مقالات

ماذا بعد رحيل «فاغنر» من مالي؟

بقلم: محمد امبارك المختار

في تحوّل استراتيجي مفاجئ بدأت مجموعة “فاغنر” الروسية في تفكيك وجودها العسكري في مالي، بعد إقامة دامت نحو ثلاث سنوات ، رافقها الكثير من الجدل  في الدولة الإفريقية التي مزقتها الصراعات.
يحمل هذا الرحيل أبعادًا تتجاوز ساحة المعركة ليعكس تحولات جيوسياسية أوسع تشمل موسكو، باماكو، وشركاء دوليين آخرين.
الدخول المثير للجدل في مالي :
في أواخر العام 2021 و مع تراجع الثقة في الشركاء الغربيين – لا سيما فرنسا – وتصاعد العنف سعت الحكومة الانتقالية في مالي إلى دعم بديل فاختارت التحالف مع موسكو من خلال مجموعة المرتزقة الروسية رغم التحذيرات الدولية من انتهاكات حقوق الإنسان والمخاطر السيادية.
لعبت “فاغنر ” دورًا رئيسيًا في العمليات ضد الجماعات المسلحة، لكنها واجهت تحديات كبيرة في الشمال، إذ فقدت السيطرة على بعض المناطق بعد معارك قوية مع تحالف الطوارق، ومسلحين أزواديين..
ماذا بعد فاغنر ؟
ربما لا يعني رحيل مرتقزة فاغنر نهاية الوجود الروسي في مالي، بل قد يكون محاولة لإضفاء الطابع الرسمي  للعلاقة العسكرية بين البلدين، خاصة مع ظهور كيانات جديدة مرتبطة بـ”روسيا الرسمية” قد تحلّ محل المجموعة، وفي الوقت ذاته، لا تزال فرنسا، ودول الاتحاد الأوروبي يراقبان المشهد بحذر، بينما تسعى دول الجوار إلى تفادي انتقال الفوضى إلى أراضيها.
لكن السؤال المطروح بالنسبة لمالي هل سيؤدي انسحاب قوات فاغنر إلى فراغ أمني جديد ؟ أم سيفتح الباب أمام مصالح و علاقات جديدة قد توقف دوامة العنف والانقلابات ؟ الجواب قد يظهر لاحقا إذ يمثل رحيل فاغنر عن مالي  لحظة مفصلية في مسار الصراع في الساحل الأفريقي،
فبينما تدعي المجموعة أنها أنجزت مهمتها، فإن الواقع يكشف عن فشلها في تحقيق الاستقرار الأمني، مع ترك إرث من الانتهاكات الحقوقية، وتصاعد التوترات في المنطقة.
بينما تطوي فاغنر صفحة وجودها الأخيرة في مالي تظل تداعيات هذه المغادرة مفتوحة على كل الاحتمالات فمالي – وبعد ما اختارت كسر تحالفها مع الغرب – تجد نفسها اليوم أيام تحدٍ حقيقي، لتظهر قدرتها على بناء نموذج للبناء، والاستقرار وسط محيط لايرحم، و تحالفات دولية متغيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews