رئيس «الكنيست» الأسبق يؤيد وصف حماس بـ «مقاتلي الحرية»
عاموس شوكين على حق: جزء من النضال الفلسطيني المشروع يشمل العنف

شبكة مراسلين
مقال أبراهام بورغ * – رئيس الكنيست الأسبق ورئيس الوكالة اليهودية – في موقع «والا» العبري
ترجمة الدكتور أحمد أحمد
لقد قرأت مرارا وتكرارا كلمات محرر صحيفة هآرتس وأنا أتفق تماما مع العبارة: “الإرهابي عند شخص ما هو مناضل من أجل الحرية عند شخص آخر”. نود حرباً يُسمح لنا فيها بقتل أكبر عدد ممكن منهم، ولا يُسمح لهم حتى بالتفكير في قتل واحد منا، ولكن ما الذي يُسمح للمهزومين والمظلومين والمذلولين أن يفعلوه؟
أنا حقا لا أفهم. لا أفهم ما الذي يريده صحافيو “هآرتس” وأعضاء هيئة التحرير من عاموس شوكن. قرأت كلماته مرارا وتكرارا. ولأنني أتفق تماما مع نفس العبارة التي واجهتها لأول مرة في كتاب “حراس البوابة” بقلم درور مورا على لسان أحد رؤساء الشاباك السابقين: “الإرهابي عند شخص ما هو مناضل من أجل الحرية عند شخص آخر”.
اعتقدت أن كلمات شوكن في لندن كانت كذلك – مفهومة وبديهية. من الصعب قبول ذلك لكنها حقيقة مرة. إن كل الإنكارات والخداع والكليشيهات الطفولية لشعب لا يمكن أن يكون محتلاً في بلده لن تساعد. هناك شعبان هنا والمقارنة بينهما واضحة؛ هناك منتصر وهناك المهزوم ولا يخلط بينهما أحد أبدًا. فماذا يجب على المحتل أن يفعل؟ أن يقبل قدره السئ ليفقد كل آماله؟ فقط حتى يتمكن العملاق جالوت من الحصول على المزيد من الراحة في الحياة؟ لم يحدث ذلك قط، ولم يحدث لنا أبدًا. وهذا لن يحدث في الحالة الفلسطينية أيضاً.
وبطبيعة الحال، لا أحد يحب العنف. ولكن بما أن إلهنا هو “يهوه رجل حرب” ونحن مخلوقون على صورته ومثاله فإننا نحب الحروب والقتال مثله. على الرغم من أننا نفضل الحرب بدون قتلانا. يا له من عار أنهم لم يخترعوا مثل هذا بعد. لذا، في هذه الأثناء، نريد حربًا يُسمح لنا فيها بقتل أكبر عدد ممكن منهم. ويجب عليهم ألا يفكروا حتى في قتل أحد منا. وبالأساس ما هو المسموح للمغلوب والمظلوم والمذلول والمسروق أن يفعل لتحسين وضعه؟
عدت إلى نقطة واحدة في قلب تل أبيب. على جدار الكريا (وزارة الأمن الإسرائيلية)، مباشرة أمام مكان الاعتصام الأول لعائلات المختطفين، هناك لوحة تذكارية صغيرة كتب عليها: “في هذا المكان كان مركز اتصال القوة المتنقلة الفلسطينية [شرطة الانتداب البريطاني]. بتاريخ 24/05/1947، قام مقاتلان يهوديان من ليحي (ليحي اختصار منظمة مقاتلين من أجل حرية اسرائيل): يسسخار هوبرمان (يعنكلا) ورحميم البلاك (جيمي)، بإدخال سيارة مفخخة إلى مركز الشرطة تحت غطاء فنيي إصلاح هواتف. وعندما تم تفعيل جهاز التفجير، تم تدمير المركز وإصابة عدد من ضباط الشرطة البريطانية.
