عيد حزين في السودان.. 600 قتيل حتى الآن والجثامين تملأ الشوارع وتكبيرات العيد تائهة بين صوت الرصاص

محمد الليثي – شبكة مراسلين
مع أول أيام عبد الفطر المبارك، يهنئ الناس بعضهم بعضا بالقول: “عيد سعيد”، إلا أن العيد في السودان حزين حتى أنه أصبح شاهدا على امتلاء شوارع وأحياء السودان بالجثامين التي زكمت رائحتها أنوف المتحاربين (الجيش والدعم السريع)، كما ارتفع عدد القتلى لما يفوق 600 قتيلا، وتدمير مئات المنشآت العامة والمستشفيات، في الوقت الذي تاهت فيه تكبيرات عيد الفطر بين صوت الرصاص والمدافع.
600 قتيل تملأ جثامينهم الشوارع
وتعلن نقابة أطباء السودان إن 55 مستشفى أساسيا في العاصمة والولايات من أصل 78 متوقفة عن العمل والباقي مهدد ، في الوقت الذي تقول فيه الأرقام الرسمية بحسب تصريحات وزير الصحة السوداني هيثم إبراهيم، إن أكثر من 600 وفاة رصدت في كل مستشفيات السودان.
وأعلنت المؤسسات الطبية السودانية أن عشرات الأشخاص يموتون في المستشفيات بالسودان بسبب نقص المعدات اللازمة والكهرباء، مشيرة إلى أن الجثث ملقاة في شوارع الخرطوم منذ عدة أيام.

ونقلت وكالات الأنباء عن أطباء سودانيين، إن هناك نقص في المعدات اللازمة، و”الناس يموتون حتى في بيوتهم، لأننا لا نستطيع إجلاءهم، ويستحال دفنهم، الجثث مكدسة منذ ثلاثة أو أربعة أيام”، مشيراً إلى أن المصابين يتوجهون إلى المستشفيات بسبب الجروح الناجمة عن الشظايا.
وطالب الهلال الأحمر السوداني بفتح مسارات آمنة حتى تقوم الكوادر الطبية بعملها.
وقالت نقابة أطباء السودان إن 70% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباك بين الجيش وقوات الدعم السريع متوقفة عن العمل.
وذكرت النقابة أن 4 مستشفيات تعرضت للقصف في مدينة الأبيض، مما يرفع العدد الكلي للمستشفيات التي تم قصفها إلى 13، مشيرة إلى أن القصف في الأبيض تمخض عن مقتل 26 وإصابة 33.
وقالت النقابة في بيان إن 45 من القتلى المدنيين سقطوا يوم أمس الخميس، في حين أُصيب 128 بينهم عدة حالات غير مستقرة.
وأشار البيان إلى وجود عدد من القتلى والجرحى غير مشمولين في هذا الحصر بسبب صعوبة التنقل والوصول إلى المستشفيات في ظل الوضع الأمني بالبلاد.
معارك ضارية
واستفاقت الخرطوم في أول أيام العيد على وقع قنابل الطائرات والمدافع الثقيلة في هجوم كاسح من الجانبين.
وأوضحت لقطات البث المباشر من السودان، احتدام المعارك بين الجانبين، وقالت مصادر إنّ الجيش يقصف مقر الدعم السريع – المقر السابق لهيئة عمليات جهاز الأمن والمخابرات السابق – جنوب شرق مطار الخرطوم رداً على كسر الدعم السريع للهدنة باستهدافه لتدمير خزانات وقود الطائرات بمطار الخرطوم.
اتصالات دولية وحكومات تجلي رعاياها
وتستمر الاتصالات الدولية بطرفي النزاع في السودان من أجل التهدئة، إلا أنها فشلت جميعا حتى الآن.
وقال مصدر عسكري سوداني ومسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي أجرى مباحثات عبر الهاتف مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.
كما دعاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المسؤولين السودانيين في اتصال هاتفي لوقف الاشتباكات والحد من إراقة دماء الإخوة والعودة إلى طاولة الحوار.
وأفاد المصدر السوداني بأن ميلي بحث مع البرهان إجلاء المواطنين الأمريكيين العالقين في السودان.
من جهته، قال المسؤول في البنتاغون إن رئيس الأركان الأمريكي ناقش مع قائد الجيش السوداني سلامة المواطنين الأمريكيين في البلاد.
كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في الاتحاد الأوروبي قوله إن الاتحاد يسعى لتنسيق إجلاء محتمل لمواطنيه من السودان.
لكن المسؤول أوضح أن الأوضاع الأمنية الحالية في السودان لا تساعد على تنفيذ عملية إجلاء.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي إنه لا خطط لإجلاء الأمريكيين من السودان في هذه المرحلة، لكنه أشار إلى أن واشنطن أوضحت للطرفين المتحاربين أن أي اعتداء على دبلوماسييها هناك “غير مقبول”.
وذكر كيربي أن قرار إجلاء الأمريكيين من السودان يعود للرئيس جو بايدن بتوصية من كبار المسؤولين في الخارجية والبنتاجون (وزارة الدفاع الأميركية)، في الوقت الذي أعلنت فيه وكالات أنباء عن مقتل أمريكي في اشتباكات السودان.
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة مقتل أحد موظفيها في السودان، حيث أوضحت أن مركبته علقت وسط اشتباكات وقعت اليوم الجمعة في مدينة الأُبَيّض غربي البلاد.
فيما قال وزير الخارجية الإسباني إن نحو 60 إسبانيا موجودون حاليا في السودان وكل شيء جاهز لإجلائهم عندما يكون ذلك ممكنا.

تكبيرات العيد تائهة وسط الرصاص
وأدى السودانيون اليوم الجمعة صلاة عيد الفطر المبارك وسط تصاعد حدة الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في أكثر من مدينة ومنطقة.
وفي العاصمة الخرطوم حيث تتركز المواجهات أدت مجموعات من السكان صلاة العيد في عدد من المساجد والساحات العامة في المدن الثلاث الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
وتعذر إقامة صلاة العيد في عدة أحياء في العاصمة بسبب التدهور الأمني واستمرار القصف المتبادل بين الجيش والدعم السريع، في حين بدا الوضع مختلفا في الولايات، لا سيما في المناطق التي خفت فيها حدة المواجهات أو تلك التي لم تشهد مواجهات أصلا.
ففي مدينة بورتسودان، ثاني أكبر مدن البلاد والواقعة على البحر الأحمر، أدى السكان صلاة العيد في أكثر من موقع.
وفي ولاية النيل الأزرق جنوبي البلاد، أدت جموع من المواطنين صلاة العيد في إحدى الساحات العامة بمدينة الدمازين عاصمة الولاية. وتناول خطيب الصلاة الأوضاع الراهنة في البلاد داعيا طرفَي الصراع إلى وقف الاقتتال.
