محادثات بلا نتيجة.. غروسي: قدرة إيران النووية لم تدمّر بعد

علي زم – طهران – مراسلين
في وقت لم يتبقَّ فيه سوى أيام قليلة على عودة العقوبات الأممية ضد إيران، ذكرت صحيفة «بوليتيكو» أنّ الجولة الأخيرة من المحادثات بين إيران والترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) لم تُحرز أي تقدّم. يأتي ذلك فيما أكد رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنّ إيران لا تزال قادرة على المضي في برنامجها النووي رغم الضربات الأميركية.
وانعقدت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إلى جانب كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، مساء الأمس الثلاثاء على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ونقلت «بوليتيكو» عن دبلوماسيين أوروبيين، أن هذه المحادثات لم تسفر عن أي تقدّم.
وشدد يوهان وادفول، وزير الخارجية الألماني، على أنّ «إيران يجب ألا تمتلك سلاحاً نووياً على الإطلاق»، مضيفاً: «فرص التوصل إلى حل دبلوماسي قبل دخول العقوبات حيّز التنفيذ ضئيلة للغاية».
وقال دبلوماسي فرنسي إنّه خلال مفاوضات الثلاثاء «لم يظهر أي مؤشر على وجود تسوية»، مضيفاً: «إيران لم تلبِّ الشروط. ومع ذلك، سنواصل المفاوضات حتى النهاية بهدف استكشاف كل الاحتمالات». وأضاف أنّ الكرة الآن في ملعب إيران.
من جانبها، قالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «لا يزال هناك متسع من الوقت للدبلوماسية، لكننا نقترب من الموعد النهائي، وعلينا أن نرى ما سيحدث. نحن بحاجة لرؤية خطوات فعلية من الجانب الإيراني».
وأشار عدد من الدبلوماسيين إلى أنّ المحادثات التي جرت يوم الثلاثاء لم تفضِ إلى أي تقارب ملموس. وكرّر وزير الخارجية الألماني تأكيده أنّ احتمالية التوصل إلى حلّ توافقي قبل تفعيل العقوبات تكاد تكون معدومة، فيما شدّد الفرنسيون على أنّ إيران لم تُظهر أي التزام بشروط الترويكا.
إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة، فإنّ عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران ستُعاد يوم السبت 27 سبتمبر بعد مرور عشر سنوات على تعليقها.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أنّه «خلال اجتماع يوم الثلاثاء طُرحت أفكار ومقترحات لمواصلة المسار الدبلوماسي، وتم الاتفاق على استمرار المشاورات».
بدورها، أوضحت وزارة الخارجية الألمانية أنّ الأوروبيين طالبوا إيران «باتخاذ خطوات عملية في الأيام المقبلة، وإن لم يكن في الساعات المقبلة، لتهدئة المخاوف المتعلقة ببرنامجها النووي».
وغادر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان طهران الثلاثاء متوجهاً إلى نيويورك، حيث من المقرر أن يلقي خطاباً يوم الأربعاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن المتوقع أن يركّز في كلمته على الملف النووي الإيراني.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه أمام الجمعية العامة يوم الثلاثاء إنّه سيجتمع الأربعاء مع نظيره الإيراني لبحث الملف النووي. وكان رافائيل غروسي قد صرّح سابقاً بأنّ ماكرون يحاول إقناع طهران باستئناف المفاوضات النووية مع واشنطن، وهو أحد شروط الترويكا الأوروبية لتمديد مهلة تنفيذ العقوبات.
هل لا تزال إيران قادرة على تصنيع قنبلة ذرية؟
وقال رافائيل غروسي في مقابلة مع صحيفة «تايمز» البريطانية يوم الثلاثاء إنّ إيران، رغم الضربات الأميركية والإسرائيلية، ما زالت تمتلك القدرة على تطوير برنامجها النووي.
وأوضح أنّ طهران لا تزال تملك الأدوات والقدرات اللازمة لصناعة أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، مضيفاً: «إنّهم يمتلكون هذه القدرات، وربما بقي عدد من أجهزة الطرد المركزي بمنأى عن الأضرار. كما أنّ لديهم مواقع لإنتاج أجزاء الطرد المركزي مثل الدوّارات ومكونات أخرى. وبالتالي، إذا أرادوا المضي، فإنّ المسألة مسألة وقت فقط».
وأشار إلى أنّ عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية التي توقفت بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية قد استؤنفت، لكن الوكالة لا تزال ممنوعة من الوصول إلى مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. وقال: «يبدو أنّهم يتعاملون بحذر شديد مع هذا المخزون، لأنّهم يعتقدون أنّه قد يكون عرضة لهجمات أخرى».
وأضاف أنّ رفع مستوى التخصيب من 60% إلى 90% للوصول إلى درجة التسليح «لن يستغرق وقتاً طويلاً، بل هو مسألة أسابيع وليس شهوراً أو سنوات».
وكانت الحكومة الأميركية برئاسة دونالد ترامب قد أعلنت أنّ الضربات الجوية على المنشآت النووية الإيرانية أخّرت برنامج طهران نحو عامين، غير أنّ غروسي شدّد على أنّ تحديد مدى التأخير بدقة أمر بالغ الصعوبة من دون إجراء عمليات تفتيش مباشرة.
وقال المدير العام للوكالة: «هذا الأمر نسبي بعض الشيء. البرنامج لم يعد بالشكل الذي كنّا نعرفه. نعم، يمكنهم إعادة بنائه، لكن ذلك يتطلب وقتاً طويلاً، ربما عدة سنوات. لكن ما إذا كان عاماً أو عامين أو ثلاثة يعتمد على حجم القدرات التي يسعون لإعادة بنائها».
يُذكر أنّ غروسي التقى بعباس عراقجي يومي الاثنين والثلاثاء في نيويورك. وجاء لقاؤهما يوم الثلاثاء بعد اجتماع الوفد الإيراني برئاسة عراقجي مع وزراء خارجية الترويكا الأوروبية.