الرغم من تفوق الناتو التكنولوجي، تمثل المسيّرات الروسية منخفضة التكلفة تحدياً خاصاً، حيث يصعب رصدها عبر أنظمة تقليدية صُممت لتعقب طائرات كبيرة وسريعة. وأكد مسؤول في الناتو أن الحلف يسعى لتطوير “حلول فعالة من حيث التكلفة” للتصدي لهذا النوع من التهديدات، وسط انتقادات لاستخدام صواريخ باهظة الثمن لإسقاط مسيّرات رخيصة.
بالتوازي، أعلنت بولندا أنها نشرت طائرات مقاتلة محلية وأخرى من دول حليفة لحماية أجوائها بعد ضربات جوية روسية استهدفت مناطق غربي أوكرانيا قرب الحدود البولندية. وقالت قيادة العمليات في الجيش البولندي إن “أنظمة الدفاع الجوي والرادارات وُضعت في أعلى درجات التأهب”، مؤكدة أن الإجراءات كانت “وقائية”.
وفي تطور لاحق، عثرت السلطات البولندية على طائرة مسيّرة روسية، يُعتقد أنها الأخيرة من أصل 24 مسيّرة اخترقت المجال الجوي قبل عشرة أيام، وذلك في أحد الحقول شمال شرق البلاد.
جاءت هذه التحركات بعد سلسلة من الحوادث المقلقة، أبرزها اختراق مقاتلتين روسيتين للمجال الجوي الإستوني لمدة 12 دقيقة، وسبق ذلك إسقاط مسيّرات روسية فوق بولندا. وتأتي هذه الحوادث في ظل تصاعد التوتر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، واستمرار الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022.
ورغم نفي وزارة الدفاع الروسية مسؤوليتها عن أي خرق لأجواء إستونيا، إلا أن دول الحلف تواصل حشد قدراتها الجوية شرقاً، في خطوة تعكس جدية المخاوف من امتداد الحرب إلى أراضيه.
مع تزايد التوتر على حدود الناتو الشرقية، يشير المحللون إلى أن مهمة “الحارس الشرقي” تمثل تحذيراً مباشراً لموسكو، وتأكيداً على أن أي تهديد لأجواء الحلف لن يُترك دون رد. وفي هذا السياق، تُواصل دول الناتو تأكيد التزامها بتعزيز الأمن الجماعي، بما يشمل تحديث أنظمة الدفاع واستعدادات الردع الجوية.