تقارير و تحقيقات

السودان بين الحرب والتحول الرقمي: كيف تصبح التكنولوجيا جسر النجاة للمواطنين؟

ممدوح ساتي- مراسلين

في خضمّ واقعٍ مضطرب يتسم بالحرب والاضطرابات وانقطاع الطرق، جاء خبر لقاء وزير التحول الرقمي والاتصالات السوداني، المهندس أحمد درديري غندور، بنظيره الصيني لي ليشينق على هامش منتدى التعاون الرقمي الصيني الأفريقي بأديس أبابا، ليحمل دلالة تتجاوز حدود البروتوكول الدبلوماسي.

فالسودان، الذي يعيش واحدة من أعقد أزماته، يرفع راية التحول الرقمي كخيار استراتيجي لا يقل أهمية عن جهود وقف الحرب نفسها، عبر مشاريع طموحه تقودها الوزارة المختصه ، وزارة التحول الرقمي والاتصالات.

حوكمة ذكية في زمن الحرب

في ظل واقع الحرب، تعجز الكثير من الأسر عن الوصول إلى الخدمات الحكومية، إذ تحاصر المخاطر الطرق، وتتساقط البنى التحتية واحدة تلو الأخرى.
هنا تظهر قيمة الحوكمة الذكية التي لا تحتاج إلى نوافذ مبانٍ أو موظفين خلف مكاتب، بل منصات إلكترونية قادرة على خدمة المواطن أينما كان.

ولعلّ اللقاء السوداني الصيني الأخير ، والصداقة والشراكات الحيوية القديمه والمتجدده ، وفي مجال البنية التحتية للاتصالات، يمكّن السودان من القفز خطوات إلى الأمام، مستفيداً من موقعه الجغرافي الفريد الذي يربط أفريقيا بالمنطقة العربية والعالم.

أرقام تكشف حجم الفجوة

حتى مطلع 2025، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في السودان 14.6 مليون شخص فقط، بنسبة انتشار لا تتجاوز 28.7% من السكان.

هذا يعني أن نحو 7 من كل 10 سودانيين ما زالوا خارج الفضاء الرقمي، بلا وصول فعّال إلى الإنترنت والخدمات الرقمية.

ورغم ذلك، تُغطي شبكات 4G حوالي 59% من السكان، ما يفتح الباب أمام توسع أكبر حال توفر استثمارات ذكية.

التعليم الرقمي.. جواز عبور لمستقبل الأطفال

الحرب لا تعطل فقط الخدمات الحكومية، بل تضرب في العمق أهم ركائز التنمية:
التعليم ، آلاف المدارس أُغلقت أو تضررت، وملايين الأطفال وجدوا أنفسهم بلا مقاعد دراسية.

في هذا السياق، جاء مشروع جواز سفر التعلم Learning Passport ، الذي أطلقته اليونيسف بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم السودانية منذ 2021، ليكون مدرسة رقمية متنقلة تصل إلى الأطفال في أي مكان.

المنصة تشمل المقررات المدرسيه، مرفقة بفيديوهات واختبارات وأدوات تفاعلية.

تُتيح الدراسة عبر الإنترنت وأحياناً دون اتصال (offline)، بما يجعلها مناسبة حتى للمناطق التي تعاني من انقطاع الشبكة.

تشير تقديرات اليونيسف إلى أن أكثر من 3.6 مليون طفل خارج المدرسة يمكن أن يستفيدوا من هذا المشروع.

بالفعل، استفاد منه حتى الآن أكثر من 76 ألف تلميذ في السودان، ونجح في أن يحفظ استمرارية التعلم رغم النزاع.

بهذا المعنى، لم يعد التعليم رهينة الفصل الدراسي أو المدينة الآمنة؛ بل صار جواز عبور رقمي نحو مستقبل أكثر استقراراً.

خيط واحد يربط الحكاية:
خدمة المواطن أولاً

عند النظر إلى الحدثين معاً (تعزيز التحول الرقمي، ومشروع وزارة التربية للتعليم الرقمي )
نكتشف أن الهدف واحد:
تحسين ظروف حياة المواطنين رغم الحرب.

الحوكمة الذكية تتيح للمواطن أن يُنجز معاملاته بلا سفر ولا مخاطرة.

التعليم الرقمي يمنح الطفل حقه في التعلم حتى في بيئة نزاع.

كلا المسارين يضع التكنولوجيا كأداة مقاومة بيد الناس، تعزز صمودهم اليوم، وتفتح أمامهم غداً جديداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews