مقالات

هل ستوقع سوريا اتفاق سلام مع إسرائيل؟

شبكة مراسلين
مقال بقلم: د. أحمد أحمد

كثرت التلميحات والتصريحات الإعلامية خلال الأشهر الماضية حول إمكانية انضمام سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية، وأن رفع العقوبات الأمريكية وتجميد قانون قيصر ورفع اسم هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب هو الثمن لمعاهدة سلام بين دمشق وتل أبيب.

حتى الآن لا توجد أي تصريحات قاطعة من أي طرف تؤكد قرب التوقيع على اتفاقية سلام أو تطبيع بين الدولتين، مع صدور بيانات من دمشق تقول أنها منفتحة على الانضمام إلى قافلة الاتفاقات الإبراهيمية ولكن توجد أراضي سورية محتلة تمنع حدوث ذلك، أي أن هناك ربط بين السلام والانسحاب الإسرائيلي من الجولان، ثم ظهرت تسريبات تتحدث عن موافقة سوريا على السلام رغم بقاء الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية كحديقة للسلام مع تعهد إسرائيل بعدم إحداث تغييرات ديمغرافية كبيرة عبر الامتناع عن تكثيف الاستيطان اليهودي فيها مع بقاء الوضع على ما هو عليه. 

هناك أيضاً تسريبات عن مفاوضات سرية فقط لإعادة صياغة اتفاقية فض الاشتباك لعام ١٩٧٤، مع تغييرات على حدود الاتفاقية بما يحقق أهداف إسرائيل الأمنية بعد تغولها الأخير داخل الأراضي السورية، ومثل هذه الاتفاقية لا تشمل السلام أو التطبيع، بل فقط حفظ الهدوء على تلك الجبهة من الجانبين كما كان في عهد الرئيسين السابقين حافظ وبشار الأسد.

من جانبها أعلنت إسرائيل عدة مرات بأنه لا انسحاب من الجولان في أي اتفاق سلام قادم مع سوريا، وبأن ضم الجولان إلى إسرائيل هو قرار نهائي لا عودة عنه.

بناءً على كل ما سبق فالحكومة السورية الحالية هي أمام ثلاث خيارات:

١- بقاء الوضع على ما هو عليه، وهذا احتمال ضئيل بناءً على الضغط الأمريكي وسيف إعادة فرض العقوبات في أية لحظة، كذلك من مصلحة سوريا وضع حد لاستمرار التغول الإسرائيلي داخل أراضيها، فعدم التوصل إلى أي صيغة جديدة توقف هذا التغول أو تحد منه هو ضد مصلحة سوريا التي لا تملك حالياً أية مقومات عسكرية لردع العدوان الإسرائيلي، حتى لو وصل إلى ساحة المرجة.

٢- الانزلاق باتجاه اتفاق تطبيع على غرار الاتفاقات الإبراهيمية، وعندها يقع النظام الجديد فيما وقع فيه إخوان المغرب بقيادة العثماني قبل عدة سنوات، مما يجعل هذا النظام يفقد ثقة الكثيرين ويحوله من مشعل أمل للنهضة إلى مشعل يحرق آمال الشعوب المقهورة التي تحلم بالحرية والعدالة.

٣- من الممكن فقط ان تعيد تفاهمات فض الاشتباك عام ١٩٧٤، مع تعديلات على حدود وقف إطلاق النار لصالح إسرائيل دون اتفاق سلام او تطبيع، وذلك لوضح حد للتوسع الإسرائيلي شرقاً، عملاً بمبدأ أهون الشرين حتى تستطيع سوريا الوقوف على قدميها.

إن السقوط نحو التطبيع مهما ساق له البعض من مبررات كرفع الحصار وبناء الدولة السورية لهو خيانة تستوجب عودة الثورة ضد النظام الجديد لتصحيح المسار، فالرضوخ لهكذا سقطة-إن حدثت- سيغير شكل المنطقة لعقود، وسيُفقد الكثيرين الأمل والثقة في أي تغيير، فلا هم وجدوا ضالتهم في القومية ولا البعثية ولا اليسار ولا اليمين ولا أصحاب اللحى، فماذا بقي لهم ليجربوا بعد كل هذا وذاك؟

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews