دنيا ودينسلايدرمقالات

الهجرة .. ومعاني الثورة الغائبة

بقلم – سامح لاشين

و” ما من نبي برز إلى التاريخ إلا كان ثائرا على مظالم الحكومة والمجتمع ، وما من نبي فكر قط في أن يتحدث إلى الشعب باللغة ” الصعبة …. بل لم يكن ليستطيع ذلك ، إذا كان مضطرا إلى أن ينقذ الشعب ، وإلى أن يدعوه إلى الثورة على الظلم والفساد باللغة التي يفهمها” .( سلامة موسى )

من المعاني المهمة التي يبتعد عنها رجال الدين ولا يتحدثون عنها إطلاقا ولا يحبون الاقتراب منها ” الثورة” فهو معنى غائب لديهم حينما يتحدثون عن الهجرة ، وذلك رغم أن الرسل والأنبياء حملوا في رسائلهم “ثورة “على كل مسلمات المجتمع سواء في العقيدة والعبادة ، وكذلك في القيم الاجتماعية والسياسية وهو ما جعل كل قوم يتصدى لرسائل التغيير التي حملها الرسل والأنبياء ويحاربون كل جديد يخالف مسلماتهم .

هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة للمدينة لأن قريش قاومت بشدة وعنف التغيير في العبادة ، والاقتصاد ، والسياسة “محمد “أراد أن يصنع مجتمعا جديدا يقلب فيه موازين الطبقية بالكامل فرفضوا كل هذا وتحمل محمد ما لا يتحمله أحد إلى أن هاجر من مكة و أستقر في المدينة ليضع بذور المجتمع الجديد.

الثورة للأسف معنى غائب في الهجرة في خطب رجال الدين والمشايخ لأنهم يرفضون الحديث عن هذا المعنى بل يقاومون مناقشة الفكرة ويرفضونها ، وذلك للأسف الشديد من منطلق ثبات مكتسباتهم والمبرر في ذلك جاهز ألا وهو أن الثورة دعوة للفوضى والفتنة ، ونسو تماما أن دعوة “محمد”صلى الله عليه وسلم ومن قبله جميع الأنبياء والرسل كانت ثورة على المجتماعات وكل ما تعيش فيه من أصنام الفكر والعقيدة فأرادوا أن يحرروا البشرية من هذه الوثنية فلا تحرر أو حرية بدون ثورة ومجاهدة لتحقيق العدالة والمساواة وهنا يقول سلامة موسى في كتابه الثورات تظهر طبقة جديدة من المتفقهين في الدين ينتفعون ويرتزقون منه ، وهم يكافحون في ذلك كل تغيير في المجتمع أو الحكومة ، لأن تغيير المبادئ والأسس القائمة يحتاج إلى رجال جدد والى انتقال السلطة والرزق من طبقة قديمة إلى طبقة جديدة ولذلك كان رجال الدين على الدوام محافظين ولا يمكن أن يكون بينهم ثائر واحد وإذا وجد فإنه يخرج من حظيرتهم أو يعدم ، وهذا هو معنى الاضطهاد الديني الذي سفكت دماء الألوف بسببه في جميع الأديان.

وأختتم بما قاله سلامة موسى و”جميع الأديان، جميعها بلا استثناء، نشأت للثورة على أخلاق المجتمع، فهي في صميمها ثورات؛ لأن النبي كان يجد من الفساد واللؤم والقسوة والظلم ما كان يثير في نفسه الغضب والشهامة والكفاح لتغيير هذه الأخلاق إلى ما يناقضها من الصلاح والحب والرحمة والعدل، ولذلك كان المجتمع يضطهده، كما كانت الحكومات التي يؤلفها هذا المجتمع تعارضه وتطارده، ومن هنا كفاح الأنبياء هذا الكفاح الذي يجعل من حياة كل منهم قصيدة عالية في الشرف والشهامة والسمو”.

ومن هنا ايضا جاءت فكرة الهجرة في صميم الدعوة للحرية ورفض العبودية لغير الله وكل مظاهر الاستغلال والقهر ليكون الانطلاق من مجتمع المدينة للفتح الكبير في مكة صلوات الله على محمد صلى الله عليه وسلم

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews