كيف قلبت ميزة إكس الجديدة موازين العالم الرقمي؟

علي زم – مراسلين
أثارت الميزة الجديدة التي أطلقها تطبيق “إكس” (تويتر سابقًا)، والتي تكشف الموقع الجغرافي التقريبي لنشاط المستخدمين، موجة واسعة من الجدل والفضائح حول العالم؛ من انكشاف حسابات كانت تبدو أمريكية لكنها تدار من نيجيريا وباكستان، إلى حسابات مؤيّدة لاستقلال اسكتلندا اتضح أن مصدرها إيران. وفي الوقت نفسه، ارتفعت في إيران الأحاديث حول «الإنترنت الطبقي»، وفي عالم العملات المشفّرة تصاعد القلق مما يُوصف بـ«الكشف القسري عن الهوية».
وأطلق إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لمنصة إكس، هذه الميزة الجديدة التي تكشف موقع المستخدمين، وقد تسببت خلال الأيام الثلاثة الماضية في إشعال سجال دولي. في إيران مثلاً التي تحجب منصة إكس، أظهرت هذه الميزة من هم “الإيرانيون المستفيدون من الإنترنت غير المقيّد”؛ ما أعاد الجدل حول بطاقات الاتصال التي يدعوها الإيرانيون “خط اتصال أبيض” (أي خطوط لا يوجد عليها قيود أثناء تصفح الإنترنت ومواقع التواصل) والإنترنت المخصص لطبقات وأشخاص معينين. لكن القصة لا تقف عند إيران فحسب.

ما هذه الميزة؟
الميزة الجديدة في إكس تحمل اسم «About This Account» (حول هذا الحساب)، وتعرض الموقع التقريبي للمستخدم، مع توضيح إمكانية تغيّره بسبب «السفر أو التنقّل المؤقت».
وقال نيكيتا بير، مدير المنتجات في إكس، إن الخطوة تأتي في إطار تعزيز الشفافية والتحقق من أصالة المحتوى.
ما الجدل الدائر في الولايات المتحدة؟
في الولايات المتحدة، أظهر الكشف عن مواقع المستخدمين أن بعض الحسابات التي تقدّم نفسها بوصفها داعمة بشدة لدونالد ترامب وحركة «MAGA» (لنجعل أمريكا أولًا)، تُدار في الواقع من خارج البلاد.
ويرى خبراء الأمن السيبراني في الولايات المتحدة أن هذه الميزة تؤكد ما لطالما حذّر منه مسؤولو الأمن وهو الحسابات المزوّرة في مواقع التواصل والتي قد تتحول إلى أدوات للتأثير الخارجي على الرأي العام.
وتبين أن حسابًا يتجاوز عدد متابعيه 50 ألفًا ويستخدم علم الولايات المتحدة في اسمه وينشر محتوى مؤيدًا لترامب، يدار فعليًا من نيجيريا.
كما أن حسابًا يحمل اسم المستخدم @American يُشغَّل من باكستان.
أما عدة حسابات ادعت أنها «نساء وطنيات مؤيدات لترامب» واستخدمت وسومًا مثل #MAGA و#Patriots، فاتضح أنها تُدار من تايلاند.
بل إن صفحة ادعت أنها «أكبر صفحة معجبين بإيفانكا ترامب» كانت تعمل من نيجيريا.
ومن اللافت أن بعض هذه الحسابات اختفت خلال الأيام الماضية.
ماذا يحدث في الهند؟
نشرت صحيفة «إنديا توداي» تقريرًا يفيد بأن عدة حسابات على منصة إكس كانت تبث روايات سياسية ودعائية موجّهة، تُدار من خارج الهند—غالبًا من باكستان أو غرب آسيا.
ووفق التقرير، فقد كانت حسابات تنشر محتوى حول قضايا سياسية ودينية حساسة تُدار من غرب آسيا أو السعودية، واستخدم بعضها أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد منشورات تبدو محلية تمامًا.
ما الذي جرى في اسكتلندا؟
ترتبط القضية في اسكتلندا بإيران. فقد زعمت وسائل إعلام اسكتلندية أن بيانات منصة إكس كشفت أن مجموعة من الحسابات المؤثرة التي قدمت نفسها كناشطين مؤيدين لاستقلال اسكتلندا، كانت تُدار من داخل إيران.
الميزة الجديدة جاءت لتؤكد تقريرًا سابقًا نشرته مجلة “UK Defence Journal”. إذ قالت المجلة إن حسابات كانت تبدو داعمة لاستقلال اسكتلندا، تستخدم رموزًا وصورًا ولغة محلية، لكن سلوكها الرقمي لم ينسجم مع سلوك المستخدمين الحقيقيين.
وأفاد التقرير أنه خلال انقطاع الإنترنت في إيران بالتزامن مع الأحداث الداخلية الأخيرة، اختفت هذه الحسابات مؤقتًا ثم عادت للنشاط بعد عودة الاتصال. حينها كانت هذه مجرد مؤشرات غير مؤكدة، لكن الميزة الجديدة جاءت لتعزز هذه الفرضية.
ماذا يقول مجتمع العملات المشفّرة؟
حذّر مستخدمون في مجال العملات الرقمية من أن الميزة قد تخلق مخاطر أمنية خطيرة؛ إذ إن إظهار دولة المستخدم قد يسهّل استهداف المستثمرين الكبار (الحيتان)، خصوصًا في الدول التي تنتشر فيها جرائم تتعلق بالعملات المشفرة.
فيتاليك بوتيرين، أحد مؤسسي عملة «إيثريوم»، حذّر من الميزة الجديدة، واصفًا إياها بأنها «خطيرة» و«ثغرة في الخصوصية».
وقال إن الكشف عن موقع المستخدمين من دون موافقتهم «خطأ»، حتى لو كان الموقع تقريبيًا. فبالنسبة لبعض المستخدمين، قد تمثل هذه المعلومات المحدودة خطرًا—خصوصًا في بيئات سياسية أو اجتماعية أو مالية حساسة.
أما هايدن آدامز، مؤسس «يوني سواب» وهي منصة لتداول العملات الرقمية، فاعتبر أن الخطوة تمثل نوعًا من «الكشف القسري عن الهوية». وقال: «الكشف عن الهوية إذا كان اختياريًا يمكن تقبّله، لكنه حين يتحول إلى إلزام، يصبح أمرًا غير أخلاقي».





