قطر تطلق «بيئتين تجريبيتين» للذكاء الاصطناعي والواقع الممتد لتعزيز منظومة الابتكار

عبدالله الحبابي – مراسلين
الدوحة أعلنت السلطات القطرية خلال فعالية تكنولوجية رفيعة المستوى عن إطلاق مبادرتين عمليتين لدعم البحث والتجريب في مجالَي الذكاء الاصطناعي والواقع الممتد (الـXR). تهدف المبادرتان إلى توفير فضاءات آمنة للمطورين والشركات الناشئة لاختبار حلول تقنية متقدمة قبل تعميمها في القطاعات الخدمية والصناعية.
تقوم الفكرة على إنشاء ما يشبه «مختبرات تجريبية» (Sandboxes) برمجية وبنية تحتية متكاملة تتيح للمشاركين بناء نماذج أولية، وتشغيل اختبارات أمنية وتشغيلية، والاطلاع على أدوات متقدمة لتسريع تطوير المنتجات. وتُقدَّم هذه البيئات بالشراكة مع جهات استشارية وتقنية دولية، وتستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومراكز الأبحاث، والجهات الحكومية الراغبة في تجربة تطبيقات محلية قبل نشرها على نطاق واسع.
تُركز بيئة التجريب الأولى على حلول الذكاء الاصطناعي القابلة للاستخدام في مجالات مثل الصحة والتعليم والمدن الذكية، بينما تهدف البيئة الثانية إلى اختبار تطبيقات الواقع الافتراضي والمعزَّز التي يمكن أن تخدم التدريب المهني، والتسويق السياحي، وتجارب المستخدم في الخدمات الحكومية. وتتيح المنصتان أدوات تطوير قليلة البرمجة (Low-code/No-code) لخدمة فرق غير متخصصة في البرمجة التقليدية، مع إمكانية الوصول إلى خدمات سحابية وأطر عمل متقدمة.
أبرز مسارات الشراكة تمثّلت في تعاون حكومي مع كيانات استشارية وتكنولوجية دولية لتوفير الخبرات والمنصات السحابية والبنية التحتية اللازمة للاختبارات. وأكد منظّمون أن الهدف ليس فقط دعم الأفكار المحلية بل تسهيل انتقالها إلى منتجات قابلة للتسويق، وجذب استثمارات تقنية، وبناء قدرات بشرية متقدمة في سوق العمل الرقمي.
من الناحية الاقتصادية، من المتوقع أن تسهم هذه المبادرات في تحفيز قطاع الشركات الناشئة، وتوفير فرص تدريبية ووظيفية جديدة، إضافة إلى دعم جهود تنويع الاقتصاد عبر زيادة مساهمة الخدمات الرقمية في الناتج المحلي. كما تندرج الخطوة ضمن تحركات أوسع في المنطقة لتوسيع الاستثمارات في التقنيات المتقدمة؛ إذ تشير تقارير قطاعية إلى زيادات ملحوظة في الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
مع ذلك، يشير متخصصون إلى أن أثر هذه البرامج يتوقف على ربط مبادرات الاختبار بسلسلة متكاملة من السياسات: دعم تمويلي طويل الأمد، إطار تنظيمي واضح لحماية البيانات والخصوصية، وبرامج لتوطين المهارات. كما أن القدرة على جذب شراكات صناعية وتحويل النماذج الأولية إلى منتجات تجارية ستحدد نجاح المبادرة على المدى المتوسط.
في ختام الأمر، تضع هذه الخطوة دولة قطر ضمن محاولات إقليمية لتسريع التحول الرقمي وبناء منظومة ابتكار وطنية، مع إمكانية أن تصبح بيئة التجريب نموذجًا يُحتذى به إذا ما تزامنت مع سياسات داعمة لتمويل وتمكين الشركات المحلية وتحفيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.