تعالوا نغير الأسماء والأماكن والأوقات، لنفترض أنه قام فلسطينيان اليوم بإدخال ٢٥٠ كيلوغرام من المتفجرات إلى مقر وحدة التنصت في المخابرات الإسرائيلية، ماذا سنطلق عليهم؟ بالتأكيد إرهابيين، لماذا إذاً يطلق على هؤلاء المقاتلين اليهود قبل قيام الدولة اسم “المقاتلين من أجل الحرية” في حين أن الفلسطينيين الذين يقاتلون من أجل إزالة نير الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولتهم هم إرهابيون؟
وفي فوضى إراقة دماءنا لا بد من التمييز. النضال من أجل التحرير – أرسل شعبي معي- مسموح، وأبعاده واضحة: كما هي وحشية القمع وصممه، كذلك تكون قوة المقاومة ضده.
إن بعض النضال الفلسطيني المشروع ينطوي على العنف، وبعض حروب إسرائيل الدفاعية تبرر الحرب. ما حدث ويحدث في غزة هو لا هذا ولا ذاك. إن جرائم حماس لم تكن أبداً من أجل تحرير غزة، بل من أجل سيادة الدين. وحملة الانتقام الإسرائيلية هي سفك فاحش للدماء ليس له أي مبرر على الإطلاق. تتم بروح التفوق اليهودي الذي يقدس كل الوسائل النجسة.
عند البحث عن نقطة التوازن بين ما هو مبرر وما هو فاحش، يجدر بنا أن نخصص لحظة لفكرتين: هناك خدعة تعمل دائمًا. سيشعر الضحية دائمًا بأنه ضحية عمل إرهابي، وسيشعر الجاني دائمًا بأن جميع أفعاله كانت صحيحة وأخلاقية. (“الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”، على سبيل المثال). وأكثر من ذلك: العنف الذي تمارسه الحكومات يعتبر حرباً مبررة، والعنف ضد الدولة ومواطنيها هو إرهاب وليس غيره.
والخلاصة: الحرب كانت وستظل دائماً تعبيراً عن الفشل. ومقاومة أي احتلال هي مشروعة في نظر المراقب.
في أحلامي الفاضلة أحلم بعالم جون لينون:
تخيل أنه لا توجد دول
ليس من الصعب القيام بذلك
لا شيء للقتل أو الموت من أجله
ولا الأديان
تخيل كل الناس
تعيش في سلام
قد تقول أنني أحلم
لكنني لست الوحيد
آمل أن تنضم إلينا يومًا ما
وسيكون العالم واحدًا
وكان جون لينون واحداً. والحروب كثيرة ولها قبول شعبي. لذلك ينبغي قراءة رؤى لينون بنبوءة مختلفة. أمر قد يفهمه أصحاب الفكر اليميني يومًا ما.
(مقطع من التوراة) يا ابن الإنسان، يقال لساكني هذه الخِرب في أرض إسرائيل:… نحن كثيرون، لقد أورثنا الأرض. لذلك قل لهم: هكذا قال السيد الرب: على الدم تأكلون، والدم تسفكون؛ والأرض ترث، قف على سيفك، والأرض ترث؟
وفي العبرية الإسرائيلية الحالية: كل الحجج الدينية الفارغة: وعد الله، الشعب المختار، التفوق اليهودي والأغلبية الديموغرافية هي فزاعات فارغة. إن سفك الدماء عبثًا، دون تمييز ودون معايير أخلاقية، هو مقدمة للهلاك القادم، جلاء إسرائيل الذي سيأتي، لا سمح الله.
من الصعب بين عشية وضحاها هزيمة موجة الشر اليهودي والمتواطئين معه في مساجد حماس، ولكن لن يكون مثل هذا النصر المستقبلي ولا الحياة المستدامة ممكنين من دون صحيفة هآرتس ومن دون النظر بشجاعة إلى المرآة الثاقبة التي وضعها عاموس شوكين أمام أعيننا. لذلك ربما سيخرج شخص ما إلى الشارع ويقوم برش الكتابة على الجدران: “شوكين على حق”.
———————————
* أبراهام بورغ – رئيس الكنيست الأسبق ورئيس الوكالة اليهودية – يعلق على تصريحات مالك صحيفة هآرتس العبرية «عاموس شوكين» والتي وصف فيها المقاومة الفلسطينية بـ «مقاتلي الحرية» وهي تصريحات أثارت موجة من الانتقادات داخل الكيان المحتل.