من يدفع ثمن إهمال الكتاب المدرسي في اليمن؟

تقرير: ضيف الله الطوالي-مراسلين
اليمن – نصف عامٍ دراسي ينقضي في عموم العاصمة صنعاء اليمنية، وككل عام يجد “محمد” (14) نفسه مضطراً إما لتلخيص بعض الدروس وذلك بأخذ الكتب من زملائه بين حين وآخر، أو يلجأ لتصويرها بهاتفه ليتمكن من مذاكرة دروسه، إذ يواجه الطلاب في المدارس الحكومية مشكلة الحرمان من الكتاب المدرسي. وفقًا لتقارير منظمات غير حكومية، فإن أكثر من 60% من طلاب المدارس الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء الغير معترف بها دولياً لا يحصلون على الكتب المدرسية في الوقت المناسب، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم ومستقبل الطلاب.
وفي ظل الأوضاع المأساوية التي يمر بها المواطن من ارتفاع معدل البطالة إلى انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين، يقول “أحمد حسين”: لقد خصصت بعض المال من اجري اليومي القائم على أعمال البناء لأجل اتمكن من أن اصرف على أبنائي حق التعليم من كتب ومصروفات يومية، لأن الكتب لم تعد مجانية إلا ما ندر، وبعد أن اشتريت الكتب من على أحد أرصفة شوارع صنعاء اتضح في ما بعد أنها قديمة لا تواكب ما يتم تدريسه حالياً لذلك كل ما صرفته على الكتب ذهب هدرا.

غياب المسؤولية
تصل إلى المدارس من الوزارة 30% مما تحتاجه من المناهج، وبعض المناهج القديمة من المدارس الأهلية لكنها ممزقة أو محلولة الأسئلة، ما يجعل الطلاب لا يبذلون أي جهد في الدراسة، وهذا يؤدي إلى قلة استيعابهم للمادة، خاصة مع ضعف الرقابة لدى بعض الأسر. حسب قول بشير علي (مشرف على المناهج في مدرسة الخوارزمي الواقعة في مديرية شعوب في العاصمة صنعاء).
يضيف: “الكتب لا تصل إلا بعد مرور شهرين من بدء الدراسة ما يضاعف معاناة المعلم والطالب، ما يدفع بعض الأهالي للشراء من البسطات، وبعضها لا تكون متوافقة مع الطبعة الجديدة ما يؤدي إلى إثارة قلقهم فيما يخص الامتحانات النهائية ويقلل ذلك من مستواهم”.

إحصائيات
أظهرت الدراسات أن الطلاب الذين لا يحصلون على الكتب المدرسية يعانون من تدني مستويات التحصيل العلمي بنسبة تتزيد عن 30%. إضافة إلى أن أكثر من 70% من الأسر اليمنية تعيش تحت خط الفقر، ما يجعل شراء الكتب المدرسية عبئًا إضافيًا لا يستطيعون تحمله؛ هذه الأرقام تعكس واقعًا مريرًا يعيشه الطلاب وأسرهم، ليصبح التعليم حلمًا بعيد المنال في ظل الظروف الصعبة.
خصخصة التعليم
تُنتج مطابع الكتاب 30% فقط من احتياجات عموم المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء. إذ تم إنشاء مؤسسة تجارية لطباعة المنهج تحت إشراف مطابع الكتاب ووزارة التربية والتعليم والبحث العلمي لبيعه للمدارس الأهلية، ويكون العائد مخصصًا لطباعة المنهج للمدارس الحكومية؛ وتشتريه المدارس الأهلية بأغلى ما هو معروض في السوق لتغطية تكلفتها وتكلفة الكتاب الحكومي. حسب ما أكد مدير قطاع المناهج الأستاذ “محمد بلابل”.
وأضاف: “قد تؤدي هذه الإشكالية إلى حصر التعليم على الطبقة القادرة في توفير مستلزمات أبنائها، وهذه المشكلة تتحمل مسؤوليتها وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي”.

حصر التعليم
يقول الاخصائي الاجتماعي فهد عامر أن “الكتاب من أهم مصادر التعلم للطالب ولا يتم الاستفادة منه إلا إذا كان جديدًا، وتلاعب الباعة المتجولين بالكتاب المدرسي ووجود طبعات رديئة يرجع إلى ضعف الرقابة من الجهات المسؤولة”، مضيفًا “لأن المنهج يتعرض للتحديث المستمر خصوصًا في المرحلة الأساسية فتعتبر الكتب السابقة مختلفة، ما يحدث تفاوتًا بين الطلاب، ويؤثر على مدى استفادتهم.
تزداد التحديات وقلق الآباء على مستقبل أبنائهم يوماً بعد يوم، بينما لا توجد أي حلول أو آمال تلوح بالأفق في ظل اختلال المنظومة التعليمية ونقص الكتاب المدرسي والضغوط الاقتصادية المتزايدة، التي تعاني منها الأسر اليمنية.