
تقرير : علي زم / طهران
نشرت مجلة «إيكونوميست» البريطانية مقالا تحليليا تناول موقف الدول الخليجية بعد الاعتداء الإسرائيلي على قطر. ووفقاً لما ورد في المقال، فإن هذه الدول لا تملك أدوات واسعة للضغط على حكومة نتنياهو، ولذلك تأمل أن تتمكن من ممارسة الضغط على أقرب حلفائه، أي الولايات المتحدة.
وأشار المقال إلى تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي أدان انتهاك سيادة قطر من جانب إسرائيل، في وقت كانت إيران نفسها قد نفذت قبل أشهر هجمات على قاعدة عسكرية أميركية في قطر. واعتبر أن القمة العربية والإسلامية التي استضافتها الدوحة لدعم قطر لم تخلُ من التناقض.
ومع ذلك، ورغم هذه التناقضات، فقد أظهرت قمة الدوحة دعماً واسعاً لقطر. فقد أجمع جميع المشاركين على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية، لكنهم لم يتفقوا على خطوات عملية ملموسة.
فعلى سبيل المثال، دعت إيران إلى تشكيل «ناتو إسلامي»، وهو مقترح لم يلقَ اهتماماً جدياً من كثير من الدول العربية بسبب مخاوفها من النفوذ الإيراني.
أما قطر، فهي بمفردها لا تملك القدرة على الرد عسكرياً أو ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل. وبحسب تحليل إيكونوميست، فإنها تكتفي بخطوات رمزية مثل طرح القضية في مجلس الأمن أو إحالتها إلى محكمة العدل الدولية.
كما أن ردود أفعال بقية الدول العربية حتى الآن كانت محدودة. فقد اقتصرت الإمارات على إجراءات مثل استدعاء دبلوماسي إسرائيلي ومنع مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض دبي للطيران، لكنها لم تُبد رغبة في قطع علاقاتها مع تل أبيب. أما مقترحات أخرى مثل إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية فلم تدرج في البيان الختامي.
ويرى بعض المحللين الغربيين أن القمة لم تكن سوى عرض رمزي، في حين يعتبر دبلوماسيون من دول الخليج أن الهجوم على قطر كان تهديداً مباشراً لأمنهم الجماعي.
وبحسب ما ورد في مقال المجلة البريطانية، فإن المشكلة الجوهرية تكمن في أن الدول العربية لا تملك أدوات ضغط حقيقية على حكومة نتنياهو، ولذلك تعوّل على قدرتها في التأثير على واشنطن.
فمنذ عقود قامت علاقة الولايات المتحدة بدول مجلس التعاون الخليجي (قطر، السعودية، الإمارات، الكويت، عمان والبحرين) على معادلة بسيطة: الأمن مقابل النفط والغاز والاستثمارات.
غير أن الهجمات المدعومة من إيران على السعودية عام 2019 وعلى الإمارات عام 2022، التي لم تلقَ رداً حازماً من واشنطن، أضعفت ثقة هذه الدول في تلك المعادلة.
واليوم، تطالب حكومات الخليج بضمانات واضحة بألا تقدم إسرائيل على مهاجمتها مجدداً، بل وتسعى إلى صياغة معاهدة أمنية أكثر رسمية مع الولايات المتحدة.
وأضافت إيكونوميست أن رفض واشنطن تقديم مثل هذه الضمانات قد يدفع هذه الدول إلى البحث عن أوراق ضغط، رغم صعوبة استخدامها. فالتلويح بشراء أسلحة من روسيا أو الصين يحمل تحديات تقنية ومخاطر سياسية، غير أن التوجه نحو شراء الأسلحة من حلفاء أميركا أو تطوير الصناعات العسكرية المحلية يتزايد.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يمكنها أن تقلّص من استثماراتها الموعودة داخل الولايات المتحدة، رغم أن ذلك سيضر بمشروعات التنمية الداخلية لديها.
وبعد عامين من الحرب، تشعر دول الخليج بالغضب إزاء الوضع في غزة، والقلق من السياسات الإسرائيلية في سوريا، والخشية من احتمال مواجهة مباشرة مع إيران، وتريد من الولايات المتحدة أن تحسم خيارها، إما الاستمرار في التحالف مع الحكومات العربية الثرية، أو المضي في دعم غير مشروط لنتنياهو الذي يواجه انتقادات حتى داخل إسرائيل.